المشاركات الشائعة

الاثنين، 22 أغسطس 2011

درس عظيم ورثناه
(برومثيوس بين غوته الألماني ولورد بايرون الإنجليزي)
(عن الألمانية والإنكليزية)
ترجمة بهجت عباس العراق/كندا)
برومثيوس Prometheus
يوهان فولفغانغ غوته
( 1749 – 1832 )
Prometheus( كان برومثيوس ، أحد الجبابرة في الأساطير اليونانية ، قد سرق النار من الآلهة وأعطاها البشر ، فعاقبه زيوس ، كبير الآلهة، بربطه إلى صخرة مرسلاً إليه عقابَ الجو يأكل كبده في النهار ويقوم زيوس بتجديدها في الليل. في هذه القصيدة التي نظمها غوته عام 1774، والتي هي جزء من مشروع مسرحية لم يكتمل ، برومثيوس يخاطب زيوس ، ويظهر أنّ العقاب جاء بعد الخطاب !).
غط ِّ سماءك يا زيوس
بسد يم غيوم
وتمرّنْ ، مثلَ الغلام الذي يحصد رؤوسَ الأشواك ،
على شجر السِّنديان ومرتفعات الجبل !

ولكن رغم هذا يجب
أن تترك لي أرضي
وكوخي الذي لم تبنه
وموقدَ ناري
الذي تحسدني على ناره المتوهِّجة.

لا أعرف شيئاً أشدَّ بؤساً منكم
تحت الشمس أيتها الآلهة !
أنتمْ تغذّ ون هيبْتكم شَظَفاً
من القرابين المفروضة
وتراتيل المصلّين ،

ولسوف تتضوّرون جوعاً،
إذا لم يكنْ ثمة أطفال وشحّاذون
حمقى أمل وخاذ.

عند ما كنت طفلاً ،
لم أفهمْ شيئاً من آخر ،
أجَلْتُ بعيني الزائغة
نحو الشمس ، كما لو كان هناك
أ ُذن لتسمع شكواي ، وقلب كقلبي ،
ليزيح عني الشَّدائدَ.
من الذي ساعدني
من طغيان الجبابرة ؟
من الذي أنقذني من الموت ،
من العبودية ؟
ألمْ تنجزْ كلَّ شيء بنفسك ،
يا قلبي المقدّس الوهّاج؟
وفي وهج شبابك وعطائك.
خدعتَ ، ألم تسبل شكر النجاة
على النائم في الأعالي ؟

أأُبجلكَ ؟ لأيِّ شيء ؟
هل سكنتَ آلامي
عند ما كنت أعاني ؟
هل كفكفتَ عَبراتي
عندما كنت ُ مكروباً ؟
ألم يسبكني إلى الطبيعة البشرية
الزمن الجبّار
والمصير الأزليّ ،
سيَّدايَ وسيِّداك ؟

هل تتصوَر ربما ،
أنني سأكره الحياة
أهرب إلى الصحارى ،
لأنْ ليس كلّ
أحلامي المتبرعمة آتتْ أ ُكُلَها ؟

هنا أجلس أنا ، وأصنع أناساً ،
حسب مخيَّلتي ،
جنساً يكون شبيهاً بي،
ليعاني، ليبكي،
ليتمتع وليكون سعيداً ،
ولا يعيرك اهتماماً
مثلي !

برومثيوس
لورد بايرون
(1788-1824)
لورد بايرونأيها الجبّار ! الذي في عينيْه الأزليّتيْنْ
تُرى آلامُ الموتِ ،
على حقيقتها الكئيبة ،
حيث ليسَتْ هي كأشياءٍ تزدريها الآلهةُ ؛
ماذا كانتْ إثابةُ معاناتِكَ ؟
مكابدةً صامتةً ، صلابةً ؛
الصَّخرةَ ، العُقابَ ، والقيْدَ ،
كلّ ُ ذاك يقدر الشّامخُ أنْ يُحسَّ من الألم ،
الأسى الذي لا يُرِيَّنَه ،
شعورُ المعاناة الخانقُ
الذي ينطقُ ولكنْ في عزلته ،
وحسودٌ مخافةَ أنْ يكونَ للسّماء مُصغٍ ، ولا يتأوّه
حتّى يكونَ صوتُه دون صدى.

الجبّارُ! إيّاكَ أ ُعطِيَ النِّضالُ
بين المعاناة والإرادة،
اللتين تعذّبان من حيث لا تستطيعان ان تقتلا؛
والسَّماءُ المتعنِّتةُ ،
وطاغي القدر الأصمّ ُ،
أصلُ الكراهية الحاكمُ
الذي خلق لمرحه
الأشياءَ التي قد تُفني ،
رفضَ حتّى استرحامَك للموتِ ؛
الأبديّةُ الهديّةُ التّعيسةُ
كانتْ لكَ – وأنتَ تحمّلتَها جيّداً.
كلّ ذاك أخذ الرّاعد منكَ بعد أنْ لَواك وعصرَكَ
ولكنّ الوعيدَ الذي بَقِيَ لك ألقى عليه
تباريحَ آلةِ تعذيبكَ ؛
المصير يُخبِرُ ما تنبّأتَ به جِدُّ كبيرٍ
ولكنْ سوف لا يهدّئه ؛
وفي صمتك كانتْ إدانتُه ،
وفي روحه ندم لا يُجدي ،
وشرّ ٌ مخيف بِتَكلّفٍ عليلٍ
ذلك أنَّ البروقَ ارتعشتْ في يده.

جريمتك السَّماوية كانت أن تكونَ رحيمةً ،
لتسديَ أقلَّ بمبادئك
مجموعَ الشَّقاء البشريّ
وتقوّيَ الإنسانَ بعقله الذي يمتلكه ؛
ولكنّه مُبَلبَلٌ لكونه من أعلى،
لاتزال في حيويّتك الصابرة.
في التحمّلِ، ودرءٍ
لروحكَ التي لا يُنفَذُ إليها ،
التي ما استطاعت الأرضُ ولا السّماءُ هزَّها ،
درسٌ عظيمٌ ورثناه:
إنَّك رمز وعلامةٌ
إلى أمواتٍ لمصيرهم ومقدرتهم ؛
مثلُكَ ، المرءُ في جزء إلهي ،
نهرٌ مضطربٌ من منبع نقيّ ؛
والإنسان في مراحلَ يستطيع أن يتوقّعَ
مصيرَه الجّنائزيَّ ؛
تعاستَه ومقاومتَه ،
ووجودَه البائسَ المُتفكِّكَ ،
إلى ما قد تعارضُ روحُه
ذاتَها - وتعادل كلَّ المُكابدات ،
وإرادة متماسكة ، وإحساس عميق ،
حتّى في التعذيب يستطيع أنْ يرى
مكافأتَه المركَّزةَ الخاصّة ،
منتصراً يتحدّى بجرأةٍ
ويجعل الموت نصراً.

لورد بايرون كان لورد بايرون معجباً برواية (برومثيوس المربوط) التي كتبها أيشيلوس Aeschylus (525 – 456 ق.م.) ، أحد الرواة الإغريقيين الثلاثة المشهورين ، والآخران هما سوفوكليس ويوريبيدس. تتلخص قصة بروميثيوس بأنه، كأحد الجبابرة الذين خدموا زيوس ، ابن زحل وكبير الآلهة ، رُبط بالسلاسل إلى صخرة في جبال القفقاس وجُعل النسر يأكل كبده نهاراً، وزيوس يستبدلها ليلاً عقاباً له على تحدّيه بإعطائه البشر النارَ.
كان الجبابرة رمزاً للثورة أو مقاومة الطّغيان في القرن التاسع عشر في أوروبا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق