نثرت كأيِّ راوٍ في الأسواق الأسبوعية شذرات الحكاية لأتابع سيري وصدى صمتي يردد بين حشود الحاضرين.. معذرة..معذرة يا حضار ..يا كرام ذُبِحَ ظل مدادي على ستائر المنتديات فتهت اكرر البداية....
المشاركات الشائعة
-
موسى بن الحسن الصوفي المجاهد يعتبر الشيخ سيدي موسى بن الحسن الدرقاوي مؤسس الطريقة الموساوية بالجزائر، الشهيد خلال تعاقب المقاومات الشع...
-
الطالبة قسوم الطالبة حرواش في إطار الاحتفال السنوي بعيد العلم الموافق ل16 ابريل من كل عام نظم ...
-
Glossary of Poetic Terms by: Ian Lancashire, Department of English, University of Toronto Version 3.0 A Acatalectic: see Cata...
-
نظمت ابتدائية بن بوزيد محمد حفلا ‘احتفاء –كما جاء في مداخلة مدير المؤسسة-بيوم العلم وعيد العمال ويوم 8 ماي المخلد لمجازر سطيف خراطة قا...
-
هذا يهمك/محرك البحث الصحي وأشهر المواقع الصحية …كل ما تريده عن صحتك Posted: 12 Oct 2011 08:42 AM PDT قال تعالى:وَنُنَزِّلُ مِنَ الْق...
-
جمعية الأدارسة للفن و التراث بالادريسية تحيي الذكرى المزدوجة ليوم الشهيد ومعركة سردون18/19 فيفري ارتأت جمعية الأدارسة بقيادة رئيسها السيد ...
-
شهدت مدينة الادريسية أجواء استثنائية مساء هذا السبت المتخم بحرارة شديدة حيث شدت المدللة الكأس الرحال لتحط على ملعب بوعجينة ...
الأربعاء، 31 أغسطس 2011
الثلاثاء، 30 أغسطس 2011
انقطعت الكهرباء ووجدتني امام شمعة تضيئ غرفتي راقصة فكانت هاته الكلمات ..
/ ياشمعةًً
يا شمعةً تذوي رويدًا في يدي
غمراتُ بعثٍ هزَّ طيف ظِلالها
ياشمعةً تنثالُ كيْما ينْتشي نور الأصيل
ويرْتدي عبَقَ الخيالِ..
أسيرَ دُجنة ليلةٍٍ
يمضي بصحبة فرقد.
يا شمعةً وَتري يُسامر رقْصَها
حرفي يغازل وحيها
تُفضي بصمتٍ واصبٍ.
يا سرّ خالقنا
وآية ساربٍ لم يهتد.
عانقت سِرب تمايل الأنوارعجلى
سدرة للمُرْتجى.
يا شمعةًًًً باحت لنا أسرارَها
عندي هُزال العاشق الولهان يا خجلى
ترانيم الشجى
ومضات غيبٍ في الدنا
تزَّاورالاشياء من فيضٍِ سجى
يا جذوةً تأتي الرّدى في لذَّةٍ
فتُناغم الخفْق المُدارى
عابرا همس الدجى
يا شمعةًًًً ًااكاتمُ الصمت الغريب
فيختفي بين الضلوع ودمعةٍ
تفشى المواجع في دمي؟؟؟؟
ومُكاشفا حرف الجوى
بوْح السهارى..
سحر سوسنة الهوى..
نزف التراتيل العِذابْ..
حزن السحابْ..
لحنا شدي
يا فتنة العمر القصير
وغفلة تُنهي الشبابْ
أنت الحقيقة موتها وأد السرابْ
يا شمعةًًًًً
ها عِشْتِ تحتضرين شامخة
بنشوة زاهد بين الندى
وأنا.. هنا عبد الأرقْ
أحكي لمئذنة الصّبا
سِفْر تراويح القلقْ
يا شمعة
ساءلْتُها ريحانة العمر الغريق وراحتي
يا رمشة تحيى ..تموت بفرحة
"فعلام تشتعلين في دعةٍ علام؟؟
يذوب خصرك فاتنا
إن كانت الدنيا وداعْ..؟"
قوادري علي
/ ياشمعةًً
يا شمعةً تذوي رويدًا في يدي
غمراتُ بعثٍ هزَّ طيف ظِلالها
ياشمعةً تنثالُ كيْما ينْتشي نور الأصيل
ويرْتدي عبَقَ الخيالِ..
أسيرَ دُجنة ليلةٍٍ
يمضي بصحبة فرقد.
يا شمعةً وَتري يُسامر رقْصَها
حرفي يغازل وحيها
تُفضي بصمتٍ واصبٍ.
يا سرّ خالقنا
وآية ساربٍ لم يهتد.
عانقت سِرب تمايل الأنوارعجلى
سدرة للمُرْتجى.
يا شمعةًًًً باحت لنا أسرارَها
عندي هُزال العاشق الولهان يا خجلى
ترانيم الشجى
ومضات غيبٍ في الدنا
تزَّاورالاشياء من فيضٍِ سجى
يا جذوةً تأتي الرّدى في لذَّةٍ
فتُناغم الخفْق المُدارى
عابرا همس الدجى
يا شمعةًًًً ًااكاتمُ الصمت الغريب
فيختفي بين الضلوع ودمعةٍ
تفشى المواجع في دمي؟؟؟؟
ومُكاشفا حرف الجوى
بوْح السهارى..
سحر سوسنة الهوى..
نزف التراتيل العِذابْ..
حزن السحابْ..
لحنا شدي
يا فتنة العمر القصير
وغفلة تُنهي الشبابْ
أنت الحقيقة موتها وأد السرابْ
يا شمعةًًًًً
ها عِشْتِ تحتضرين شامخة
بنشوة زاهد بين الندى
وأنا.. هنا عبد الأرقْ
أحكي لمئذنة الصّبا
سِفْر تراويح القلقْ
يا شمعة
ساءلْتُها ريحانة العمر الغريق وراحتي
يا رمشة تحيى ..تموت بفرحة
"فعلام تشتعلين في دعةٍ علام؟؟
يذوب خصرك فاتنا
إن كانت الدنيا وداعْ..؟"
قوادري علي
الأحد، 28 أغسطس 2011
جمالية ق ق ج: ملامح في التشكل |
الكاتب: براهمة سلمى | |
رغم أن سؤال الملتقى وشعاره هو جمالية القصة القصيرة جدا،لابد من طرح سؤالين هامين قبل هذا السؤال : أولا:سؤال انتهى إليه عبد الدايم السلامي في كتابه "شعرية الواقع في القصة القصيرة جدا" وهو هل يجوز اعتبار ما يسميه بعض الكتاب الجدد قصة قصيرة جدا جنسا أدبيا ذا أشراط كتابية مخصوصة تمنحه الانمياز عن باقي أنواع القص التي تزخر بها مدونة النثر العربي ؟ هل تتوفر القصة القصيرة جدا على ملامح تجعل منها بنية لغوية ذات وحدة معنوية تمكنها من حق" المواطنة" في الحقل السردي؟ 1 ثانيا:لماذا القصة القصيرة جدا ،هل أدرك شهرزاد الصباح سريعا، أم أن شهريار القرن الواحد والعشرين لم تعد تأسره الحكايات الطويلة ؟ بمعنى آخر، هل هي تلبية لحاجة لدى المتلقي أم لحاجات تخص القاص نفسه ؟أي أن المسألة في عمقها مرتبطة بسيرورة ذوقية جمالية من جهة ، وتاريخية اجتماعية اقتصادية من جهة ثانية ؟ ولابد هنا أن نأخذ على محمل الجد قول القاص الفنزويلي، لويس بريتو غارسيا : "نمر بسرعة من دراما الكتاكالي التي تدوم عرضها ثلاثة أيام ،إلى التراجيديا الإغريقية التي تستمر ليلة كاملة ،إلى الأوبرا التي تستغرق خمس ساعات ،إلى الفيلم الذي يدوم ساعة ونصف ، إلى حلقة المسلسل من عشرين دقيقة ،إلى الفيديو كليب من خمس دقائق، إلى الوصلة الإشهارية من عشرين ثانية، ثم القصة القصيرة جدا من ثانية واحدة "2 وأخيرا نصل إلى السؤال الذي له علاقة قوية بالسؤالين السابقين، وهو محور جلستنا اليوم:أين تكمن جمالية القصة القصيرة جدا ،في لغتها الكثيفة ،في انزياحيها عن المعنى أو اختفائه تماما ؟ في كثرة الحذف والتخلص من الزوائد المثقلة لكاهل السرد؟في الإيجاز والقصر الشديد ؟ في البناء المحكم والتركيب المقتصد ؟في استدعاء القارئ وإشراكه في العالم القصصي ثم خرق أفق انتظاره ؟في الإضمار والتلميح والإيحاء بدل المباشرة ؟ في التجدد الدائم وابتكار طرق عيش جديدة بالانفتاح على أشكال تعبيرية شفهية وأجناس أدبية مختلفة كالشعر والخرافة والنكتة والحكمة والمثل والحكاية ؟ وأخيرا هل كل قصة قصيرة جدا"جميلة " لمجرد أنها قصة قصيرة جدا ؟ قد يقول قائل لماذا كل هذه الأسئلة .أعتقد أن أي مقاربة نقدية للقصة القصيرة جدا ،حتى الباحثة في جماليتها ،لابد أن تنشغل بطرح الأسئلة أكثر من محاولة إيجاد اجابات جاهزة وقطعية : أولا:لأن هذا " الجنس الأدبي "لازال في بداياته، رغم ظهوره في فترات سابقة تحت تسميات أو مصطلحات أخرى ، كالأقصوصة عند محمد إبراهيم بوعلو ،أو القصة القصيرة عند زكرياء تامر .إلا أنه لم يعرف الانتشار إلا في العقد الأخير،ولم تكتمل التجربة وتحقق التراكم بالقدر الذي "يمكن الباحث ،يقول السلامي ،من التعامل معها بأريحية دون وقوعه في مطبات عديدة منها حيرته بين قلة الإنتاج وجودة الإنتاجية"3 ثانيا:لأن القصة القصيرة لم يرفع عنها الحيف إلا مؤخرا ،حيف الذيلية والتهميش ...ولم تجد بعد نظريتها وأدوات مقاربتها الخاصة ، فماذا يمكن القول عن القصة القصيرة جدا ، والتي لازالت حتى وقت قريب ،وفي الموطن التي ظهرت فيها وتألقت كأمريكا اللاتينية وإسبانيا، تثير أسئلة حول المصطلح أو التسمية ،حول الحجم وشروطه ،الشكل وخصائصه... للإجابة عن بعض هذه الأسئلة وطرح أخرى جديدة ،سأحاول القبض على بعض أهم ملامح القصة القصيرة جدا ، والتي أعتبرها تمنح لهذه التجربة فرادتها وتميزها ،ومن ثمة جماليتها،من خلال ممارسات مختلفة : 1.البناء المحكم المبني على الإيجاز والتناغم الداخلي ، والتشبت بالحبكة والمادة القصصية في" الكرسي الأزرق" لعبد الله المتقي .4 2 .الثنائية أو التقابل ،والحكي المشهدي في "حب على طريقة الكبار" لعز الدين الماعيزي .5 3. التناص والتوسع الأفقي للقصة القصيرة جدا في " مظلة في قبر "لمصطفى لغتيري .6 ولايعني هذا أن كل تجربة من هذه التجارب تنفرد بخاصية لا نجدها في نصوص أخرى ، وإنما هو تحديد إجرائي منهجي فرضه نوع المقاربة وشعار الملتقى . 1 .البناء المحكم المبني على الإيجاز والتناغم الداخلي ، والتشبت بالحبكة والمادة القصصية في " الكرسي الأزرق " لعبد الله المتقي : كثيرا ما يعني الإيجاز الذي هو ملمح عام وخاصية أساسية في القصة القصيرة جدا التحرر من البناء ومن الحبكة ،ومن ذلك التناغم الداخلي الذي يرتبط فيه العنوان بالبداية والنهاية ، حتى استسهل البعض هذا النوع من الكتابة ،يقول الناقد خوصي ماريا مرينو،واعتبره البعض الآخر " فكرة ذكية تعرض في كلمات قليلة...أو ملخص حبكة تستوجب كتابتها أصلا مساحة أوسع "7 نصوص عبد الله المتقي، ليست من هذا النوع ،بل هي من النصوص التي تتميز ببناء محكم ، ركائزه الأساسية:الإيجاز ،الدهشة ،الإيقاع الداخلي السريع ، تناغم العنوان والبداية والنهاية ،دون التخلي عن عنصر الحكاية أو" الطعم القصصي السردي" .8 يبني المتقي عوالم مكثفة ، لكن مشيدة بعناية كلعبة شطرنج ، كل مربع أو قطعة ،وكل حركة أو انتقال له ضوابطه ولا بد أن يؤدي دوره على أكمل وجه ، ويبلغ الهدف الجمالي العام . العنوان في نص " مات الكلب " ص47 ليس عتبة فقط نبحث عن علاقاتها المختلفة بالنص ،بل هي مفتاح النص ،الحالة البدئية التي يترتب عليها التحولات السردية اللاحقة لذلك جاء جملة فعلية ،فعلها ماض ،تنبئ عن انطلاق الحكي وتؤشر عليه .ولا تتكرر هذه الجملة داخل النص بأي صيغة ، لكن لا تفهم الأحداث ولا يكون لها معنى بدونها . وفي نص "فوطوكوبي "ص 57 نقرأ "أمه تقبع في ركن من أركان الغرفة ،تخيط بالإبرة محفظته الجلدية ،أخته تلعب بدمية مبتورة الذراعين ،نظر إلى تقاسيمه في المرآة :كان صورة منهما :فقيرا ،هزيلا ،شاحبا ،وجائعا " لنحاول أن نستبدل كلمة "تقبع " بتجلس .ونحذف بالإبرة، أو نحذف نعت الدمية"مبتورة الذراعين " ولنجرب تغيير ترتيب الجمل ونبدأ مثلا ب :"نظر إلى تقاسيمه في المرآة ..." سيختل البناء لا محالة ،ويتغير المعنى بشكل جذري ،ولا تترك فينا القصة ذلك الأثر الذي تركته في شكلها الأول ،لأن الكاتب رسم تقاسيم البؤس والفقر ( بؤس وفقر الشخصية) من البداية إلى النهاية ،كلمة كلمة ، ومتتالية متتالية . ولنختم بآخر مثال عن دقة البناء وتماسكه من نص "ح م ا م " ص 10 الذي يتميز بحبكة تقليدية :وضعية بدئية ، وسط عقدة ،ثم نهاية.كل ذلك باقتصاد في التركيب وبالاستفادة من ا لتقنيات المختلفة للسرد . فنجد تناوبا متزنا للوصف والسرد (حمامتان جميلتان ترفرفان ،وطفل يلعب )، للجمل الإسمية والجمل الفعلية ،للثبات والحركة ،للإفصاح والحذف ،لفضاء هادئ جميل يؤثته الحمام والطفل بما يحملان من رمزية السلام والبراءة ،تقتحمه طائرة حربية ،مخلفة فضاء آخر لا يصفه السارد ،بل ترتسم ملامحه على وجه الطفل ،تعلن عن ذلك النهاية:"يفتح الطفل عينيه خائفا " ويمتد ذلك الخوف إلى وجدان القارئ لأنه تسرب إليه بتدرج مقنع ومنطق سردي متكامل لا مجال فيه للإعتباطية أو الإقحام . إن العناية بالبناء والحبكة والمادة القصصية سر نجاح عبد الله المتقي وتميزه بالانفتاح على الواقع واقتناص لحظات إنسانية متوترة ،حزينة ،مؤلمة ،رتيبة ،ضاحكة ،ماجنة ...وتتبع حركة الحياة في تدفقها ،غناها وتغيرها المستمر . 2 .الثنائية أو التقابل والحكي المشهدي في "حب على طريقة الكبار" : يعتبر الناقد الأرجنتيني راوول براسكا الثنائية واحدة من ثلاث أدوات تقنية وجمالية تميز القصة القصيرة جدا ،وتتمثل حسبه في وجود عالمين أوحالتين متقابلتين يبنى عليهما النص القصصي . 9 وذلك ما يقوم به عز الدين الماعيزي ،خاصة في النصوص التي تتخذ الطفولة موضوعا لها .إذ نجدها تتضمن عالمين ،عالم الكبار وآخر للصغار . بالرسم يبني الطفل عالمه ، بالحلم يلونه ويؤتثه . بالرسم والحلم واللعب يخلق الطفل عالمه ويحقق رغباته ،ويوجد ما لا يوجد في واقعه .لكن هذا العالم سرعان ما يتعرض للمحو والتدمير ,من قبل الكبار : المعلمة ،الأب ،سحابة سوداء. وكأن عالم الطفولة عالم هش هشاشة الرسم والألوان،هشاشة الحلم الذي يختفي بمجرد الاستيقاظ .ويضيع عالم الطفل بمجرد تدخل الكبار وفرض سلطتهم التي تلتقي مع سلطة الطبيعة (المطر،سحابة سوداء ) في الاستعلاء والقهر والقدرية...نقرأ في "موت سامرائي " ص 32 ."رسم الطفل مستطيلا،مثلثا ،مدخنة ،سلكا هوائيا عاليا في آخره شبكة ...وضع النوافذ الزجاجية والباب الخشبي ودرج السلالم ،مربعا للحديقة وشجرة باسقة...رسم نفسه طفلا يحمل محفظة متجها إلى المدرسة ...يمعن بعينيه في الأعلى سحابة سوداء أمطرت...فمحت الرسم " . ونقرأ في "مطر الحديقة " ص38 "تبري الطفلة المنتبهة القلم وتتكئ للرسم سطرا سطرا دوائر مغلقة نقطا أشكالا منحنية..أشجارا ثمارا ،تلون الحديقة...بعد لحظات تقف المعلمة جانب السبورة تتحدث ثم تتمشى بين الصفوف للمراقبة.على الورقة تساقط المطر مدرارا غمر الطفلة حزن شديد ،أوراق الرسم تلطخت بدموعها تأسفت لهدم المنازل وسقوط العمارات وبعثرة أوراق الحديقة ..." تترتب إذن عن ثنائية ا لكبار والصغار ،ثنائيات أخرى كالرسم والمحو ، البناء والهدم ،الحرية والتسلط ،الحلم والحقيقة...ومن خلال هذه الثنائية الضدية استطاع الماعيزي أن يقول لنا إن عالم الطفولة ملئ بالحرمان ،ملئ باللاتواصل والهشاشة. ا .الحكي المشهدي : إضافة إلى الثنائية أو التقابل ،يوظف الماعيزي الحكي المشهدي ،أو السرد بعين الكاميرا الذي تناسب إلى حدود قصوى مع عوالم الطفولة .إذ يتحرك السرد بحركة الأطفال ،يتسارع بركضهم ولعبهم ،بقفزهم.يتوتر بشجارهم أو خيبتهم وصدمتهم. لذلك يستدعي السارد الجمل الفعلية القصيرة ، ويتخلى عن الزوائد بل يتخلى عن علامات الترقيم أحيانا و يلتجئ للحذف : " ...هذه المرة قالت في وجهها كلاما قبيحا، ردت عليها الأخرى بكلام أقبح منه،قالت ،،أمك ،، قالت ألأولى أبوك ،،أخوك ،،قالت الثانية، مدت يدها إلى وجهها ،إلى عنقها، تركت خدوشا صرخت الثانية جرت الثانية الأولى من رأسها،من شعرها ،تعانقتا ،التحمتا،انفصلتا..." من نص " الحجلة" ص 10 . ونقرأ في نص "عماد الطابوزي " ص 76 "يتصالح عثمان وعماد بالكرة يقذف تتدحرج يتبعها كلب رقية يحاول أن يلتقطها بفمه وعثمان يحاول أن يعلم الصغير كيفية قذف ضربة الجزاء ،يوقفه جنب الحائط يقذف بكل قوة على وجهه الصغير..." هكذا تمنح الطفولة نكهة للسرد، وينقل السرد عالم الطفولة في حركته وحيويته وصخبه .ويكون إيقاع السرد هو إيقاع الطفولة فيستحيل السرد طفلا ،خفيفا ،رشيقا ، متحررا من كل القيود ،متمردا على كل المواضعات ،رافضا لكل القوانين والقواعد. 3. التناص والتوسع الأفقي للقصة القصيرة جدا ،من خلال " مظلة في قبر" لمصطفى لغتيري: وأعني بالتناص هنا ما خلص إليه بيير زيما اعتمادا على مفهوم كريستيفا المعروف ،أي باعتباره عملية امتصاص من جانب النص الأدبي للغات الجماعية والخطابابت الشفهية أوالمكتوبة،التخيلية أو النظرية ، السياسية أو الدينية...بما يضع النص في سياق حواري،أي بالمقارنة مع ا نصوص والأشكال الخطابية التي يتفاعل عن طريق استيعابها وتحويلها ومحاكاتها الساخرة .10 استنادا على هذا المفهوم، يمكننا التأكيد أن نصوص "مظلة في قبر " لمصطفى لغتيري تمتص نصوصا وخطابات عديدة وتتفاعل معها سواء على مستوى البناء ، أو على مستوى المضمون :نصوص شفهية وأخرى مكتوبة ، شعبية وأخرى عالمة، قديمة وأخرى حديثة ،تخييلية وأخرىتاريخيةأو دينية ،أو نفسية .هكذا نجد : أ-المتناص الشعبي الذي يتمظهر أساسا في المستملحة أو النكتة : تتفاعل القصة القصيرة جدا مع هذا النوع من النصوص الشفهية بشكل لافت للنظر وتستثمره استثمارا متميزا . وما يميز هذا التفاعل أنه تفاعل على مستوى البناء وطريقة السرد ، للأن النكتة تعتمد السخرية ،المفارقة ، الاقتضاب الشديد والنهاية المفاجئة أو المدهشة . كما تستبطن النقد وتبتعد عن الشرح والتوضيح لأنه يفقدها روحها ،دون أن تتخلى عن السرد وعنصر الحكاية .لذلك وجد فيها مزاولوا هذا الفن غنيمتهم. ورغم أن البعض منهم يستنسخ نكتا دون أية قيمة مضافة ،فإن البعض الآخر يحاول توظيفها والتفاعل مع بنيتها ، وذلك ما نجده في عدد من نصوص "مظلة في قبر" كنص"عولمة "، "قمر "، "مبدأ " و نص "خيانة "ونص"كابوس" الذي يمكن اعتباره من أنجح النصوص استثمارا للنكتة.فالطفلة التي تقوم كل ليلة فزعة لكونها ترى كلبا شرسا يطاردها ، تأخذها أمها إلى فقيه يعد لها تعويذة .ينبهر هذا الأخير بجمالها وينظر لها نظرة ترعبها .في الليل يملأ صراخها البيت مجددا ،تهرع إليها الأم:"-الكلب ثانية يا ابنتي ؟. مرتعبة أجابت الطفلة :- بل كلبان يا أمي. ص.55. ب-المتناص الأدبي : وهو الأكثر حضورا باعتبار الأديب ينفتح أكثر على الإبداع الأدبي . ويحضر هنا بصيغ عديدة ،سواء من خلال استحضار شخصيات قصصية أو عناوين كتب أو أسماء مبدعين أدباء .فنجد " مالك الحزين " الذي يحيلنا على النص السردي العربي القديم "كليلة ودمنة ". كما يحضر نص" ألف ليلة وليلة " ، الإلياذة ،اسم الوردة لأمبرطور إيكو ، المتشائل الذي يحيلنا على رواية "الوقائع الغريبة لأبي سعد المتشائل " لإميل حبيبي،إلى جانب الحلاج ،أدونيس ، وابي حيان التوحيدي ...ويستدعي العنوان"برتقالة "نص بوزفور "الرجل الذي وجد البرتقالة ". ويؤكد ذلك المناص أو الإهداء الذي ورد في أعلى النص :إلى أحمد بوزفور . و لا يخلو المناص الذي هو عتبة المجموعة من تفاعل مع اللغة الواصفة في أمريكا اللاتينية وتحديدا تعريف الناقد "فلكس بالما " للقصة القصيرة جدا بأنها " أن تفتح مظلة في لحد ". 11 ب-المتناص التاريخي ، و يحضر من خلال أسماء شخصيات تاريخية أو أحداث كنابوليون ، حملته على مصر ، شخصيات ملحمة جلجامش ،( جلجامش وأنكيدو..) ، استعمار فرنسا المغرب ، الثورة الفرنسية ، نيرون ... ج-المتناص الديني : و يحضر بالإشارة إلى قصة الخلق ، في قصة "الخطيئة " ، بلقيس ، و سفينة نوح ... د-المتناص النفسي : و حده اسم فرويد كان كافيا للإحالة عليه . هده نماذج لامتصاص قصص لغتيري القصيرة جدا لنصوص أخرى ( تغري بقراءة خاصة ) تمنح نصوصه غنى وتجعل القصص القصيرة جدا ، التي تتقلص عموديا تتسع أفقيا، تتمدد و تتمطط ، و كل ذلك يمنح للقارئ إمكانيات عديدة للقراءة و التأويل . و إن كنت لا أستطيع إبراز أنواع التفاعل التي أقامتها نصوص لغتيري مع النصوص المذكورة أعلاه نظرا لطبيعة المقاربة،فيمكن إعطاء مثال من أول نص في المجموعة " مالك الحزين " . لقد كان العنوان كافيا لإدخالنا عالم كليلة و دمنة و تحديدا :"الحمامة والثعلب ومالك الحزين. باب من يرى الرأي لغيره و لا يراه لنفسه" 12 . لكن أصر السارد على تلخيص مضمون الحكاية لما أكد أن مالك الحزين كان يسترجع تلك الحكاية القديمة ، حين أفتى أحد أسلافه لحمامة برأي"أنقد فراخها من الثعلب و أهلكه " . و إن كانت أول عبارة في النص " في مراكش " تربط القارئ بحاضر الحكي ، تؤطره ضمن فضاء حديث ، فإن الحكاية تأخذه لأزمنة مضت ، لعالم مليء بالحكمة و النصح . وفي غمرة حيرة القارئ بين الماضي و الحاضر يعلن مالك الحزين الذي يعتلي أسوار مراكش في النهاية ، بعد أن طلبت منه حمامة المشورة : " لقد تغير الزمان يا صغيرتي "ص 13. هكذا تتفاعل قصة " مالك الحزين " مع نص ابن المقفع القديم و تحوله من خلال معارضته لإعلان تغير الزمن و ترديه ، و انغماس الإنسان في فردية و أنانية ، لا يسمحان بأي تضحية أو مساعدة كيف ما كان شكلها . أما نص"صومعة" فصورة فرويد التي تزين غلاف كتاب ، ومنظر الصومعة من أعلى الشقة ، جعلا بطل القصة يشرد لفترة من الزمن ثم تجد ابتسامة طريقها نحو شفتيه . وكل ذلك يدعو القارئ لاستحضار حمولة اسم فرويد باعتباره صاحب "نظرية "الكبت الجنسي وراء بناء البشر لحضارتهم .ويترتب عن ذلك أن الصومعة كرمز ديني عربي إسلامي بني تحت نفس الدافع . ولعل المفارقة التي ينسجها الجمع بين الجنسي والديني ، بين المدنس والمقدس ( في الثقافة العربية الإسلامية )، بين الظاهر والباطن أوالمسكوت عنه هي ما يجعل القارئ "يشرد"أيضا مستمتعا أومتأملا أوباحثا عن المعنى(أو المعاني الكثيرة المحتملة ).ولعل ذلك أقصى ما يتوخاه كاتب القصة القصيرة جدا من قارئه. يتبين من خلال هده المحددات : البناء المحكم ، أو دقة البناء المبني على الإيجاز و التناغم الداخلي بين اللغة و الحبكة و المادة القصصية ، الثنائية أو التقابل ، الحكي المشهدي ، التناص وكثافة المعنى ، أن القصة القصيرة جدا بالمغرب آخدة في رسم ملامحها الكبرى التي تؤسس لمقومات سرد ينبني على التكثيف و الإقتضاب مع إسهاب في المعنى في انتظار تجارب أخرى تعمق طرق الإشتغال و ترسخ لتصور نظري للقصة القصيرة جدا تجيب علىبعض الأسئلة التي طرحتها في البداية . براهمة سلمى الهوامش 1-عبد الدايم السلامي .شعرية الواقع في القصة القصيرة جدا. ( قصص عبد الله المتقي ومصطفى لغتيري نموذجا )منشورات أجراس. ط1. 2007. ص.89. 2-لويس بريتو غارسيا.دليل موسع للقصة القصيرة جدا ترجمة سعيد بنعبد الواحد مجلة قاف .صاد.ع.5. 2007. . 3- عبد الدايم السلامي.المرجع السابق.ص.89. 4- عبد الله المتقي.الكرسي الأزرق . منشورات مجموعة البحث في القصة القصيرة بالمغرب.2005 5.عز الدين الماعيزي.حب على طريقة الكبار. دار وليلي للطباعة والنشر . ط .1 . 2006. 6. مصطفى لغتيري .مظلة في قبر . دار القروين. ط.1. 2006. 7- خوصي ماريا مرينو.مفاهيم نظرية حول القصة القصيرة جدا في إسبانيا وأمريكا اللاتينية . ترجمة سعيد بن عبد الواحد. مجلة قاف .صاد.ع .1. 2004.ص.32. 8-على حد تعبير مرينو.المقال السابق.قاف .صاد. ع.1.السنة 1. 2004 . 9- راوول براسكا.المقال السابق الذكر . قاف صاد. ع1. 2004. 10- سلمى براهمة.سوسيوليجيا النص الروائي العربي.التيه والأخدود لعبد الرحمن منيف نموذجا.بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا .تحت إشراف د.سعيد يقطين.جامعة محمد الخامس كلية الآداب.الرباط.1997. 11- فلكس بالما .المقال السابق الذكر. قاف . صاد . ع. 1. 2004. 12-كليلة ودمنة.ط 10 .دار المشرق.1977.ص248 . المصدر http://kisa.alfawanis.com/index.php?option=com_content&task=view&id=833&Itemid=1 |
السبت، 27 أغسطس 2011
وعلى طه نصلي ونباهي بيه=خاتم الانبيا شفيعنا يوم الحسباني
يوم لاينفع فيه مال وتخبيه=لا ينفع عز ولا جاه ولا ولداني
يوم الحشر لازم اعليك تاتيه=واللي مكتوب اتشوفوا وحداني
يتقابل الخلق ويصد لباريه=وتشهد حروف الآية والقرآني
ويبكي الكافر من امعانيه =يتفكر وش كان عقب ازماني
والمومن تراه سعيد امساميه=ساجد وحامد لرب الاكواني
اللي حرثتوا الهيه اتلاقيه=ساعة يخف وساعة يثقل ميزاني
ربي يتوب علينا بجاه نبيه=يرحم امة محمد العدلاني
شايب وشيب واللي يناديه= يعمر قلوبنا قاع بالايماني
قوادري جاب القول يناجية=ماهو طالب غير الغفراني
يرحم موتانا ويرحم والديه=سبحان الله ايكررها لساني
السكنة زنينة اذ تسأل عليه= تلقاني فيها وتلقى عنواني
الوالد على الإسلام امربيه=وعلى فعل الخيرثاني رباني
الأربعاء، 24 أغسطس 2011
إلى كــــل سـمراء..في القارة السمراء. / لتاج الدين الطيبي
إنها قصيدة لشاعر مميز يكتب من محراب الكبار ويحترق بصمت الشموع..إنه الشاعر الكبير تاج الدين طيبي.. شكرا جزيلا للاستاذ عدة خلوفي على هذه اللفتة الطيبة..
by سعد بن سريح on Thursday, August 25, 2011 at 2:49am
هذه القصيدة من ديوان الشاعر تاج الدين الطيبي ( البحر لا يوارى التراب ) وهي مهداة إلى أهالينا في الصومال
إلى كــــل سـمراء..في القارة السمراء..
دمـــعة تــســتــقيــلُ..والــعيــنُ رَمْــــــدَا
والثرى..كالخـدود يــــدمــى ..ويــــنـــدى
ومهبُّ القـــصيــــد شُـــــعـــلــةُ بـــــؤس
رقـصـةٌ في المــدى اليــــبـــاب تـُـــــؤدَّى
ولهــا البـــسـمــة الخـــجــــولَ..ولــكـــن
بــســمةُ الأشــقــيــاءِ مــهــما..ستـَرْدى
يستـبد الــرحـــيـــل..ينـْـــــثــــالُ أمـــسٌ
تعبـــرُ الـــذكــريـاتُ حــشـْـدا..فــحــشدا
وامتطى خلفــها الســـحــاب ..ســـحابــا
والتــــظى في الأصيـــل بـــرقـا..ورعــــدا
تــــــتــجافى ..وتــــربـأُ الشمــسُ عـنــها
ويــــلــفُّ الـــــدجـــــــى رويــــدا..رويـــدا
يمطر الليــل..فـــالــجــراحــاتُ تـَــعـْـــوي
والخــــدوش الدِّهــــاقُ ..تـــحــتـــل خـدا
واكــــتوى الـــزمـــهريـــر مـن وجــنـتــيها
فلأجــــل الـــــوداد لــــم تــــشــكُ بـــردا
و المــــــحيــــا قــــوافــــــــلٌ مـــــن رذاذٍ
يــعتـــــريــــه الــــكلال جــــزرا...ومــــــدا
والدمـــــوع الأجــــاجُ في شـــفتـيــــها..!
تــــركــتْ جـــيـــدها لتــــلــفـــح نـــــهدا
واشتـــــهى ظلّـــــُــــها ادِّعـــــاء قــــوام
من قـــــوام النـــــكالِ ..أنــــعمُ قـــــــــدّا
واحتواها المسيــر شيــــئــا..فــشيـــئـــا
بين مـــــوج الــورى فــــلـــن تتـــبدى..!!
ليس تَقــوى على التـــلفـــــِّـــتِ مهـــما
شدها شـــوقــها إلى الـخـــلــف شــــدّا
وأدتـْــها منـــاكـــــب الليـــــل نـــــــفــيــا
حيـــــــث وأد الـقـــــــبــــور أرحـــــم وأدا
لمْـــلَـمَتْ بالــثــــرى بـــقـــايـــــا سِـــوار
ورمـــتْ للـــــطلـــول دمـــعا..وعـــقـــــدا
أيـــها النــاس: يــا نــدامــى التــنـــاسي
حــين تــلهـون..والـشذى يـــتـــردى..!!؟
تسألـــون القــــــصيــــــد أيـــــــةُ أنـــثى
هاته المـــبــتـــلاةُ..بـــالغُبـــن جـــــدا..؟
تلك سمـــراءُ غــضَّـــــة..ألــهـــمتـــنـــي
أن أروم العــــــنـــاد..أن أتــــــــحــــــــدَّى
وأبــــــــثَّ الخيـــــالَ حـــــــول أســـــاها
كــاتــــبــا لــــلأنـــــيــــــن..للـــويـــل ردا
إنـــــها في بـــراءة اليـــــأس وجــــلــــى
تستـــميـح الصـــدى..فتــــلقــاه صــلــدا
طــــفـــلــةٌ..! كـــالــنـدى مع الصبح تنمو
بسمة..للــغثـــاء ..للـــمـــوت تــــُســدى
بنــــت إفـريـــقـــــيـــا الــخـــجـــولُ أراها
لــــوعــــةً..ثــــــورةً عــــلــتْ تـــتـــصدّى
أي نـــــحس ولــــــعــنــــةٍ أبــــقــيــــاها
كي تـــعــدَّ الــــثـــــوانـــيَ البــــورَ عـــدا
مــــســقــــط الـــرأس مــلــجأٌ يــحتـويها
في ليالٍ ثقـيـــــلــةِ الظـــــــــلِّ..سَــــوْدا
وقصارى النحـيـــب تــهـريــــبُ شــــكوى
وشجــــونٍ دفيــنــــةٍ في السُّـــوَيـْــــــدا
فاسألــوها أتـــــســـتــــقــــرُّ أخيـــــرا..؟
بـــل لــها في الأســى رواحٌ..ومــغْــــدى
كـــم فـــــلاة تـــحـــلـــها..فـــتـــنـــــادي
يامــتـــاعَ الــرحيـــل :كــنْ مـــسـتـــعدا
نـامَ ..نـامَ الســـنـا على صــدرها السـ...
..مـــحِ الـ(يــــــروقُ) للـــــنـــار بُـــــــــردا
واستـــــفـــاقــتْ عـــلى التــهـابِ أنــيـنٍ
لم يزل للــحشـــــــود..للـــــزحـــــف وِردا
إنــــه الجــــــوع في الحــــشــا يــتمطَّى
نــازفا في العيـون..في الــــــروح وجــــدا
مونَــليـــزا الجـنــوب..! يــا ربِّ خــــــــارتْ
والشـــمــال الــكــنـــود أعــطى..وأكـدى
مونــلــيــــزا الجـنوب في عمــق مقديــ .
شــــــــو..!! تـــــــذوب أو فــــــي رُونـــدا
في سراليــــونَ..فـــي دُجـــى إِرِتِـــرْيــــا
هي إثيــــوبــيـا..عــظــــامـــا..وجــلـــــدا
هــي فـــي النــيــجــرِ الأبــيــةِ نـــفــسا
وشِــبـــــاعُ الــــرؤى يــــكــيـــدون كيـــدا
نـــــــحــو لــــوح الــغـــروب مـدَّتْ يـْديــها
وهـــما اعـــتـــادتـــــا بــأن لا تُـــمـــــدا !
وابـــتهـــال الــــترائـــــبِ الـسُّــمر يــتلو
مـــن حـــنايا تـــــــلاوة الــــــروح بـــنـــدا
حيــــث صـــاغـــتْ مــن الــدعـــاء لحونـا
لم تصـغْــــها تــرائـــــــبُ الجُـــويُـــكَــنْـدا
كلــــما أمــــطـــروا عليـــــــها رغــــيـــفـا
أمــــــطــــروا قبــــلــــه ازدراءً..وقــــيــــدا
حـــيـــــروها..فــــتــــارةً هـــي مــــــاري
أو نــــتـــاشا..وتـــــــارةً هـــي سُـــعدى
جــعـلـــوا ربــــَّها المـــــســيحَ..! وقــــوم
ألَّـــــهـــوا لــلأسى ســـــواعــــــــا..وودا
أيـُّـهــذا النـــــزيـــــفُ، أوجــــزْ أســـاهـــا
خـــــــلِّ فــــاها..وذلك الـقلـــبَ يـــهــــدا
أنــــت فـــيـــها لأي ذنــــــبٍ مـــــدِيــــنٌ
ولأي الــــجـــــراح تـــبــقـــــى مُـــمِدا؟؟
قــــد نــــوتْ-وحـــدها –الإيـــابَ وحـــنَّـتْ
والإيـــــــــــابُ ..الإيـــــــابُ شـــــرٌّ مـــردا
واستـــــكانــتْ لــــطـــلــقـةٍ مــن لئــيـمٍ
وهــــنــــاك الـرصاص..لا الخبزُِ يـُـــهدى!!
وعـلى ربـــوة الــــحـــدود تــــــداعــــت..
لـــم تــــجــدْ مــن قـــيــامـةِ النـَّوح بـُـــدَّا
فـــــهـــوتْ للـــتـــراب ..تــــزرع فــــيـــــه
زفـــــــرة اليُــــتــمِ...والتــراب مُـفَــــدَّى!!
ثــــم عـــاد الربيــــع بــــعــد اغـــتـــــرابٍ
وانــتــــحى قـــبـــرها ..وأنـــبـــــــتَ وردا
كــــان فـــقْدُ الــــربـــيــع ذات صـــبـــــاح
بـــــعـــد فقـــد الإيـــابِ..أهــــونَ فقــــدا
إلى كــــل سـمراء..في القارة السمراء..
دمـــعة تــســتــقيــلُ..والــعيــنُ رَمْــــــدَا
والثرى..كالخـدود يــــدمــى ..ويــــنـــدى
ومهبُّ القـــصيــــد شُـــــعـــلــةُ بـــــؤس
رقـصـةٌ في المــدى اليــــبـــاب تـُـــــؤدَّى
ولهــا البـــسـمــة الخـــجــــولَ..ولــكـــن
بــســمةُ الأشــقــيــاءِ مــهــما..ستـَرْدى
يستـبد الــرحـــيـــل..ينـْـــــثــــالُ أمـــسٌ
تعبـــرُ الـــذكــريـاتُ حــشـْـدا..فــحــشدا
وامتطى خلفــها الســـحــاب ..ســـحابــا
والتــــظى في الأصيـــل بـــرقـا..ورعــــدا
تــــــتــجافى ..وتــــربـأُ الشمــسُ عـنــها
ويــــلــفُّ الـــــدجـــــــى رويــــدا..رويـــدا
يمطر الليــل..فـــالــجــراحــاتُ تـَــعـْـــوي
والخــــدوش الدِّهــــاقُ ..تـــحــتـــل خـدا
واكــــتوى الـــزمـــهريـــر مـن وجــنـتــيها
فلأجــــل الـــــوداد لــــم تــــشــكُ بـــردا
و المــــــحيــــا قــــوافــــــــلٌ مـــــن رذاذٍ
يــعتـــــريــــه الــــكلال جــــزرا...ومــــــدا
والدمـــــوع الأجــــاجُ في شـــفتـيــــها..!
تــــركــتْ جـــيـــدها لتــــلــفـــح نـــــهدا
واشتـــــهى ظلّـــــُــــها ادِّعـــــاء قــــوام
من قـــــوام النـــــكالِ ..أنــــعمُ قـــــــــدّا
واحتواها المسيــر شيــــئــا..فــشيـــئـــا
بين مـــــوج الــورى فــــلـــن تتـــبدى..!!
ليس تَقــوى على التـــلفـــــِّـــتِ مهـــما
شدها شـــوقــها إلى الـخـــلــف شــــدّا
وأدتـْــها منـــاكـــــب الليـــــل نـــــــفــيــا
حيـــــــث وأد الـقـــــــبــــور أرحـــــم وأدا
لمْـــلَـمَتْ بالــثــــرى بـــقـــايـــــا سِـــوار
ورمـــتْ للـــــطلـــول دمـــعا..وعـــقـــــدا
أيـــها النــاس: يــا نــدامــى التــنـــاسي
حــين تــلهـون..والـشذى يـــتـــردى..!!؟
تسألـــون القــــــصيــــــد أيـــــــةُ أنـــثى
هاته المـــبــتـــلاةُ..بـــالغُبـــن جـــــدا..؟
تلك سمـــراءُ غــضَّـــــة..ألــهـــمتـــنـــي
أن أروم العــــــنـــاد..أن أتــــــــحــــــــدَّى
وأبــــــــثَّ الخيـــــالَ حـــــــول أســـــاها
كــاتــــبــا لــــلأنـــــيــــــن..للـــويـــل ردا
إنـــــها في بـــراءة اليـــــأس وجــــلــــى
تستـــميـح الصـــدى..فتــــلقــاه صــلــدا
طــــفـــلــةٌ..! كـــالــنـدى مع الصبح تنمو
بسمة..للــغثـــاء ..للـــمـــوت تــــُســدى
بنــــت إفـريـــقـــــيـــا الــخـــجـــولُ أراها
لــــوعــــةً..ثــــــورةً عــــلــتْ تـــتـــصدّى
أي نـــــحس ولــــــعــنــــةٍ أبــــقــيــــاها
كي تـــعــدَّ الــــثـــــوانـــيَ البــــورَ عـــدا
مــــســقــــط الـــرأس مــلــجأٌ يــحتـويها
في ليالٍ ثقـيـــــلــةِ الظـــــــــلِّ..سَــــوْدا
وقصارى النحـيـــب تــهـريــــبُ شــــكوى
وشجــــونٍ دفيــنــــةٍ في السُّـــوَيـْــــــدا
فاسألــوها أتـــــســـتــــقــــرُّ أخيـــــرا..؟
بـــل لــها في الأســى رواحٌ..ومــغْــــدى
كـــم فـــــلاة تـــحـــلـــها..فـــتـــنـــــادي
يامــتـــاعَ الــرحيـــل :كــنْ مـــسـتـــعدا
نـامَ ..نـامَ الســـنـا على صــدرها السـ...
..مـــحِ الـ(يــــــروقُ) للـــــنـــار بُـــــــــردا
واستـــــفـــاقــتْ عـــلى التــهـابِ أنــيـنٍ
لم يزل للــحشـــــــود..للـــــزحـــــف وِردا
إنــــه الجــــــوع في الحــــشــا يــتمطَّى
نــازفا في العيـون..في الــــــروح وجــــدا
مونَــليـــزا الجـنــوب..! يــا ربِّ خــــــــارتْ
والشـــمــال الــكــنـــود أعــطى..وأكـدى
مونــلــيــــزا الجـنوب في عمــق مقديــ .
شــــــــو..!! تـــــــذوب أو فــــــي رُونـــدا
في سراليــــونَ..فـــي دُجـــى إِرِتِـــرْيــــا
هي إثيــــوبــيـا..عــظــــامـــا..وجــلـــــدا
هــي فـــي النــيــجــرِ الأبــيــةِ نـــفــسا
وشِــبـــــاعُ الــــرؤى يــــكــيـــدون كيـــدا
نـــــــحــو لــــوح الــغـــروب مـدَّتْ يـْديــها
وهـــما اعـــتـــادتـــــا بــأن لا تُـــمـــــدا !
وابـــتهـــال الــــترائـــــبِ الـسُّــمر يــتلو
مـــن حـــنايا تـــــــلاوة الــــــروح بـــنـــدا
حيــــث صـــاغـــتْ مــن الــدعـــاء لحونـا
لم تصـغْــــها تــرائـــــــبُ الجُـــويُـــكَــنْـدا
كلــــما أمــــطـــروا عليـــــــها رغــــيـــفـا
أمــــــطــــروا قبــــلــــه ازدراءً..وقــــيــــدا
حـــيـــــروها..فــــتــــارةً هـــي مــــــاري
أو نــــتـــاشا..وتـــــــارةً هـــي سُـــعدى
جــعـلـــوا ربــــَّها المـــــســيحَ..! وقــــوم
ألَّـــــهـــوا لــلأسى ســـــواعــــــــا..وودا
أيـُّـهــذا النـــــزيـــــفُ، أوجــــزْ أســـاهـــا
خـــــــلِّ فــــاها..وذلك الـقلـــبَ يـــهــــدا
أنــــت فـــيـــها لأي ذنــــــبٍ مـــــدِيــــنٌ
ولأي الــــجـــــراح تـــبــقـــــى مُـــمِدا؟؟
قــــد نــــوتْ-وحـــدها –الإيـــابَ وحـــنَّـتْ
والإيـــــــــــابُ ..الإيـــــــابُ شـــــرٌّ مـــردا
واستـــــكانــتْ لــــطـــلــقـةٍ مــن لئــيـمٍ
وهــــنــــاك الـرصاص..لا الخبزُِ يـُـــهدى!!
وعـلى ربـــوة الــــحـــدود تــــــداعــــت..
لـــم تــــجــدْ مــن قـــيــامـةِ النـَّوح بـُـــدَّا
فـــــهـــوتْ للـــتـــراب ..تــــزرع فــــيـــــه
زفـــــــرة اليُــــتــمِ...والتــراب مُـفَــــدَّى!!
ثــــم عـــاد الربيــــع بــــعــد اغـــتـــــرابٍ
وانــتــــحى قـــبـــرها ..وأنـــبـــــــتَ وردا
كــــان فـــقْدُ الــــربـــيــع ذات صـــبـــــاح
بـــــعـــد فقـــد الإيـــابِ..أهــــونَ فقــــدا
الثلاثاء، 23 أغسطس 2011
مسابقة أفضل ديوان شعر عربي دورة فلسطين 2012م 1433هجرية
عماد علي قطري
إعلان الدورة الثانية من المسابقات الأدبية
أولا دورة فلسطين لأفضل ديوان شعر عربي
2012 م ـ 1433 هجرية
ــــــــ
يعلن مركز عماد قطري للإبداع عن دورته الثانية لأفضل ديوان شعر فصيح دورة فلسطين وفق الشروط والضوابط التالية:
1_ أن تكون قصائد الديوان باللغة العربية الفصحى.
2_ أن تكون قصائد الديوان في حدود مائة صفحة من القطع المتوسط.
3- ألا يكون الديوان منشورا أو فاز في مسابقة أخرى
4_ موضوع المسابقة مفتوح في كافة الموضوعات والمجالات إيمانا حرية المبدع
5_ ترسل الأعمال في ملف بنظام وورد امتداد docعلى عنوان البريد الالكتروني الخاص بالجائزة
emadqatryaward@yahoo.com
6_ آخر موعد لاستلام الأعمال المتقدمة للجائزة هو نهاية يناير 2012 م.
7_ لا يتقدم للجائزة من فاز بها في دورة سابقة قبل مرور 5 سنوات على فوزه.
8 _ يتولى رئاسة لجنة التحكيم الشاعر والناقد السعودي الكبير د عبدالله الوشمي رئيس نادي الرياض الأدبي والأكاديمي المعروف وعضوية ستة شعراء ونقاد من مصر والدول العربية.
9 _ الرئيس الشرفي للدورة الشاعر العربي الكبير محمد جبر الحربي.
10_ يمنح الفائز جائزة مالية قدرها ألفان وخمسمائة جنيه مصر مع طباعة ونشر الديوان الفائز في مركز المحروسة للنشر بالقاهرة ويمنح الفائز خمسين نسخة من ديوانه المطبوع.
11_ تعلن نتيجة المسابقة في نهاية شهر مايو 2012م.
12_ لا يحق للأمانة العامة للجائزة أو أي متسابق الاعتراض على قرار لجنة التحكيم.
13_ التقدم للجائزة مفتوح لكافة الشعراء في البلدان العربية والشعراء العرب في المهجر.
لمزيد من المتابعة للمسابقة وأخبارها يرجى التكرم بزيارة الصفحات التالية على موقع الفيس بوك
http://www.facebook.com/pages/%D8%AC...80107588703810
والصفحة الخاصة بالشاعر عماد قطري على الفيس بوك
http://www.facebook.com/pages/%D8%A7...15120691913463
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاثنين، 22 أغسطس 2011
درس عظيم ورثناه
(برومثيوس بين غوته الألماني ولورد بايرون الإنجليزي)
(عن الألمانية والإنكليزية)
ترجمة بهجت عباس العراق/كندا)
ترجمة بهجت عباس العراق/كندا)
برومثيوس Prometheus
يوهان فولفغانغ غوته
( 1749 – 1832 )
( كان برومثيوس ، أحد الجبابرة في الأساطير اليونانية ، قد سرق النار من الآلهة وأعطاها البشر ، فعاقبه زيوس ، كبير الآلهة، بربطه إلى صخرة مرسلاً إليه عقابَ الجو يأكل كبده في النهار ويقوم زيوس بتجديدها في الليل. في هذه القصيدة التي نظمها غوته عام 1774، والتي هي جزء من مشروع مسرحية لم يكتمل ، برومثيوس يخاطب زيوس ، ويظهر أنّ العقاب جاء بعد الخطاب !).( 1749 – 1832 )
غط ِّ سماءك يا زيوس
بسد يم غيوم
وتمرّنْ ، مثلَ الغلام الذي يحصد رؤوسَ الأشواك ،
على شجر السِّنديان ومرتفعات الجبل !
ولكن رغم هذا يجب
أن تترك لي أرضي
وكوخي الذي لم تبنه
وموقدَ ناري
الذي تحسدني على ناره المتوهِّجة.
لا أعرف شيئاً أشدَّ بؤساً منكم
تحت الشمس أيتها الآلهة !
أنتمْ تغذّ ون هيبْتكم شَظَفاً
من القرابين المفروضة
وتراتيل المصلّين ،
ولسوف تتضوّرون جوعاً،
إذا لم يكنْ ثمة أطفال وشحّاذون
حمقى أمل وخاذ.
عند ما كنت طفلاً ،
لم أفهمْ شيئاً من آخر ،
أجَلْتُ بعيني الزائغة
نحو الشمس ، كما لو كان هناك
أ ُذن لتسمع شكواي ، وقلب كقلبي ،
ليزيح عني الشَّدائدَ.
من الذي ساعدني
من طغيان الجبابرة ؟
من الذي أنقذني من الموت ،
من العبودية ؟
ألمْ تنجزْ كلَّ شيء بنفسك ،
يا قلبي المقدّس الوهّاج؟
وفي وهج شبابك وعطائك.
خدعتَ ، ألم تسبل شكر النجاة
على النائم في الأعالي ؟
أأُبجلكَ ؟ لأيِّ شيء ؟
هل سكنتَ آلامي
عند ما كنت أعاني ؟
هل كفكفتَ عَبراتي
عندما كنت ُ مكروباً ؟
ألم يسبكني إلى الطبيعة البشرية
الزمن الجبّار
والمصير الأزليّ ،
سيَّدايَ وسيِّداك ؟
هل تتصوَر ربما ،
أنني سأكره الحياة
أهرب إلى الصحارى ،
لأنْ ليس كلّ
أحلامي المتبرعمة آتتْ أ ُكُلَها ؟
هنا أجلس أنا ، وأصنع أناساً ،
حسب مخيَّلتي ،
جنساً يكون شبيهاً بي،
ليعاني، ليبكي،
ليتمتع وليكون سعيداً ،
ولا يعيرك اهتماماً
مثلي !
برومثيوس
لورد بايرون
(1788-1824)
أيها الجبّار ! الذي في عينيْه الأزليّتيْنْ(1788-1824)
تُرى آلامُ الموتِ ،
على حقيقتها الكئيبة ،
حيث ليسَتْ هي كأشياءٍ تزدريها الآلهةُ ؛
ماذا كانتْ إثابةُ معاناتِكَ ؟
مكابدةً صامتةً ، صلابةً ؛
الصَّخرةَ ، العُقابَ ، والقيْدَ ،
كلّ ُ ذاك يقدر الشّامخُ أنْ يُحسَّ من الألم ،
الأسى الذي لا يُرِيَّنَه ،
شعورُ المعاناة الخانقُ
الذي ينطقُ ولكنْ في عزلته ،
وحسودٌ مخافةَ أنْ يكونَ للسّماء مُصغٍ ، ولا يتأوّه
حتّى يكونَ صوتُه دون صدى.
الجبّارُ! إيّاكَ أ ُعطِيَ النِّضالُ
بين المعاناة والإرادة،
اللتين تعذّبان من حيث لا تستطيعان ان تقتلا؛
والسَّماءُ المتعنِّتةُ ،
وطاغي القدر الأصمّ ُ،
أصلُ الكراهية الحاكمُ
الذي خلق لمرحه
الأشياءَ التي قد تُفني ،
رفضَ حتّى استرحامَك للموتِ ؛
الأبديّةُ الهديّةُ التّعيسةُ
كانتْ لكَ – وأنتَ تحمّلتَها جيّداً.
كلّ ذاك أخذ الرّاعد منكَ بعد أنْ لَواك وعصرَكَ
ولكنّ الوعيدَ الذي بَقِيَ لك ألقى عليه
تباريحَ آلةِ تعذيبكَ ؛
المصير يُخبِرُ ما تنبّأتَ به جِدُّ كبيرٍ
ولكنْ سوف لا يهدّئه ؛
وفي صمتك كانتْ إدانتُه ،
وفي روحه ندم لا يُجدي ،
وشرّ ٌ مخيف بِتَكلّفٍ عليلٍ
ذلك أنَّ البروقَ ارتعشتْ في يده.
جريمتك السَّماوية كانت أن تكونَ رحيمةً ،
لتسديَ أقلَّ بمبادئك
مجموعَ الشَّقاء البشريّ
وتقوّيَ الإنسانَ بعقله الذي يمتلكه ؛
ولكنّه مُبَلبَلٌ لكونه من أعلى،
لاتزال في حيويّتك الصابرة.
في التحمّلِ، ودرءٍ
لروحكَ التي لا يُنفَذُ إليها ،
التي ما استطاعت الأرضُ ولا السّماءُ هزَّها ،
درسٌ عظيمٌ ورثناه:
إنَّك رمز وعلامةٌ
إلى أمواتٍ لمصيرهم ومقدرتهم ؛
مثلُكَ ، المرءُ في جزء إلهي ،
نهرٌ مضطربٌ من منبع نقيّ ؛
والإنسان في مراحلَ يستطيع أن يتوقّعَ
مصيرَه الجّنائزيَّ ؛
تعاستَه ومقاومتَه ،
ووجودَه البائسَ المُتفكِّكَ ،
إلى ما قد تعارضُ روحُه
ذاتَها - وتعادل كلَّ المُكابدات ،
وإرادة متماسكة ، وإحساس عميق ،
حتّى في التعذيب يستطيع أنْ يرى
مكافأتَه المركَّزةَ الخاصّة ،
منتصراً يتحدّى بجرأةٍ
ويجعل الموت نصراً.
لورد بايرون كان لورد بايرون معجباً برواية (برومثيوس المربوط) التي كتبها أيشيلوس Aeschylus (525 – 456 ق.م.) ، أحد الرواة الإغريقيين الثلاثة المشهورين ، والآخران هما سوفوكليس ويوريبيدس. تتلخص قصة بروميثيوس بأنه، كأحد الجبابرة الذين خدموا زيوس ، ابن زحل وكبير الآلهة ، رُبط بالسلاسل إلى صخرة في جبال القفقاس وجُعل النسر يأكل كبده نهاراً، وزيوس يستبدلها ليلاً عقاباً له على تحدّيه بإعطائه البشر النارَ.
كان الجبابرة رمزاً للثورة أو مقاومة الطّغيان في القرن التاسع عشر في أوروبا.
الجمعة، 19 أغسطس 2011
لماذا اختار الامير عبدالقادر طاقين عاصمة لزمالته.. بقلم : الدكتور حمام محمد زهير
إطلع على مواضيعي الأخرى
- يعني اختياره لتضاريسها الطبيعية و بعدها عن مناطق المراقبة ببوغاز
-الثانية هو انتماء أولاد اشعيب و المقان تاريخيا إلى بطن واحد مع الأمير .
و كما جرت العادة لقد كان في إختياره للحصون و العواصم يعتمد على عامل الطبيعة و صعوبتها لأن الفرنسيين يخشون الطبيعة القاسية .
لهذا فإن الزمالة أعطى الأمير تعليمات بخصوص السير بها على طرق تمضلاس، مرحوم، فيض القفول وتارزة.
غير انه نمت مخالفة أوامر الأمير فأختصر الطريق عبر التل إلى سيدي يحيى كما ذكر أحمد بن تهامة،وترجع مكانة طاقين في قلب الأمير لكونها أحد معقل أجداده فقد ذكر مصطفى بن أوهامي بأن أولاد شعيب ينتسبون قديما و حديثا لنسب البرجية إلى مولاي عبد القوي أحد أجداد الأمير و منهم المقان و فبائل الدوائر و اولاد المسعود التحاشي و أولاد بن عفان .
**الجغرافية الاقتصادية لطاقين :
إن منطقة طاقين التي وصفها الكولونيل سان أرتو إلى قيادته تشكل طبيعة صخرية وموحشة وهذا بطبيعة الحال إنما له علاقة بظاهرة الجفاف التي ضربت المنطقة في أينك الفترة له ميزاته فلم ينل منها كثيرا من خسارة المحاصيل بسبب أن الواد الطويل قد عرف فيضانا كبيرا حادا وهو ما يؤدي إلى طرح فرضيتين.
- هل كان الأمير يعلم مسبقا أن المنطقة ذات طبيعة جافة و قاسية حتى يداهم العدو ويبعده من الوصول إلى مواقع زمالته التي كانت تحمل زادها و عتادها
-أما الفرضية الثانية جد هامة تتمثل في زعم الأمير ان المكان آمن لخصوصيته وجودة أراضيه.
وما نستنتجه أن العلاقة جد هامة بالمياه المتدفقة من رأس العين .
وقد حاولنا ربط الشخصيات التاريخية بالفيالق الرومانية التي كانت تزحف أبان العهد النوميدي والتي من خلالها كانت ترابط المنافذ إلى الصحراء و الهضاب وهذا انطلاقا من التضاريس جبال أولاد خايل.
و في البداية أحكم الرومان سيطرتهم على معبر الزهراز الشرقي من أوصول الحضنة الجنوبية عبر مجدل الذي عثر فيه علماء الآثار على بقايا حصى فسمي باسم المدينة ،لأنهم لم يجدوا ما يرمز إلىإسمهم إذ أشار الباحثون على أن الحصى تؤسس في عهد الإمبراطور ماركس أور بليوس عام 149 للربط حيث تم إتمام إحكام السيطرة على طريق الأغواط ،صور الغزلان يرمز إلى عبور الرحل من شمال الصحراء و بلاد التل عبر جبال أولاد نايل.
كما أقام الرمان تحصينات على المغاير بين الصحراء و السهوب و بالذات على واد ملاح الذي يصب في الزهراز الغربي هو ممر رئيسي بين البلاد الواقعة خلف جبال أولاد نايل و بين السهوب و قد وصف S.COSSEL بأنها حصون وضعت أصلا لمراقبة النواحي الخلفية لجبال أولاد نايل و السهوب قد وجدت أصلا لمراقبة سهوب بوغار التي كانت تشكل طاقين أحد مكوناته الأمامية .
ويذكر سلسلة التضاريس الجغرافية للأولاد نايل تكون في صياغ حديث متواصل من قلعتين من القلاع المهمة التي لها علاقة بطاقين .
-أولا قلعة دميدى التي نشأت في ربوة مشرفة على واد مسعد لا يعرف معناه ويدعوها سكان مسعد بقصر البارود شكلت سوقا تجارية هامة لمواطني التل و الصحراء .
ويرى الباحثون أن قلعة دميدي كان هدفها الإستراتيجي هو فرض السيطرة على الطريق الرابط بين جنوبي المغرب الأقصى و نوميديا شمال الصحراء .
و هذا الطريق عرف زحفا مستمرا للقبائل التي كانت تمارس السطو ولهذا وضعت القلعة لحماية الطرق الرئيسية المنطلقة نحو الغرب مرورا بالأغواط ولبيض سيدي الشيخ .
ثم تاورارة ،تافيالت فكانت كل لحملات يذهب ليعود إلى دميد التي سمع عنها عرب الصحراء و التل بسبب الجيوش الضخمة التي كانت تجوب الطريق الجنوبي الواصل إلى الغرب لأنهم كانوا من جهة أخرى يريدون التحكم في الصحراء بالسيطرة على السهوب و الهضاب .
ونشير إلى مصادر أخرى أن التواصل الروماني ضرورة فرضتها مناطق الصحراء فانشئوا قلاع أخرى تكون متنفسا للجيوش الذاهبة من تادميت الواقعة بين الاغواط و الهضاب العليا و الزنينة التي تبعد عن طاقين بـ 50 كلم فقط و التي تضل على منخفض جميل فسيح ليكون الواد طويل فهو يجمع حمولته من جبال عمور و يعبر بها الهضاب .
إن المثلث الاستقامي يقول عنه الباحث شنين أنه يدعوا إلى التفكير بأن إنشاء المناطق الثلاث كان وفق خطة مدروسة فرضها هدف عسكري و هو التحكم في المنافذ الثلاث البدو الرحل في شمال الصحراء ( مسعد ، زنينة ، آفلوا ) وعندما نذهب الى تفحص ما وصفه دولايلسير خلال رحلته الاستكشافية عام 1882 بين إقليم الناضور بواحة حقيقية عند منافع واد الفايحة كما أقامت الحامية الرومانية حصن رومنا الذي كان مكلفا بالحوض الأوسط بواد الطويل.
تستنتج ان طاقين كانت من بين نقاط الترصد إبان الحكم الروماني مما جعل سجل المعالم الجغرافية الأكثر ملائمة من الناحية العسكرية .
وحتى يتم الوقوف على الطبيعة الجغرافية لطاقين نسلط الضوء على طبيعة التضاريس لبوغار لأن المنطقتين تتشابهان بالطابع الصخري لأراضيها.
أن بوغار كانت محل إهتمام كل الجيوش المارة عبرها ولاسيما الرومان الذين أقاموا مركزا عسكريا بالغ الأهمية على أعلى منطقة تبلغ 1112 م و مركزه بالشلف و واصل المالح إلى جعله يتصف باهمية كبرى خصوصا على إثر تكون الحوض المائي من جهة و إقترانها بخربة أولاد أهلال أولا دهلال التي تحتل جبل المطل على ثلاث جهات .
فهو يمكن الناضر من مد بصره جنوبا عبر سهل سرسو الممتد على السفوح الجبلية للونشريس و يشاهد مدينتي المدية ومليانة.
و لعل ما أكده ماك كارتي عند ما زار المنطقة عقب الاحتلال الى الأهمية الكبرى التي كانت تتمتع بها جبال الخربة من إطلاع على جميع المنافذ الصحراوية و التلية حيث يصف المعاير المطلة على الجنوب بمجرد الوقوف على أعلى قمة من جبال الخربة حيث قال أنها تطل على الجنوب من علو يفوق جميع المرتفعات والهضاب المكونة لأعالي واد أم جليل وكذا سهوب طاقين الواسعة وجبال أولاد نايل.
وهذا ما يدل على أن ماك كارتي كان على علم بما في هذه المنطقة المكشوفة في اللوجستيك الحربي خاصة وأن هذة الجبال تشكل نهاية سلسلة جبال الأطلس الصحراوي و تبعد عن الخربة 160 كلم .
و من هذا المنطلق فإن نضرة الأمير عبد القادر كانت تطمح إلى بسط نفوذ على جميع المعايير الصحراوية كما فعل قبله الرومان لأن التحصينات وجدها قائمة فالخط الدفاعي المستميت الذي يحتوي على بوغار مرورا بخربة أولاد هلال هو في حد ذاته همزة وصل بين واد أشلف إلى المنطقة الجبلية .
إطلع على مواضيعي الأخرى
[ شوهد : 40 مرة ]
ان طاقين كانت بالنسبة للأميرإختيارا استراتيجيا و طبيعيا لان محلته كانت كثيرة التنقل و كان يريد لها ان تبقى بآلتها السرية الضخمة (60.000) بعيدة عن عيون المحمل و الشوافة
ان طاقين كانت بالنسبة للأميرإختيارا استراتيجيا و طبيعيا لان محلته كانت كثيرة التنقل و كان يريد لها ان تبقى بآلتها السرية الضخمة (60.000) بعيدة عن عيون المحمل و الشوافة و لهذا فان اختياره إنما كان له وجهتين : - يعني اختياره لتضاريسها الطبيعية و بعدها عن مناطق المراقبة ببوغاز
-الثانية هو انتماء أولاد اشعيب و المقان تاريخيا إلى بطن واحد مع الأمير .
و كما جرت العادة لقد كان في إختياره للحصون و العواصم يعتمد على عامل الطبيعة و صعوبتها لأن الفرنسيين يخشون الطبيعة القاسية .
لهذا فإن الزمالة أعطى الأمير تعليمات بخصوص السير بها على طرق تمضلاس، مرحوم، فيض القفول وتارزة.
غير انه نمت مخالفة أوامر الأمير فأختصر الطريق عبر التل إلى سيدي يحيى كما ذكر أحمد بن تهامة،وترجع مكانة طاقين في قلب الأمير لكونها أحد معقل أجداده فقد ذكر مصطفى بن أوهامي بأن أولاد شعيب ينتسبون قديما و حديثا لنسب البرجية إلى مولاي عبد القوي أحد أجداد الأمير و منهم المقان و فبائل الدوائر و اولاد المسعود التحاشي و أولاد بن عفان .
**الجغرافية الاقتصادية لطاقين :
إن منطقة طاقين التي وصفها الكولونيل سان أرتو إلى قيادته تشكل طبيعة صخرية وموحشة وهذا بطبيعة الحال إنما له علاقة بظاهرة الجفاف التي ضربت المنطقة في أينك الفترة له ميزاته فلم ينل منها كثيرا من خسارة المحاصيل بسبب أن الواد الطويل قد عرف فيضانا كبيرا حادا وهو ما يؤدي إلى طرح فرضيتين.
- هل كان الأمير يعلم مسبقا أن المنطقة ذات طبيعة جافة و قاسية حتى يداهم العدو ويبعده من الوصول إلى مواقع زمالته التي كانت تحمل زادها و عتادها
-أما الفرضية الثانية جد هامة تتمثل في زعم الأمير ان المكان آمن لخصوصيته وجودة أراضيه.
وما نستنتجه أن العلاقة جد هامة بالمياه المتدفقة من رأس العين .
وقد حاولنا ربط الشخصيات التاريخية بالفيالق الرومانية التي كانت تزحف أبان العهد النوميدي والتي من خلالها كانت ترابط المنافذ إلى الصحراء و الهضاب وهذا انطلاقا من التضاريس جبال أولاد خايل.
و في البداية أحكم الرومان سيطرتهم على معبر الزهراز الشرقي من أوصول الحضنة الجنوبية عبر مجدل الذي عثر فيه علماء الآثار على بقايا حصى فسمي باسم المدينة ،لأنهم لم يجدوا ما يرمز إلىإسمهم إذ أشار الباحثون على أن الحصى تؤسس في عهد الإمبراطور ماركس أور بليوس عام 149 للربط حيث تم إتمام إحكام السيطرة على طريق الأغواط ،صور الغزلان يرمز إلى عبور الرحل من شمال الصحراء و بلاد التل عبر جبال أولاد نايل.
كما أقام الرمان تحصينات على المغاير بين الصحراء و السهوب و بالذات على واد ملاح الذي يصب في الزهراز الغربي هو ممر رئيسي بين البلاد الواقعة خلف جبال أولاد نايل و بين السهوب و قد وصف S.COSSEL بأنها حصون وضعت أصلا لمراقبة النواحي الخلفية لجبال أولاد نايل و السهوب قد وجدت أصلا لمراقبة سهوب بوغار التي كانت تشكل طاقين أحد مكوناته الأمامية .
ويذكر سلسلة التضاريس الجغرافية للأولاد نايل تكون في صياغ حديث متواصل من قلعتين من القلاع المهمة التي لها علاقة بطاقين .
-أولا قلعة دميدى التي نشأت في ربوة مشرفة على واد مسعد لا يعرف معناه ويدعوها سكان مسعد بقصر البارود شكلت سوقا تجارية هامة لمواطني التل و الصحراء .
ويرى الباحثون أن قلعة دميدي كان هدفها الإستراتيجي هو فرض السيطرة على الطريق الرابط بين جنوبي المغرب الأقصى و نوميديا شمال الصحراء .
و هذا الطريق عرف زحفا مستمرا للقبائل التي كانت تمارس السطو ولهذا وضعت القلعة لحماية الطرق الرئيسية المنطلقة نحو الغرب مرورا بالأغواط ولبيض سيدي الشيخ .
ثم تاورارة ،تافيالت فكانت كل لحملات يذهب ليعود إلى دميد التي سمع عنها عرب الصحراء و التل بسبب الجيوش الضخمة التي كانت تجوب الطريق الجنوبي الواصل إلى الغرب لأنهم كانوا من جهة أخرى يريدون التحكم في الصحراء بالسيطرة على السهوب و الهضاب .
ونشير إلى مصادر أخرى أن التواصل الروماني ضرورة فرضتها مناطق الصحراء فانشئوا قلاع أخرى تكون متنفسا للجيوش الذاهبة من تادميت الواقعة بين الاغواط و الهضاب العليا و الزنينة التي تبعد عن طاقين بـ 50 كلم فقط و التي تضل على منخفض جميل فسيح ليكون الواد طويل فهو يجمع حمولته من جبال عمور و يعبر بها الهضاب .
إن المثلث الاستقامي يقول عنه الباحث شنين أنه يدعوا إلى التفكير بأن إنشاء المناطق الثلاث كان وفق خطة مدروسة فرضها هدف عسكري و هو التحكم في المنافذ الثلاث البدو الرحل في شمال الصحراء ( مسعد ، زنينة ، آفلوا ) وعندما نذهب الى تفحص ما وصفه دولايلسير خلال رحلته الاستكشافية عام 1882 بين إقليم الناضور بواحة حقيقية عند منافع واد الفايحة كما أقامت الحامية الرومانية حصن رومنا الذي كان مكلفا بالحوض الأوسط بواد الطويل.
تستنتج ان طاقين كانت من بين نقاط الترصد إبان الحكم الروماني مما جعل سجل المعالم الجغرافية الأكثر ملائمة من الناحية العسكرية .
وحتى يتم الوقوف على الطبيعة الجغرافية لطاقين نسلط الضوء على طبيعة التضاريس لبوغار لأن المنطقتين تتشابهان بالطابع الصخري لأراضيها.
أن بوغار كانت محل إهتمام كل الجيوش المارة عبرها ولاسيما الرومان الذين أقاموا مركزا عسكريا بالغ الأهمية على أعلى منطقة تبلغ 1112 م و مركزه بالشلف و واصل المالح إلى جعله يتصف باهمية كبرى خصوصا على إثر تكون الحوض المائي من جهة و إقترانها بخربة أولاد أهلال أولا دهلال التي تحتل جبل المطل على ثلاث جهات .
فهو يمكن الناضر من مد بصره جنوبا عبر سهل سرسو الممتد على السفوح الجبلية للونشريس و يشاهد مدينتي المدية ومليانة.
و لعل ما أكده ماك كارتي عند ما زار المنطقة عقب الاحتلال الى الأهمية الكبرى التي كانت تتمتع بها جبال الخربة من إطلاع على جميع المنافذ الصحراوية و التلية حيث يصف المعاير المطلة على الجنوب بمجرد الوقوف على أعلى قمة من جبال الخربة حيث قال أنها تطل على الجنوب من علو يفوق جميع المرتفعات والهضاب المكونة لأعالي واد أم جليل وكذا سهوب طاقين الواسعة وجبال أولاد نايل.
وهذا ما يدل على أن ماك كارتي كان على علم بما في هذه المنطقة المكشوفة في اللوجستيك الحربي خاصة وأن هذة الجبال تشكل نهاية سلسلة جبال الأطلس الصحراوي و تبعد عن الخربة 160 كلم .
و من هذا المنطلق فإن نضرة الأمير عبد القادر كانت تطمح إلى بسط نفوذ على جميع المعايير الصحراوية كما فعل قبله الرومان لأن التحصينات وجدها قائمة فالخط الدفاعي المستميت الذي يحتوي على بوغار مرورا بخربة أولاد هلال هو في حد ذاته همزة وصل بين واد أشلف إلى المنطقة الجبلية .
نشر في الموقع بتاريخ : الجمعة 19 رمضان 1432هـ الموافق لـ : 2011-08-19
الأربعاء، 17 أغسطس 2011
مرارة/ق ق ج
مرارة قهوتي ريشة تتسلق جدار حزني الطفولي..
تخربش باقة من تفاصيل الانتظار..
أمزجُ أنفاس اللحظة بقوس قزح الاصوات النائمة على الرفوف..أفتشُ عن بداية اللون ..ينعكس السؤال في بحيرة الوجوه الراكدة..
مرارة عابره تدق أبواب الحيرة..تتسلل لأعماق الضحك المخبأ ..ترتطم بأشواك الدهاليز وخفافيش الخوف من وجهك الداكن..
أغنية أخيرة تصافح وجعي..وتنمنم مرارة الهدوء..
هدوء قبل ...
مرارة قهوتي ريشة تتسلق جدار حزني الطفولي..
تخربش باقة من تفاصيل الانتظار..
أمزجُ أنفاس اللحظة بقوس قزح الاصوات النائمة على الرفوف..أفتشُ عن بداية اللون ..ينعكس السؤال في بحيرة الوجوه الراكدة..
مرارة عابره تدق أبواب الحيرة..تتسلل لأعماق الضحك المخبأ ..ترتطم بأشواك الدهاليز وخفافيش الخوف من وجهك الداكن..
أغنية أخيرة تصافح وجعي..وتنمنم مرارة الهدوء..
هدوء قبل ...
الاثنين، 15 أغسطس 2011
موقع القصة في القرآن الكريم
-------------------------------------
ورد ذكر القصة في سورة البقرة الآيات 246-251
أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (246)ا
وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247)ا
وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (248)ا
فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249)ا
وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250)ا
فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251)ا
*****************************************
: حال بنو إسرائيل قبل داوود
----------------------------------
قبل البدء بقصة داوود عليه السلام ، لنرى الأوضاع التي عاشها بنو إسرائل في تلك الفترة.
توفي سيدنا موسى و توفي قبله سيدنا هارون عليهما السلام ، و تركا وراءهما ميراث الرسالة الالهية .
ترك لهم موسى عليه السلام التوراة و ترك لهم صحفاً مقدسة .
وضع سيدنا موسى التوراة و الصحف في صندوق و سلّمه الى وصيّه يوشع بن نون ، الفتى الذي أخذه موسى عليه السلام معه في رحلته الى "مجمع البحرين".
مرّت أربعون سنة و بنو اسرائيل يدورون في صحراء سيناء ، و كانوا يخافون الحرب ، و يخافون الوثنيين العمالقة الجبارون الذين يحكمون الأرض المقدسة .
عندما أصبح يوشع بن نون نبياً كان قد مات الكثير من بني إسرائيل ، و جاء جيل جديد لا يخاف الحرب و لا يخاف من العمالقة .
لهذا دعاهم يوشع بن نون لتحرير الأرض المقدسة فاستجابوا له .
وقاد يوشع بن نون المؤمنين و حارب بهم الكفار و انتصر عليهم و دخل الأرض المقدّسة .
وقامت دولة لبني اسرائيل ، و لم تستمر هذه الدولة طويلاً ، لأن بني اسرائيل بعد وفاة يوشع بن نون عادوا الى المعاصي ، وعبد بعضهم الأصنام ، واستخفوا بصندوق العهد ، ولم يزل بين أظهرهم من الأنبياء من يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكرات .
وعندما ضعف ايمانهم اصبحوا أمّة ضعيفة فسلط الله عليهم أعداءهم ، حكم جالوت الأرض المقدسة ، وراح يقتل رجال بني اسرائيل و يستعبد نساءهم ، ثم شرّدهم من أرضهم ، و أخذ منهم صندوق العهد ، وقتل منهم مقتلة عظيمة ، وسقطت دولتهم ، وأصبحوا مستعبدين ، وانقطعت النبوة من أسباطهم ، ولم يبقى من السبط الذى يخرج منه أنبياءهم الا امرأة حامل من زوجها الذى قتل ، فأخذوها وحبسوها فى بيت واحتفظوا بها لعل الله يرزقها غلاما يكون لهم نبيا .
فسمع الله دعاءهم ووهبها غلاما ، فسمته صمويل "شمويل" ومعناه بالعبرانية إسماعيل ، أي سمع الله دعائي .
فأنبته الله نباتا حسنا ، ولما بلغ سن الأنبياء أوحى الله اليه ، وأمره الله بالدعوه اليه وتوحيده و و تذكير قومه بتعاليم التوراة .
بينما هو ذات ليلة نائم : إذا صوت يأتيه من ناحية المسجد فانتبه مذعورا ظانا أن الشيخ يدعوه .
فهرع أشموئيل إليه يسأله : أدعوتني..؟
فكره الشيخ أن يفزعه فقال : نعم.. نم.. فنام..
ثم ناداه الصوت مرة ثانية.. وثالثة ، وانتبه إلى جبريل عليه السلام يدعوه: إن ربك بعثك إلى قومك .
فذهب إلى قومه وقال لهم : انكم ضعفتم لأن الأيمان في قلوبكم أصبح ضعيفاً.. انتم تحبون الذهب اكثر من ربّ العالمين ، تخافون من الوثنيين و لا تخافون من الله..
وندم بنو اسرائيل وعادوا الى تعاليم الدين فعاد الأيمان الى قلوبهم .
*****************************************
: اختيار طالوت ملكا
-----------------------
وذات يوم ذهب بنو إسرائيل لنبيهم.. سألوه: ألسنا مظلومين ؟
قال: بلى..
قالوا: ألسنا مشردين ؟
قال: بلى..
قالوا: لقد قهرنا جالوت ، و اذلّنا بظلمه.. فاسأل الله أن يبعث لنا قائداً و ملكاً لنقاتل تحت لوائه في سبيل ونستعيد أرضنا ومجدنا .
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ)ا
قال نبيهم وكان أعلم بهم : هل أنتم واثقون من القتال لو كتب عليكم القتال ؟
قالوا: ولماذا لا نقاتل في سبيل الله، وقد طردنا من ديارنا، وتشرد أبناؤنا، وساء حالنا ؟
( قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا)ا
قال نبيهم: إن الله اختار لكم طالوت ملكا عليكم.
(وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا)
كان طالوت شاباً فقيراً .. من ذرية بنيامين.. بنيامين شقيق يوسف عليه السلام ..
* * *
(طالوت بن قيس بن أفيل بن صارو بن تحورت بن أفيح بن أنيس بن بنيامين بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل)
قالوا : كيف يكون ملكا علينا وهو ليس من أبناء الأسرة التي يخرج منها الملوك -أبناء يهوذا- كما أنه ليس غنيا وفينا من هو أغنى منه ؟
( قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ)ا
قال نبيهم : إن الله اختاره، وفضله عليكم بعلمه وقوة جسمه .
( قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)ا
قالوا: ما هي آية ملكه ؟
قال لهم نبيهم: ان آيته ان يأتيكم صندوق العهد الذي فيه ميراث موسى و هارون .
(وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)ا
قالوا :كيف ؟!
قال النبي :اذهبوا الى الصحراء و سوف ترون ذلك بأعينكم .
سكت بنو اسرائيل ، لم يبق امامهم إلاّ أن يسلّموا لارادة الله ، ولكن كيف سيأتي صندوق العهد ؟! هكذا راحوا يتساءلون .
قال لهم نبيهم: سيأتيكم الصندوق تحمله الملائكة . . فهل تريدون آية أكبر من ذلك ؟!
و خرج بنو اسرائيل الى الصحراء يترقبون المشهد المثير .
و جاءت اللحظة المرتقبة و رأى بنو اسرائيل صندوق العهد و قد غمرته أنوار الملائكة .
و هبط الصندوق المقدس برفق بين يدى طالوت ، وشعر بنو اسرائيل بالسكينة والايمان يملأ قلوبهم.. ها هو صندوق العهد رمز عزتهم يعود اليهم مرّة أُخرى .
و هكذا أصبح طالوت ملكاً على بني اسرائيل و ساد النظام حياتهم .
*****************************************
: قيادة طالوت للجيش وقرار الانطلاق للجهاد
---------------------------------------------------
اعلن طالوت انه يستعد للجهاد في سبيل الله ، و أن على بني اسرائيل ، أن يتهيأوا للحرب ضد جالوت الظالم .
مرّة أخرى تناسى بنو اسرائيل العهد الذي قطعوه على انفسهم لقد طلبوا من النبي أن يبعث الله لهم ملكاً ليقاتلون معه في سبيل الله سبحانه و استجاب لهم واختار لهم طالوت .
عندما أعلن طالوت انه سيجاهد في سبيل الله ، تراجع بنو اسرائيل وخانوا العهد .
القليلون فقط استجابوا لطالوت.. كانوا مؤمنين بالله مطيعين لنبيهم وملكهم ، أمّا الأكثر فقد كانت تميل الى حياة الذل والعبودية ، ولكن طالوت والمؤمنين استطاعوا ان يؤلفوا جيشاً من بني اسرائيل .
و أعلن طالوت انه سيزحف بالجيش في الصباح .
عندما اشرقت الشمس كان الجنود يستعدون للتحرك ، والايمان يملأ قلوبهم باستعادة أرضهم و بلادهم و قهر الكفار .
في الطريق أعلن طالوت بياناً هاما .
(فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ)ا
قال الملك طالوت لجنوده: سنصادف نهرا في الطريق (نهر الأردن حاليا) ، فمن شرب منه فليخرج من الجيش، ومن لم يذقه وإنما بل ريقه فقط فليبق معي في الجيش..
وجاء النهر فشرب معظم الجنود ، وخرجوا من الجيش ، وكان طالوت قد أعد هذا الامتحان ليعرف من يطيعه من الجنود ومن يعصاه ، وليعرف أيهم قوي الإرادة ويتحمل العطش، وأيهم ضعيف الإرادة ويستسلم بسرعة.
لم يبق إلا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا ، لكن جميعهم من الشجعان .
(فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)ا
كان عدد أفراد جيش طالوت قليلا، وكان جيش العدو كبيرا وقويا.. فشعر بعض -هؤلاء الصفوة- أنهم أضعف من جالوت وجيشه وقالوا: كيف نهزم هذا الجيش الجبار..؟!
قال المؤمنون من جيش طالوت: النصر ليس بالعدة والعتاد، إنما النصر من عند الله.. كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ .. فثبّتوهم .
*****************************************
: خروج داوود لمقاتلة جالوت
---------------------------------
(وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)ا
وبرز جالوت في دروعه الحديدية وسلاحه، وهو يطلب أحدا يبارزه .. وخاف منه جنود طالوت جميعا..
وسخر جالوت من طالوت و جنوده لأن أحداً لا يريد مبارزته.
وهنا برز من جيش طالوت راعي غنم صغير هو داود..
كان داود مؤمنا بالله ، وكان يعلم أن الإيمان بالله هو القوة الحقيقية في هذا الكون، وأن العبرة ليست بكثرة السلاح ، ولا ضخامة الجسم ومظهر الباطل وكان صغير السن جدا للقتال.
وكان الملك قد قال : من يقتل جالوت يصير قائدا على الجيش ويتزوج ابنتي..
ولم يكن داود يهتم كثيرا لهذا الإغراء.. كان يريد أن يقتل جالوت لأن جالوت رجل جبار وظالم ولا يؤمن بالله.. وسمح الملك لداود أن يبارز جالوت..
وتقدم داود بعصاه وثلاثة أحجار ومقلاعه (وهو نبلة يستخدمها الرعاة)ا
دهش جالوت لمنظر ذلك الفتى صغير السن وهو يتقدم اليه دون سيف و لا رمح .
قال جالوت :انك ولا شك تريد أن تموت ايها الفتى . . اذهب وارسل أحد الرجال أقاتله.. فانى لا أحب قتلك.
قال داود: ولكننى والله أحب قتلك .
قال جالوت: فأين سيفك اذن و رمحك و معدّاتك الحربية ؟
قال داود :إن سلاحي الإيمان وأقاتلك باسم الله .
فغضب جالوت وتقدم مدججا بالسلاح والدروع..
ووضع داودالأحجارفي مقلاعته وطوح به في الهواء وأطلق الحجارة .
واصطدم الحجارة برأس جالوت فقتله .
وبدأت المعركة ... وانتصر جيش طالوت على جيش جالوت .
بعد فترة أصبح داود عليه السلم ملكا لبني إسرائيل ، فجمع الله على يديه النبوة والملك مرة أخرى .
(فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ)ا
هذه ليلة اخرى من مساجلاتي مع الشاعر الكبير ادونيس محمد غلام ولكنها قديمة ..
علي قوادري
حسراه وكان عشب الدنيا يدوم**وتبقى لمتنا نجع وجموع
ادونيس
راح الزهو بقاتلي غير الهموم
وتفكرت أيام قاشينا مجموع
علي قوادري
كنت في زهو الدنيا نعوم**وليت وحداني مانيش مسموع
ادونيس
والنجع اللي كان فارسها مقيوم
راه بدل حالتو ولا مفجوع
علي قوادري
وش نحكيلك ياتراس اليوم**ضاع العمر طفا نعت الشموع
ادونيس
وأنا ضعت وكنت في ناسي معلوم
وياحسراه علي الناس مع الربوع
علي قوادري
وياحسراه ماعاد كاين كبير القوم**ماعاد الراجل في دارو مسموع
ادونيس
لو نحكيلك راك تبقى مصدوم
وجفونك تلقاها ويدان دموع
علي قوادري
احكي يا حكيم الزمان المذموم**سرك راه في بير الضلوع
ادونيس
لو نحكيلك ياعلي وش صار اليوم
أتقلي محال في قولك قنوع
علي قوادري
علمي بيك يا ادونيس عالم علوم**وراجل كلامك مرتب فيه قنوع
ادونيس
ونقلي ياغلام نخدملك مهدوم
تتبدل في حالتك ترجع مطبوع
علي قوادري
الراجل الزين بلسانو موشوم..اكلامو رصاص مافيه رجوع
يالوكان الدهر كامل يصوم**يبقى راجل مايهدو جوع
ادونيس
نافي حالي كي الي طالع سلوم
وخايف نهبط ياعلي نرجع مصدوع
علي قوادري
قلي يا صاحب القليب المكلوم**ننصحك نصيحة تفهم عني الموضوع
ادونيس
خايف نهدر يالخو نرجع مفهوم
ومن هذاك القول أنولي مصروع
علي قوادري
قلت نفاجي عنك يا مغروم**نجيب عليك قصايد زينة يا مولوع
ادونيس
قلبي راه أكحال كي مثل الجحموم
وفي السرعة فاقلي حتى الجربوع
علي قوادري
يالي داري بي راني مسموم**نتعذب الف مرة في أسبوع
ادونيس
أرميلي ياصاحبي عنك لهموم
قبل الحال الا يولي فيه رجوع
علي قوادري
حسراه وكان عشب الدنيا يدوم**وتبقى لمتنا نجع وجموع
ادونيس
راح الزهو بقاتلي غير الهموم
وتفكرت أيام قاشينا مجموع
علي قوادري
كنت في زهو الدنيا نعوم**وليت وحداني مانيش مسموع
ادونيس
والنجع اللي كان فارسها مقيوم
راه بدل حالتو ولا مفجوع
علي قوادري
وش نحكيلك ياتراس اليوم**ضاع العمر طفا نعت الشموع
ادونيس
وأنا ضعت وكنت في ناسي معلوم
وياحسراه علي الناس مع الربوع
علي قوادري
وياحسراه ماعاد كاين كبير القوم**ماعاد الراجل في دارو مسموع
ادونيس
لو نحكيلك راك تبقى مصدوم
وجفونك تلقاها ويدان دموع
علي قوادري
احكي يا حكيم الزمان المذموم**سرك راه في بير الضلوع
ادونيس
لو نحكيلك ياعلي وش صار اليوم
أتقلي محال في قولك قنوع
علي قوادري
علمي بيك يا ادونيس عالم علوم**وراجل كلامك مرتب فيه قنوع
ادونيس
ونقلي ياغلام نخدملك مهدوم
تتبدل في حالتك ترجع مطبوع
علي قوادري
الراجل الزين بلسانو موشوم..اكلامو رصاص مافيه رجوع
يالوكان الدهر كامل يصوم**يبقى راجل مايهدو جوع
ادونيس
نافي حالي كي الي طالع سلوم
وخايف نهبط ياعلي نرجع مصدوع
علي قوادري
قلي يا صاحب القليب المكلوم**ننصحك نصيحة تفهم عني الموضوع
ادونيس
خايف نهدر يالخو نرجع مفهوم
ومن هذاك القول أنولي مصروع
علي قوادري
قلت نفاجي عنك يا مغروم**نجيب عليك قصايد زينة يا مولوع
ادونيس
قلبي راه أكحال كي مثل الجحموم
وفي السرعة فاقلي حتى الجربوع
علي قوادري
يالي داري بي راني مسموم**نتعذب الف مرة في أسبوع
ادونيس
أرميلي ياصاحبي عنك لهموم
قبل الحال الا يولي فيه رجوع
علي قوادري
جاني خمرك يسكر من الكروم**هيج خاطري قلبي عاد مقلوع
ادونيس
ياحسراه أيام فاتت قبل اليوم
وجمايع زينين من هذاك النوع
علي قوادري
كل شي مكتوب علينا مرسوم***لازم يكون بني ادم قنوع
ادونيس
لبستنا وبري مع الصوف المبشوم
والبرنوس يكون في القيمة مشنوع
علي قوادري
الصوف بيدين محنيين مرقوم**والزربية في المنسج المقلوع
ادونيس
وفراشات من الخمل غالي في السوم
وما يعرفهم قالي يعرف ذ النوع
علي قوادري
صنعت أما وحذاها خالتي فطوم**والخلالة والطعمة تبشم في المصنوع
ادونيس
ياحصراه أيام فاتو قبل اليوم
وقت الدقلة والحليب مع المطلوع
علي قوادري
والرفيس بدهان العرب معتق ومختوم**تاكل منو مغرف تولي مصروع
الخرفش لهاا مع الفقاع والزددوم**والفارس بالعود والشعر مولوع
ادونيس
والقصاب يكون في القصبة قمقوم
وحدة وحدة مايوليشي مسروع
مقامات من العروبي المعلوم
ويوزقها قاع بأنواع الطبوع
علي قوادري
ياي ياي ورقصة نايلية دوم**نرقص الليل كامل مانيش مخلوع
قصايد تحكي على ايام الروم**وغرام الليل اللي خلاني مقطوع
وحداني نحكي ونغني للنجوم**حكايتي معروفة في كل الربوع
الخميس، 11 أغسطس 2011
المهدي عثمان (كاتب تونسي )
أدونيس مرة أخرى
قصيدة النثر أو الشعر كتيار كهربائي
يعرّف أدونيس قصيدة النثر باعتبارها " كلمات عادية مشحونة بطاقة غامضة ـ شكل يجري فيه الشعر كتيار كهربائي عبر جمل وتراكيب لا وزن لها ظاهريا، ولا عروض ـ عالم متشابك كثيف مجهول غير واضح المعالم " (1)
إنّ مثل هذه التعبيرات المراد بها تعريفا أو شرحا أو تفسيرا أو حتى إبداعا ( شعرا أو نثرا ) ... هذه التعبيرات، هي التي ساهمت في جعل قصيدة النثر غامضة ومعتّمة وأقرب للإبهام منها إلى الوضوح .
فأنْ يقول أدونيس أنّ قصيدة النثر " مشحونة بطاقات غامضة ـ شكل يجري فيه الشعر كتيار كهربائي " إنما هي محاولة من أدونيس للهروب من التفسيرات الواضحة لمثل هذا الجنس الكتابي المستعصي .
فاللغة هنا تحدّثنا عن غموض في قصيدة النثر بلغة غامضة، وكأنّ ما ينطبق على تلك الجملة، هو ما ينطبق على قصيدة النثر .
كيف يمكن إذن، مقاربة مفهوم قصيدة النثر عند أدونيس وهذه الأخيرة غارقة في
" عالم متشابك كثيف مجهول (و) غير واضح المعالم " ؟
إذن، كيف نفهم مثل هذا القول ؟
هل قياسا على مقولة بول فاليري " لقصائدي المعنى الذي يُسْند إليها "؟ فنقول
" لمقولاتي المعنى الذي يسْند إليها "؟
وإنْ كان ذلك صحيحا لما يتعلّق بالشعر، باعتباره يسْتدعي ذلك الاختلاف والتنوّع في القراءات، دفاعا عن " أبدية " الشعر وتجدده " فكل قراءة تقويض لقراءة ... ولا يحمل هذا التقويض معنى الإلغاء والإفناء " (2)
بالمثل لا يحمل الوقوف عند فكرة واحدة ومعنى واحدا اعترافا أنه ما اصطلح على تسميته " بجمالية التلقي "، لما نتحدث عن العلاقة بين النص والقارئ . وهذا مفهوم ترجمه سعيد خرو عن كلمة Rezeptionsasthetik
إذا كان الأمر كذلك… لما يتعلق بالشعر، فإنّ تأويل "النثر " يستدعي الوقوف والتمهل.
فهل مقولة أدونيس في تعريفه لقصيدة النثر، أريد بها توضيحا للمفهوم أم إيغالا في التعتيم ؟
وهل يمكن أنْ نجزم أنّ قولا غير مفهوم ومعتّم وزئبقيّ، هو قول لا يقول شيئا ؟
أم " أنّ ذلك العالم المتشابك الكثيف المجهول " يمكن أنْ يفكَّك و يٌبْسَطَ ويصير واضحا ؟
أم أنّ مثل هذا التحوّل الجوهري لعالم قصيدة النثر من شأنه أنْ يُفقدها جوهرها ومعناها الحقيقي أو طبيعتها التي هي ذلك " التشابك " و " الكثافة " و " الغموض " ؟
فهل هذا ـ إذن ـ ما قصده أدونيس أنّ " على قصيدة النثر ألاّ تتعارض مع صفات المجانية والغموض والكثافة " ؟ (3) وهي نفس الفكرة المأخوذة عن سوزان برنار بل حتّى شعراء من أمثال بودلير و رامبو و مالارميه " أكّدوا مفهوم الغموض في الشعر وكتابة قصيدة النثر " (4) وهذا ما يدعّم فكرة أنّ الإبهام / التعتيم من شأنه أنْ يبتعد بالقصيدة عن الشعور والعواطف، نحو الفكر والفلسفة .
فإذا وضعنا على طاولة التشريح، نصوص نزار قباني ـ مثلا ـ يصعب أنْ نتعثّر على عتبات قصيدة واحدة معتمة وعقلية أو ذهنية أو " موضوعية " ، بحيث تدفع القارئ للبحث أو لاسْتخدام المعاجم الفقهية والفلسفية والسياسية . وإن كنا باسْتدعائنا لنزار قباني، لا نخلط بين قصيدة النثر والقصيدة الحرة التي يكتبها هذا الشاعر... إلا أنه لما يتعلق بالغموض، يبدو جليا اقتراب قصيدة النثر من هذه الجهة المعتمة نحو الإبهام.
فأدونيس يؤكد في نصوصه " ذلك التلازم الدائم (..) بين الشعر والفكر. حتى إنّ أشعاره ليست إجمالا في منأى عن إعمال الفكر " (5)
فالجمل الشعرية تكاد تكون مقتطعة من كتب فلسفية، بحيث من الطبيعي أنْ يكون " تلقي هذا الشعر أكثر صعوبة من تلقي غيره " (6) بسبب ما يلتصق به من غموض وضبابية وربما الوصول إلى التعتيم أو الإبهام المطلق.
وإن بدا أدونيس غير مقتنع بفكرة الوصول بالشعر إلى مرحلة " الإبهام المطلق " إلا أنه يعترف بضرورة أنْ لا يناقض النصّ " العامل الحضاري " (7) بل يتماهى معه تجسيدا " للبعد والحدس والعمق في الشعر " (8) . لذلك يقول أدونيس في
" زمن الشعر " بضرورة ربطه ( الشعر ) لا بالعاطفة والمشاعر فقط، بل الشعر مع ذلك " هو ما يمكن أنْ نسميه الفلسفة. فهؤلاء الشعراء ( يقصد غوته و دانتي وشكسبير ) عبروا خلال عواطفهم وانفعالاتهم عن العالم . كان لهم معنى آخر . رأى في العالم وموقف منه ... كانت لهم فلسفة " (9)
نفهم باطلاعنا على أدبيات دانتي وغوته وشكسبير، مدى ما وصل إليه أولئك الشعراء في تعاملهم مع الواقع ودفعهم نحو تغيير السائد، وأخذ موقف من الرداءة ... غير أننا لا نذهب مع أدونيس في اعتبار قصيدة النثر العربية أخذت تلك الوجهة، باسْتثناء بعض التجارب .
فالحداثة غيّرت في الغرب ما لم تغيّره و ما بعد الحداثة والعولمة مجتمعة في العرب .مع ذلك " فالموقف " يكاد يكون غائبا عند شعراء قصيدة النثر . وهو ما جعل " حزب المحافظين " يعتبرها بداية أو بالأحرى نتيجة للأزمات المختلفة التي يعيشها الراهن العربي . من ذلك أنّ عبد المعطي حجازي اعتبرها نتيجة للعولمة أو الأمركة ( وهو خلط ينم عن جهل ) وهزيمة 1967 " مما أدى إلى انحطاط اللغة وتوقف الإبداع واسْتفحال التيارات المعادية للعلم والحرية " (10)
وإنْ كنت تعرضت لمواقف حجازي المتطرفة من قصيدة النثر، إلا أنّ موقفه ذاك هو صدى لمواقف أخرى متعددة ** .
فقصيدة النثر عند نسبة كبيرة من شعرائنا لا تتبنّى " موقفا " من السائد والراهن، بل عوّلت على الذاتيّ والتمحور حول الذات Egocentrisme
بل تذهب قصيدة النثر إلى أبعد من ذلك بطموحها " إلى الانفصال عن الواقع (..) والنأي عن تمثيله " (11)
ولما نسْتدعي هذا الواقع، إنما نسْتدعي ما أثير حول هذا النصّ من شبهات . وخاصة بإصدار مجلة " شعر " التي تزامن إصدارها لأول مرّة مع العدوان الثلاثي على مصر، ثمّ توقفت وعادت للصدور قبل انطلاق حرب 1967 بأشهر .
مع أنّ أغلب المؤسسين يحملون توجهات قومية، بل هم أعضاء في أحزابها، مثل يوسف الخال وخليل حاوي . بل احتضنت مجلة شعر إبداعات ليبرالية وحتى شيوعية .
نذكر نازك الملائكة و السياب و فدوى طوقان وسعدي يوسف والبياتي وعبد الصبور وسلمى الخضراء الجيوسي ..
إننا هنا ـ ونحن نسْتحضر قصيدة النثر ـ كأننا أمام مدارس تشْكيلية، كالتكعيبية و الدادائية ... مدارس عند انفصالها عن الفن الكلاسيكي، أو بالأحرى عند اكتمال مشْروعها فصلتْ بالمثل مع الواقع .وصار من المسْتحيل أنْ نعثر على موضوع تمثله اللوحة التكعيبية .
صحيح أنّ اللوحة لا تخلو من موضوع، لكن أيّ موضوع ؟
إننا نقف أمام مادة زئبقية يصعب الإمساك بها، وصارت هذه الزئبقية هي مطلب الفنّ .
إننا بحق أمام " الاعتباطية ". بمعنى أنْ تقول كلّ شيء عدا أنْ تقول ما يتعلق بالراهن والسائد و الواقعيّ . وإنْ كان ذلك صحيحا، لما يتعلق بالنهضة الأوروبية وما وصلت إليه تلك الحضارة، من حالة رفاه وسَمتْ حالة المجتمعات، وقطعت تلك الشعوب مع الفقر والأوبئة والتخلف... إنْ كان ذلك ممكنا فإنه لما يتعلق الأمر بالعالم العربي، تبدو محاولة إيديولوجية سافرة ومشْبوهة، الغرض منها التعتيم على الواقع وتجميل القبح . فهل " على القصيدة أنْ تقطع جميع الحبال التي تربطها بما يبررها " كما نادى بذلك كوكتو ؟
يبدو أنّ هذا ما ينفيه أدونيس .
ولكن هذا الموقف ( عدم القطع مع الواقع ) تبناه العشرات بل المئات من كتاب قصيدة النثر، وحتى أدونيس نفسه يحب أنْ يعترف أنّ رفضه للقطع مع الواقع، لا يعني التعبير عنه بمفاهيم ومواقف وجمل مبهمة لا يفهمها إلا هو .
أي أنه مطالب بالإجابة عن سؤال :
لم لا تقول ما يفهم ؟
وكيف نفهم قوله مثلا :
توسّدوا سندسَ الله،
أو اسْتسْلموا لدولاب الآلة ،
سوف يقْتفي، وهو الجامح، طبقات التكوين السّفلىمُزوّدا بماءٍ يحمل الغواية
في كينونة ـ نصْفها رصاص ونصفٌ أسْطورة
في فيض أشْلاء
حيث تشْطح العناصر وتتهتّك المادة (12)
إنّ تأويلا قسريا، معناه تنزيل مفهوم " الإرهاب " من معجمه السياسي إلى المعجم الشعري ، أي أنّ هؤلاء بإمكانهم ـ تبعا لذلك التعسف ـ أنْ يمارسوا إرهابا ما على المعنى .
نحن لسنا ضدّ التأويل والشرح والتفسير، لكن ضد إدخال الأرجل في الأحذية الضيقة. فالشعر " نشاط بشريّ يتجاذبه قطبان: العادة والإبهام. وقدره يتمثل في الإفلات من كليهما، حتى يهادن العادة ولا يرتاد الإبهام " (13)
فكيف يسْتريح الشعر في ظلّ هذا التجاذب بين العادة والإبهام ؟
فمحمد لطفي اليوسفي ( والقول له ) موقن أنّ الوقوف على العادة رداءة وتكرار، والذهاب إلى الإبهام طلاسم وتعتيم واختناق. وهذا موقف سانده فيه الكثير من النقاد .
وقد علمْنا أنّ المتلقي إذا عجز عن فكّ أزرار المعنى، معناه بتر حبال التواصل بينه والشاعر/ الباث .
لذلك يذهب اليوسفي إلى أنّ " الغموض " هو سرير الشعر ومخدعه... هو المكان حيث يسْتريح .
وبعودتنا لأدونيس نصطدم بسؤاله :
لم لا تفهمون ما أقول ؟
ردا على سؤال : لم لا تقول ما يُفهم ؟
لندخل تبعا لذلك في جدل التوادد والسجال بين الباث والمتقبل . أيهما مطالب بالتواطؤ مع الآخر .هل ينزل الشاعر لأرض الداصة والدهماء كما يقول الجاحظ ؟ أم ترتفع العامة إلى النخبة لتقطع مع الاسْتسلام " للمرئي السهل ضدّ المقروء الذي يتدنّى يوما بعد يوم " (14) كما ذهب إلى ذلك إلياس لحود ؟
إنّ أدونيس مع ذلك واحد من أهمّ المنظرين لقصيدة النثر العربية، ورغم هذا الامتياز أو السبق، لا زال غير قادر تماما على تحديد ملامح ذلك الجنس من الكتابة . بمعنى لم يسْتطع إعطاءها لباسها المفاهيمي . حتى أنه ـ وهو يردّ على أسئلة بعض القراء لجريدة الحياة اللندنية سنة 2001 ـ اعتبر مصطلح قصيدة النثر " مفكك ومتشعب ومتناثر، حتى أنه يكاد يفقد دلالته الأساسية. حيث تحوّل في الكتابة العربية إلى طينة يمكن أنْ نسميها الكتابة الشعرية . نثر " (15)
وهذا المفهوم تداولته الأقلام النقدية، واعتمده بعض النقاد والشعراء . بل هو
( الكتابة الشعرية .نثر) من الأسماء التي جمعها عز الدين المناصرة في كتابه
" اشكاليات قصيدة النثر " إضافة لـ 23 اسما .
إنّ ما طرحه أدونيس في الإجابة عن بعض الأسئلة التي طرحها عليه القراء في جريدة الحياة اللندنية، أضاء عديد الزوايا المعتّمة الحافة بقصيدة النثر، لعلنا نلخصها في النقاط التالية والتي كان أدونيس يخشى حدوثها :
1 ـ شيوع الكلام على أنّ قصيدة النثر بدأت تحلّ محلّ الشعر أو محل قصيدة الوزن وهذا كلام يتبناه المحافظون الذين يتهمون كتاب قصيدة النثر بتبني القول الذي معناه إقصاء قصيدة النثر لأصناف القول الأخرى والحلول محلها.
وهذا ما ذهب إليه أحمد عبد المعطي حجازي في كتابه الأخير بالقول أنّ قصيدة النثر يقدمها الشعراء " كنوع مسْتقل (..) بل يعتبرونها بديلا عن القصيدة الموزونة " (16) وهذا قول مرده التسرع وعدم الفهم . لأن جميع رواد قصيدة النثر يتفقون على أنها ليست بديلا لأيّ جنس آخر من الكتابة . من ذلك ما ذهب إليه أنسي الحاج في مقدمة ديوانه " لن" :
" كلّ مرادنا إعطاء قصيدة النثر ما تسْتحق : صفة النوع المسْتقلّ . فكما أنّ هناك رواية وحكاية وقصيدة وزن تقليديّ وقصيدة وزن حرّ، هناك قصيدة نثر " (17)
2ـ أما النقطة الثانية، فهو شيوع الكلام على أنّ قصيدة النثر اسم يتسع لجميع
" المسميات" أو أشكال الكتابة الشعرية.نثرا .
وهذا موقف ـ وإن كان يخشاه أدونيس ـ إلا أنه شاع وانتشر حتّى بين كتاب قصيدة النثر أنفسهم . حتى بتنا نسمع " حلول " القصة والرواية والخاطرة في قصيدة النثر .
وبتنا نقرأ تجارب تجمع كلّ هذه الأجناس على صفحة واحدة وتسميها قصيدة نثر بتعلة أنّ قصيدة النثر يمكنها أن تتسع لها جميعا . وهي تجارب نعتقد أنها جاهلة بالمفاهيم وغير مدركة لطبيعة قصيدة النثر .لذلك كثيرا ما نقرأ خلطا بين " قصيدة النثر" و " الشعر المنثور " و " في غير العمودي والحر " ... وهذا الخلط هوّ الذي جعل عديد النقاد يحفرون في التراب الشعريّ بحثا عن " قصيدة نثر " تراثية أي سبقت في التوقيت مجلة شعر .
من ذلك ما ذهب إليه الشاعر التونسي سوف عبيد حين اعتبر ألشابي ومصطفى خريف وأبو القاسم محمد كرو من كتاب قصيدة النثر .
وإن حدد سوف عبيد نصوص مصطفى خريف مع انطلاق ديوانه " شوق وذوق " سنة 1965 ، وهو تاريخ يجعل من إمكانية كتابة قصيدة النثر بشروطها التي حددتها سوزان برنار و أدونيس بعدها ... إمكانية متاحة .
إن ذلك ممكنا مع خريف، فإنه لا يمكن تبني نفس الموقف لما يتعلق الأمر بالشابي ومحمد كرو . فالأول توفي سنة 1934، ولم يشهد حضور قصيدة النثر بمعناها الحالي كما هي الآن .وأما النصوص التي أبرزها سوف عبيد باعتبارها قصائد نثر، فإنها نصوص ضعيفة وتافهة لا يمكن أنْ تتجاوز حدّ الاختلاجات أو الخواطر. ثمّ أنّ احترامنا للشابي لا يجعل منه نبيا لكلّ العصور .
وأنّ اعتباره كاتب قصيدة نثر، هي محاولة مردودة على أصحابها، لأنه لا تتوفر عند ألشابي " قصدية " ما ليكتب ذلك الجنس من الكتابة .وهذا ينطبق على الثاني .
3 ـ اعتماد كتاب قصيدة النثر ( الكتابة الشعرية.نثرا) على القول أنّ ما يكتبونه مرحلة متطوّرة للشعر العربي .ويصروّن على اسْتخدام كلمة " قصيدة " .
" فالقصيدة" هي القصيدة منذ حددها القرطاجنّي بشروطها العروضية والإيقاعية المضبوطة والمحددة .
وهذا المفهوم وشبيهه لا يمكن أنْ نلصقه بقصيدة النثر أو " بالكتابة الشعرية. نثرا"، لأن أدوات وأسلوب وشكل قصيدة النثر مختلف وربما متناقض مع مفهوم
" القصيدة " باعتبارها عروضا.
وتبعا لذلك، أي تبعا لوجود ذلك الاختلاف والتناقض فإننا ـ وتبعا لتحديدات أدونيس ـ لا يمكن اعتبار قصيدة النثر مرحلة متطوّرة للشعر العربي .
هي مرحلة من مراحل الشعر العربي ... لنقل لاحقة أو متقدمة ( لا نعني في الزمن الكرونولوجي ). وإن كان مفهوم التطور لا يعني الأسبقية أو السبق بالضرورة . ذلك أنّ التطوّر قد يعني التقدم أو التأخر... يعني الحركة .
حركة قد تكون في اتجاه ما، ولكن ليس الاتجاه إلى الأمام دائما .
4 ـ كتاب ( الكتابة الشعرية.نثرا) ينزوون وينكمشون في عدد محدود من الصياغات الكلامية، مسبوكة في جمل تتشابه حدّ التطابق. مما ولّد انطباعا بأنهم أخذوا يوغلون في تنميط النثر نفسه. أي أنّ هؤلاء الكتاب / الشعراء" جاءوا إلى الحرية لكيْ يقيّدوها " (18) .
وهذا واضح لما تتصفح نصوص كتاب قصيدة النثر لتكتشف " التطابق " و
" التماثل " الحاد بين النصوص. بلْ أنك قد تكتشف تعويل عديد الشعراء على نفس المعجم الطبيعي أو السياسي أو الجنسي...
إذن، يمكن أن نلخّص أفكار أدونيس حول قصيدة النثر أو الكتابة الشعرية .نثرا، بالقول أنّ أدونيس وضع إصبعه على الجرح الغائر فعلا، وهو يتلمس هذا الجنس من الكتابة .
ولا غرابة فهو أول من وضع دراسة نقدية عربية واضحة المعالم والأركان عن قصيدة النثر.وإن كانت دراسته عوّلت على كتاب سوزان برنار " قصيدة النثر من بودلير إلى أيامنا "، إلا أنّ " التناص "لا يُنقص مما قدّمه أدونيس شيئا .
وإن كان حراس الشعر العمودي قد اتهموا أدونيس بمجاراة الغرب والأخذ عن حضارة أخرى مناقضة لنا من حيث الثقافة والتقاليد والإرث الحضاري . ولم أسمع أنّ أحدا عارض أخْذ المسرح والسينما والفنون التشكيلية والعلوم بأنواعها ...
فلماذا هذا النقيق حول قصيدة النثر تحديدا ؟
إنّ أدونيس بطرحه لتلك المخاوف الأربعة، إنما خَلص إلى أنّ بنية الشعر غير زمنيّة، وإن ارتبطت بزمن ما .
بمعنى أنّ ما يميّز الشعر " الحق" حسب أدونيس هو بنيته وليست زمنيّته ... هذا أولا .
أما ثانيا، فيرى أدونيس أنّ الشعر لا يجب أنْ يحاكي الحياة .لأنه سيتحوّل من قيمة متعالية وسرمديّة إلى سرد وتأريخ، وهو ما يعجّل بفنائه .
على أنّ الشعر ـ مرة أخرى ـ لا يجب أنْ يناقض " العامل الحضاري " بل ينصهر فيه و يتماهى معه .
فالشعر " لم يعد ـ بمعنى آخر ـ للفائدة والمنفعة، بقدر ما أصبح عملا إبداعيا داخليا يجد فيه الشاعر تعزيته وخلاصه " (19) وهذا الخلاف / الاختلاف الجوهري بين مضمون القصيدة العمودية وقصيدة النثر.
فالقصيدة العمودية الحاضرة في البيئة الجاهلية والعربية البسيطة لا يمكن لها أنْ تتجاوز واقعها ذاك وماديتها.
فالشاعر عصرئذ متماثل مع المادة وحاضر فيها وبها . لذلك يبني رؤاه ونظرته انطلاقا من واقع الصحراء والخيمة وخبب الخيل وقرع السيوف ... ولا يمكن ـ تبعا لتلك البيئة المادية البسيطة ـ أنْ يعبّر الشاعر عن رؤى وجودية وفلسفية وذهنية، لأنه لم يدركها.
خلافا لقصيدة النثر الحاضرة في زمن التحولات الكبرى، زمن ميزاته " تفعيلة الحياة لا تفعيلة الخليل : رفع فخفض وانطلاقة فنكوص واسْتتباب فانقلاب وأرض مطمئنة فزلزال وجفاف فطوفان وسلام عليهم وقنابل على العرب وفيتنام وتخمة ومجاعة وناس تمشي عراة . آخرون يتقلبون مع الموضات وواحد يصنع طائرة والآخر " يملّسْ كانون " وأبولو والسرطان ساق على القمر وساق في القبر وجسم ناشط فشكل وعرق نابض فسكتة قلبية .
توقيع العصر مكسور مبتور بلا انتظام بلا انسجام لا مستفعلن ولا فعولن ويعدّ فاصل الشعر عند العرب الحداء والحداء قدّ على وتيرة الإبل في سيرها .
أفيركب الشاعر منا اليوم السيارة والقطار والطائرة ويزن الشعر بخطو الجمل
... هو شعر عصريّ " (20)
هذا ما كتبه توفيق بكار وهو يقدّم لديوان صالح القرمادي " اللحمة الحية " .. و هذا ما شدّني لأعبّر عن واقع متداخل متمازج فوضويّ ساخر كاذب متهالك مخادع مخاتل ... واقع يحتّم على قصيدة النثر الآن أنْ تجاريه وتلبسه .
هذا التضارب بين واقعين مختلفين، طرحه أدونيس في كتابه " مقدمة الشعر العربي " وهو يقارن بين القصيدة الجاهلية وقصيدة النثر (ضمنيا ) :
" القصيدة الجاهلية كالحياة الجاهلية : لا تنمو ولا تُبنى . وإنما تتفجّر وتتعاقب . والشعر الجاهلي صورة الحياة الجاهلية : حسيّ، غنيّ بالتشابيه والصور المادية . وهو نتاج مخيّلة ترتجل وتنتقل من خاطرة إلى خاطرة، بطفرة ودون ترابط (... ) ولا تقدّم لنا القصيدة الجاهلية مفهوما للعالم، وإنما تقدّم لنا عالما جماليا.
المفهوم يتضمّن موقفا فلسفيا، والفاعليّة الشعرية عند الجاهليّ انفعالية بعامة لا تُعنى بالمفاهيم بل بالتعبير والحياة والواقع " ( 21)
أما ثالثا، فيرى أدونيس أنّ ما يجعل من الشعر شعرا ليس الوزن وليس النثر، بل هناك أشياء أخرى ومقاييس أكثر أهميّة وعمقا .
" لا وزن، لا نثر، هناك معيار آخر لتمييز الشعر "
فما هو هذا المعيار ؟
إنها معايير لا نعرف إنْ وُفّق أدونيس في تنزيلها إلى تربة الشعر العربي . ذلك أنه ـ وتماهيا مع كتاب سوزان برنار ـ التقط أهمّ المفاهيم، بل كلّ المفاهيم / الأعمدة التي قامت عليها قصيدة النثر الأوروبية ، وهي حسب سوزان برنار :
* الوحدة العضوية
* المجانية
* الإيجاز
وقد حوّلها أدونيس أو عرّبها أو دجّنها أو غيّر خارطتها الجينيّة لتصبح :
* إرادة البناء مقابل الوحدة العضوية
* لا غاية لها خارج ذاتها مقابل المجانية
* الوحدة والكثافة مقابل الإيجاز
" فإرادة البناء" أو " الوحدة العضويّة " هو " قصد " بناء النصّ الشعريّ بناء واحدا / وحدة لا يقبل التجزئة ولا التفصيل ولا يمكن اقتطاع أبيات لقراءتها منفصلة عن الأخرى. مثلما يحصل مع الشعر العمودي.
وهذه الإرادة عند أدونيس تفترض " درجات عليا من التحكم في بناء القصيدة " (22)
أما القصيدة باعتبارها " لا غاية لها خارج ذاتها " ( المجانية )، فإنها لا زمنية . بمعنى أنها لا تتقدّم نحو غاية أو هدف مثل الرواية أو القصة أو المسرحية أو المقالة، بل تفرض ذاتها باعتبارها كتلة لا زمنية .
أما" الإيجاز " أو " الوحدة والكثافة "، فهو أنْ لا تتعمّد القصيدة الإطالة والتمطيط والتكرار الذي لا هدف له . وأن تبتعد قصيدة النثر ما اسْتطاعت عن الاسْتطراد والوعظ والتفسير.
وتبعا لهذه الشروط الثلاثة " على قصيدة النثر ألا تتعارض مع صفات المجانية والغموض والكثافة التي هي خاصية الشعر " ( 23)
رابعا، يعتبر أدونيس أنّ معنى القصيدة " ليس في الكلمة أو الجملة، وإنما هو في حركة القصيدة، بوصفها كلا " ليتحقق شرط الوحدة العضوية حسب سوزان برنار، أو إرادة البناء حسب أدونيس . وهذا خلافا للقصيدة العمودية التي يمكن أنْ يحكي عنها بيت واحد أو حتى صدر أو عجز، كأن تقول :
الخيل والليل والبيداء تعرفني
دون أن تكمل بقية البيت للمتنبي.
خامسا، إنّ القول الشائع أنّ الشاعر صوت القبيلة أو نبراس الأمة، أو حامل همومها والمدافع عن قضاياها، هو قول بائد. ذلك أنّ أدونيس يرى اسْتحضار هذا القول من قبيل البكاء على الأطلال . ذلك أنه يجب أنْ يُنظر إلى الشاعر باعتباره معرفة، لا باعتباره مرآة تعكس واقعا.
سادسا، إنّ قصيدة النثر أو " كتابة الشعر. نثرا "، هي تجربة الحواس بامتياز . بمعنى ؟
بمعنى أنْ ينتبه الشاعر أكثر للتفاصيل والأشياء، وحتى المهمل والقبيح. عوض الاحتفاء بالقبيلة والزعيم الأوحد .
" فأنْ تكتب شعرا، هو أنْ تُخرج الأشياء من صمتها أنْ تجعلها تتكلم. والشعر يحيل القارئ إلى ما تقوله الأشياء " (24)
ولما تتكلم الأشياء عبر نافذة قصيدة النثر، إنما تتكلم بملء قوتها وبكثافة حضورها وأن قصيدة النثر باعتبارها فضاء رحبا متسعا وممتدا في اللغة والكلمات وامتداد السواد على بياض الورقة... يجعل من الأشياء لها قدرة فائقة على التجلي والقول والتعبير.
فشكل قصيدة النثر يمنحها إمكانيات متعددة للقول تفوق ما لغيرها من الأجناس
( نقصد القصيدة العروضية )وأنا بهذه الملاحظات لا أخلق مفاضلة أو ترتيبا، وإنما أقدّم رؤية حاضرة كما أراها.
فقصيدة النثر لن تسْكن " في أيّ شكل، وهي جاهدة أبدا في الهروب من كل أنواع الانحباس في أوزان أو إيقاعات محدودة . بحيث يتاح لها أنْ توحي بالإحساس بجوهر متموّج لا يدرك إدراكا كليا ونهائيا .لم يعد الشكل جمالا وحسب . ففكرة الجمال بمعناها القديم ماتت ( ..) إنّ وقع القصيدة كلها : لغة غير منفصلة عما تقوله، ومضمون ليس منفصلا عن الكلمات التي تفصح عنه .فالشكل والمضمون وحدة في كلّ أثر شعريّ، ويأتي ضعف القصيدة من التفسخات والتشققات التي تسْتشفّ في هذه الوحدة " (25)
وإن كان مثل هذا التعريف لقصيدة النثر لا زال غامضا وزئبقيا، فذلك يعود لتشتت المعنى وعدم اكتمال تجربة كتابة قصيدة النثر.
فأدونيس يقدّم تعريفا في كلّ مرة، ليلحقه بآخر حول الإيقاع أو البناء أو الموسيقى أو الشكل أو ... وحتّى تكتمل الصورة علينا بجمع التعريفات التي بالضرورة يتعارض بعضها مع تعريفات أخرى قدمها يوسف الخال والماغوط وأنسي الحاج تنضاف إليها تعريفات قدمها بعض النقاد .
ونعتقد أنّ خير ما يمكن اعتماده لتأثيث تعريف أقرب للعلمية، هو النص. فالتراكم الكمي ينتج حتما تنوعا كيفيا.
لكن من قال أنّ قصيدة النثر تحتاج تعريفا دقيقا وصارما، أليس اللاتحديد هو تعريفها ؟
الهوامش:
1ـ عز الدين المناصرة: اشكاليات قصيدة النثر، المؤسسة العربية للدراسات والنشرـ الأردن 2002، ط1، ص 35.
2 ـ عبد الرحمان محمد القعود: الإبهام في شعر الحداثة، سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ـ الكويت، مارس 2002، ص 205.
3ـ عز الدين المناصرة، نفس المصدر السابق، ص 29.
4 ـ عز الدين المناصرة، نفس المصدر السابق، ص 30.
4 ـ عبد الرحمان محمد القعود، نفس المصدر السابق، ص 31.
5 ـ نفس المصدر السابق، ص 31 .
6 ـ نفس المصدر السابق، ص 31 .
7 ـ نفس المصدر السابق، ص 32 .
8 ـ أدونيس : زمن الشعر، دار العودة ـ بيروت ، ط3، ص 173 .
9 ـ أحمد عبد المعطي حجازي: قصيدة النثر أو القصيدة الخرساء، صدر عن مجلة دبي الثقافية ـ الإمارات العربية المتحدة، نوفمبر 2008، ط1، ص 37 .
10 ـ عبد الرحمان محمد القعود: نفس المصدر السابق، ص 181 .
11 ـ أحمد بزون : قصيدة النثر العربية، دار الفكر الجديد ـ بيروت 1996، ط1، ص 96 .
12 ـ أدونيس : تنبأ أيها الأعمى، دار الساقي ـ بيروت 2003، ط 1 .
13 ـ محمد لطفي اليوسفي : في بنية الشعر العربي المعاصر، دار سراس للنشر ـ تونس 1985، ص 148 .
14 ـ نفس المصدر السابق .
15 ـ جريدة الحياة اللندنية : 01 جانفي 2001 .
16 ـ أحمد عبد المعطي حجازي: نفس المصدر السابق ، ص 65 .
17 ـ أحمد بزون : نفس المصدر السابق، ص 62 .
18 ـ جريدة الحياة اللندنية : 01 جانفي 2001 .
19 ـ أحمد بزون : نفس المصدر السابق، ص 25 .
20 ـ سوف عبيد : حركات الشعر الجديد بتونس، إصدارات جريدة الحرية ـ سبتمبر 2008، ط1، ص 83 .
21 ـ أحمد بزون : نفس المصدر السابق، ص 25 .
22 ـ مجلة الحياة الثقافية : " حوار مع شربل داغر"ـ ديسمبر 2002، ص 99 .
23 ـ عز الدين المناصرة، نفس المصدر السابق، ص 29.
24 ـ جريدة الحياة اللندنية : 01 جانفي 2001 .
25 ـ أحمد بزون : نفس المصدر السابق، ص 47 .
26 ـ أحمد بزون : نفس المصدر السابق، ص 96 .
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)