تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها



فحاتٌ أندلسيةٌ من لــِـثَــــام (ابنِ تاشفين).. !!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
كتائبُُكَ الشَّمَّاءُ ترتَقِبُ الأمْرَا * وراياتُكَ (السوداء) تنتَقبُ النَّصْرا
لك الليلُ في إجْفَالِهِ يَغبِطُ الضُّحَى * وللبَرِّ في مَرْسَاكَ أن يحسدَ البحْرا
وتسْيارُكَ الميمونُ أزْهَرَ بالمنى * فألقَتْ ليالي البؤسِ عن مَتْنِها الإصْرَا
وها تلك أجنادُ (المغاربِ) أسبلَتْ * على (العُدوة) الأدْنَى ملامحَها السُّمْرَا
تضيق بها دنيا (المضيق) .. وهل رأتْ * كجندك أجنادا تمرُّ بها غَيـْرَى؟
هنا (جبل الفتح) احتفى بك موعدا * تهيمُ به الأنفاسُ في (الضفة الأخْرَى)
ومن بركات الغَزْوِ أن صار (شيخُهُ) * فتـى ضمّ في أجناده المدَّ .. والجَزْرَا؟
وللمجد ما نال الزحوفَ من السُّرَى * وما قد رَوَى الإبحارُ عن (رجل الصَّحْرَا)
لك الآن من (بحر الزقاق) خشوعُه * ومن شَيْبِكَ الأسْنَى به الخجلُ اسْتَشْرَى
ولولا (لثامُ) العزِّ منكَ تخدَّرَتْ * غواربُه .. فاعْجَبْ له يعرفُ القدْرا
وأمواجه منذ استَخَرْتَ تمهّدتْ * مُسَخَّرةً .. فاظفرْ بصَهْوتِها جسْرَا
ويُمناكَ تبني الماءَ دَرْباً .. كما بَنَتْ * لساكِنَةِ البيداءِ (مُرّاكُشَ الحَمْرَا)
(وسالتْ بأعناق الـمِطِيِّ..) سفائنٌ * وموعدُها الأبهَى (جزيرتُك الخضْرَا)
كأنك في الإبحارِ تَرْمُقُ (طارقا) * وقد كمنَتْ خلف (المضيقِ) له البُشْرَى
ترجّل عن متْن الصهيل فأشرقَتْ * مناكبُ تلك الأرض من حوله طُهْرا
فأرسى بـ(وادي لَكّةَ) السجدَةَ التي * لها اكتنـزتْ أعيادُها (الفطر) و(النحرا)
وبـ(ابن نصير) تستضيءُ قوافلٌ * تلاشت نوايا الغيِّ من دونها حَسْرَى
هم الفاتحون الأولون .. توثَّبوا * فأهْدَوا إلى الإنسان (أندلسًا بِكْرَا)
وآباؤهم جيلُ (الفتوحِ) ..صَحَابَةٌ * بهم دَوْرَةُ التاريخِ طَهّرَت الـمَجْرَى
فهم قَصَرُوا عن دَارَةِ الشرقِ (قيصراً) * وفوق وَطِيسِ العِزِّ كَمْ كَسَرُوا (كِسْرَى)
سلاما (أبا يعقوبَ) .. يا سيّدَ المدَى * ومَرْحَى لأقدار تُيَسِّرُك اليُسْرَى
(جَزُولَةُ) أهدتْكَ (الإمامَ) .. فأجزلتْ * ويكفيكَ من ذكراهُ أن تنشُقَ العطرا
لسيفك روحٌ .. لـ(ابنِ ياسين) نبضُها * وهِمَّتُه القَعْسَاءُ أنت بها أدْرَى
به (ملةُ الإسلام) أَوْرَقَ يأسُها * فلا شاكرٌ يوفيه غيرُ (أبي الزهْرَا)
لقلبك أَوْرَادُ (الرباط) .. وسرُّها * وللقَانِتِ الأوَّابِ أن يرشُفَ السِّرَّا
و(صنهاجةُ) الهيجاءِ أنت سليلُها * و(لمتونةُ الأبرارِ) كنتَ لها الذّخْرَا
وما هي إلا باسلٌ مهْدُهُ الوغى * وما هي إلا حرةٌ تُنجِبُ الـحُرَّا
(أمازيغُ) هذا المغربِ الرَّحْبِ حينما * يزيغ لهم جارٌ يرون الكرَى كفرا
أليسوا اللذين استنْـزَفوا كلَّ غاصبٍ * وشادوا لهم في كل شاهقةٍ وَكْرَا؟
فهم كالنسور الحائمات على الحِمَى * ذوو نخوةٍ جبارةٍ تُـتْعِبُ النسرا
بهم قادةُ (الفتحِ الشريفِ) تَعَثَّروا * ولولا سنا الإسلام لم يفتحوا شِبْرَا
سلاما (أميرَ المسلمين) .. لقد شكتْ * (طليطلةُ) العَزْلاءُ من بؤسِها نُكْرا
وقد مُسِخَتْ منها المآذنِ .. واكْتَوَتْ * فما يشهدُ المحراب ظُهْرا .. ولا عَصْرَا
حواضرُ يحدوها الصريخُ .. وما لها * كـ(لبـَّيْكِ) إسعافٌ وأنت بها أحْرَى
أمامك يا (سلطانُ) .. أندلسُ الهـوى* تَرَائبُها ملتاعَةٌ ترتجي السترا
وكانت على مَرّ الزمان أبيةً * رؤومَ الحنايا لا تجوعُ .. ولا تَعْرَى
كأنْ لم تكن فيها (أمَيَّةُ) دولةً * ولا (الداخلُ) الميمون أورثها الذكرَى
ولا (الغافقيُّ) الفذُّ من قبلُ باسلا * وكم وطَّأتْ أنفالُهُ السهل ..والوعْرَا
ولا (الناصر) الباني بـ(قرطبةَ) الشذى * بها شَاهِدُ التاريخ أطْرَبَ إذْ أطْرَى
فكانت بها أزهَى العواصِمِ كالقُرَى * وكم شَادَ في أنحاء (زَهْرائها) قَصْرَا
ولو أنها كانت عروسا لكوكبٍ * لما صلحت (روما) لبهجتها مَهْرَا
و(جامعها) السامي .. و(قنطرةُ) العُلَى * فكم كان مفتونٌ بروعتها يُغْرَى
ولـ(الحاجبِ المنصور) منها زُحُوفُه * وقد وثِقَتْ أقْصَى الثغور به دَهْرَا
يحجّ العدَى حافينَ صوبَ بلاطه * وهيبتُهُ تهديهمُ النَّظَرَ الشَّزْرَا
وها بعده تَذْرُو التراثَ (طوائفٌ) * وشتى الأفاعي حولها تُنْفُثُ الشَّرَّا
تَشَرْذَمَت الدعوَى .. فكل (مدينةٍ) * أقامت من البلوى لها سائسًا غِرّا
يُثيبُ الرعايا عهدَهُ .. فإذا خلا * تَمَطَّى لكي يقْتَاتَ في غَدِهِ الغَدْرَا
تعذّر بالإكراه ..تبًّا للُؤْمِهِ * متى ارْتَضَت الأخلاقُ للمُكْرَه المَكْرَا؟
وإن خافَ من أقرانه عَقَرَ الهُدَى * وإن أمِنَتْ أبوابُه عاقَرَ الخَمْرَا
وما أشْهَرَ الأنيابَ كي يُرهِبَ العدَى * وكيف وذاك النَّخْبُ أورثَهُ النَّخْرَا؟
وما سيقَ لـ(المنصور) من (جِزْيَة) العِدَى * يُرَدُّ فما يشْكُون خَسْفًا ولا خُسْرا
و(قشتالةُ) العجفاءُ بعد ارتِكَاسِها * أعَدَّتْ لأبناء الحِمَى النَّابَ .. والظُّفْرَا
وقد جاسَ (ألْفُونْسُو) خلال ديارهم * يسومُ الورى فيها وقاحتَهُ جَهْرَا
أخو الشؤم ..عربيدُ الدُّجَى مُتَغَطْرِسٌ * عُـتُلٌّ .. ضئيلُ الروح مُرتَهَنٌ كِبْرا
ووافتْكَ من تلك المدائنِ صرخَةٌ * وناشدَكَ (الإسلام) أن تُمْعِن السَّيْرَا
فكان اسْمُكَ المغوارُ للقَرحِ بلسَمًا * به شُفِيتْ بعد الأسى اللغةُ الحَرّى
فأوطنتَ هاتيكَ الربوعَ صوافِنًا * وأوطَأْتَ من جاسوا بها الدَّمَ .. والجَمْرا
وللإبل الهَوْجَاء كالخيل هَبّةٌ * وخيلُ العدَى منها مُشَرَّدَةٌ .. سَكْرَى
فجدَّدْتَ للإسلام إشراقَ سؤددٍ * وفي حَالِكِ الظلماءِ أوردْتَهُ الفَجْرا
وكم عَبْرةٍ لولا (عبورُكَ) أورقَتْ * لساكبها ذلا.. ومُنْقَلَبًا مُرَّا
وأرغَمْتَ (ألْفُونْسُو) .. وما زال سيفُه * يُعاتبه أَنْ لم يكنْ لَزِمَ الدَّيْرَا
وحتى (ابنُ عباد) تَغَرَّبَ .. ما له * سوى قَدَرٍ أجْلاه عن قَصْره قَسْرَا
ولولا نكالُ الأسْرِ ما طابَ ذِكْرُهُ * وضَنَّتْ به (أغْمَاتُ) أن يُشْبهَ الأسْرَى
وكان اشْتَهَى (رَعْيَ الـجِمَال) فشاركتْ * (رُمَيْكِيّةُ) الأشجانِ أنفاسَهُ العُسْرَا
أناملُها للطين .. والخدُّ شاحِبٌ * وكان بـ(يوم الطين) مُنْتَشِياً نَضْرا
لـ(إشبيليا) منها الحنينُ ..ودمعةٌ * تُقَلِّدُها في جيدِها التُّرْبَ .. لا التِّبْرا
لها الدُّرُّ ..كانت تقْتَنِيه قلائداً * وها هي من أجفانها تَذْرِفُ الدُّرَّا
فلا شرفاتُ القصر مُتْرَعَةُ المنى * ولا هي من أستارها تُطْلِعُ البَدْرا
لأندلسٍ يُتمُ الغياب كأنما الـ..ـمآسي على مأساتها أصبحت حِكْرَا
فيا بهجة الدنيا وفردوسَها الذي * تشظَّى .. ومجدافُ الزمان به أزْرَى
وأزْرَى به (الأغرابُ) يوم تكالبوا * وما شَدَّ (أعرابُ) الخنوع لها أزْرَا
ويكفي الرعاعَ الـمُتخَمين خيانةً * بأن لهم من كل وَازِرَةٍ.. وِزْرَا
وتبا لـ(عُبّاد الصليب) ..لـِخِسَّةٍ *لها في مدى الأيام أن تُوغِرَ الصدْرا
فظائعُ تطويها السنينُ عن النُّهَى * فلو كُشِفتْ جُنّ الزمانُ بها قَهْرا
سلاما (أميرَ المسلمين) ..فإنما * قُصَارَى كَلِيلِ الحرفِ أن يرتجي العُذْرَا
وأيامُك الفيحاءُ مُتْرَعةُ السنا * وعمرُك ذاك (القَرْنُ) أكْرِمْ به عُمْرا
لك الصوف سِرْبَالٌ .. وعيشُكَ (مُتْرَفٌ) * بسُقْيَا حليب النُّوقِ تَشْرَبُه نَزْرَا
ولم تَشْكُ من (خبزِ الشعير) غَضَاضَةً * ولا التمر ِ.. هل جاعَ امْرُؤٌ عَرَفَ التَّمْرَا؟
تُقَلّدكَ الشِّعْرَ الحَفِيَّ خواطري * ولي في خيالي أن أقلدَكَ (.. الشِّعْرَى)
وللنثر أن يَنْثَالَ كالشِّعْرِ عَاطِرًا * لأطْرِزَ سَطْراً في سجاياك .. أو شطراً
ولم تكُ ذاك المستبدَّ .. وإنما * لسيفك أن يَسْتَرْشِدَ الحَبْرَ .. والحِبْرَا
تشاورُ من تدريه أصدقَ غَيْرةً * وأبعدَهم في كل نازلة غَوْرَا
وخيرُ نساءِ (الغرب) عندكَ (زينبٌ) * حصيفةَ ذهنٍ إن بثَثْتَ له الأمْرَا
به تُعْقَل الآراءُ عند شِرادها * وتُشْفَى به الألبَابُ .. والألْسُنُ الحَيْرَى
ينوبُ عن الشُّورَى.. به توقدُ الرُّؤَى * فللغيب ما وَارَى .. وللرشد ما أَوْرَى
و(زينبُ) أوْلَى أن تكونَ عرينَها * فـ(نَفْزَاوَةُ) الأحرار كانت لها خِدْرَا
سلاما (أبا يعقوب) .. في الروح غصَّةٌ * وسِرْبُ الأماني لا يُباع .. ولا يُشْرَى
يعزُّ على (الزلاقةِ) اليوم أنْ نَأَتْ * خيولُكَ ما عادتْ سنابِكُهَا تَتْرَى
مآذِنُ (أهْرَامِ) الجماجِمِ عُطِّلَتْ * ومن دمها ما بات ذاك الثَّرَى ثَـرَّا
ولم تبت الأشلاءُ تلتَحِفُ الدُّجَى * (وَلِيمَتُهَا) تَسْتَأنِسُ الوحشَ .. والطَّيْرَا
يعزّ على (الزلاقة) اليوم غربةٌ * وناشئةٌ تُبدي لك الشكّ .. لا الشكرا
لئن أغفلوا منك البطولةَ والتُّقَى * فكم ذكروا (زِرْيابَ) والوَتَرَ الوِتْرا
وسوقُ (الجواري) قادَهُ كاتبو الـخَنا * فكم أتْرَعُوا كأسًا .. وكم هَصَروا خِصْرا
وكم وَصفوا شَهْدَ الثغورِ وما جَنَى * على (الثغر) إلا من صَبَا وجنَى الثغْرَا
يعزّ عليها حين يُغْمِدُكَ الثرى * وإن شَيَّدُوهُ قبةً .. وابْتَنَوْا قَبْرَا
ولو عَرَفوا منك (الصَّلاحَ) توسَّلُوا * بتُرْبَتِك الفيحاءِ واستَمْطَرُوا القَطْرَا
يعزّ على (الزلاقة) الضيمُ .. ما لها * كـ(حطينَ) أن تستوقفَ النشءَ .. والنَّشْرَا
و(يوسُفُها) ما كان من دون (يوسفٍ) * له في العداة العَصْفُ .. والبطشَةُ الكبرى
ولكنْ (صلاحُ الدين) للمشرق انتَمَى * له شَرَفُ (الأقصى) .. وتعويذةُ الـمَسْرَى
(فلسطينُ..) إن ضاعتْ ففينا ادِّكَارُها * و(أندلُسُ) الأمـجاد مُثْخَنَةٌ هَجْرا
ومهما تكن (للقدس) من قُدُسِيّةٍ * فإن ضياعَ (القُدس) أندلسٌ صُغْرَى
الجزائر: 22 ربيع الأنور 1436 هـ الموافق: 13/1/2015م