رقصةُ البجع
(عينية العاشق العربي في الذكرى الرابعة
لسقوط بغداد)
تَمَنَّعِِي.."يَا فُتَاتَ الرُّوحِ" وَ امْتَنِعِي
وَ صَفِّفِي خَصَلاَتِ الرِّيحِ..وَ اضْطَجِعِي
"تَدَلََّعِي"..و الْعَبِي بالقُرْبِ مِنْ سُفُنِي
وَبَادِلِينِي خُيُوطَ اللَّهْوِ و"الدَّلَعِ"
تَزَلَّجِي فَثلُوجُ الجُرْحِ مُحْرِقَةٌ
وَ "بَرِّدِي القَلْبَ" فِي صَيْفِي وَ مُنْتَجَعِي
وَ وَزِّعي قِطَعَ الحَلْوَى عَلَى شَرَفٍ
يَكَادُ يُخْبرُ عَمَّا بَاتَ فِي القِطَعِ
تَزَلَّجِي فَجِرَاحُ القَلْبٍ مِنَ خَزَفٍ
وَ حَاذِري "يا فُتَاتَ الرُّوحِ" أنْ تَقَعِي
فَنَحْنُ لمِ نَقْتَرِفْ حُـبًّا وَ لاَ شَجَراً
وَ لمْ نَذُقْ ثَمَرَاتِ الشَّوْقِ و الوَلَعِ
وَ لَمْ تَذُبْ فِي هَـوَانَا أَيُّ فَاكِهَةٍ
تُظْمِي الشِّفَاهَ..وَلَمْ نَشْبَعْ وَ لَمْ نَجُعِ
فَخَفِّضي صَوْتَ مُوسِيقَاكِ...مَعذِرةً
وَ إِنْ تَعَذََّّرَ تَخْفِيضُ الصَّدَى.. فَدَعِي
وَ حَدِّثِينِي عَلَى مَهْلٍ.. بِمَا سَرَقَتْ
تِلْكَ المَرَايا، وَ إنْ حَدَّثْتُ.. فَاسْتَمِعِي
تَمَـنَّعِي..لَسْتُ أَدْرِي أَيُّنَا ثَـمِلٌ
بِمَا تَخَثَّرَ مِنْ غَيْمِي وَ مِنْ ضِيَعِي
وَ نَاوِلِينِي كُؤُوساً مِنْ مُكَابَـدَتِي
وَ رَاقِصِينِي قَلِيلاً رَقْصَةَ البَجَعِ
فَأَنْتِ كَالطِّفْلِ لا تَدْرِينَ بَعْدَ غَدٍ
مَاذَا يُصِيبُكِ مِنْ تَقْوايَ أَوْ وَرَعِي
تَقَنّعِي..لَسْتُ أخْشَى اليَوْمَ أَقْنِعَةً
فَمِعْطَفِي لَمْ يَعُدْ يَشْتَاقُ لِلْبِدَعِ
تَأَكَّدِي..هَلْ لِهَذَا القَـلْبِ أَجْنِحَةٌ
فَكُلُّ مَا طَارَ مِنْ سِحْرِي..وَ مِنْ خِدَعِي
وَ كُلُّ مَا مَزَّقَتْهُ الرِّيحُ.. مِنْ خِرَقِي
وَ كُلُّ مَا نَسَجَتْهُ الأَرْضُ..مِنْ رُقَعِي
وَ كُلُّ مَا أَحْرَقَتْهُ النَّارُ مِنْ كُتُبٍ..
حِبْرٌ تَعَلَّمَ مِنْ صَمْتِي..وَ مِنْ وَجَعِي
تَرَنَّحِي فَـوْقَ أَحْـلاَمِي بِلاَ لُغَةٍ
وَ رَفْرِفِي فِي سَمَاءِ الجُرْحِ..و ارْتَفِعِي
لاَ تَرْكَبِي الصَّعْبَ وَ اصْطَادِي مُنَاسَبَةً
وَ طَارِدِي الجُرْحَ فِي سَهْلِي وَ مُرْتَفَعِي
كُونِي عَلَى رُقْعَةِ الشَّطْرَنْجِ عَاشِقَةً..
وَ شَاهِدِي مَا يُصِيبُ الجَيْشَ مِنْ هَلَعِ
وَ سَدِّدِي رَمْيَةَ الأَحْدَاقِ فِي هَدَفِي
وَ لاَ تُصِيبِي فُلُولَ العَاشِقِينَ مَعِي
وَ سَافِرِي فِي جُذُورِ الجُرْحِ بَاحِثَةً
عَمَّا تَبَقَّى مِنَ الأَنْهَارِ..وَ اقْتَلِعِي
لاَ تَتْرُكِي فِي حَوَاسِيبِ الهَوَى بُقَعاً
تَدُلُّ عَنَّا..وَ دُكِّي آخِرَ البُقَعِ
أَنَا المـُهَاجِرُ فِي حُـزْنِي بِلاَ مُدُنٍ
أَنَا المُرَابِطُ فِي ثَغْرِي بِلاَ فَزَعِ
أَنَا المُرَاقِبُ عـنْ قُـرْبٍ مُفَارَقَةً
أَقُولُهَا.. رَيْثَمَا تَنْحَازُ لِي شِيَعِي
أَنَا الوَحِيدُ الذِي لاَ زلِْـتُ مُقْتَنِعاً
بِأَنَّنِي، فِي هَـوَانَا، غَيرُ مُقْتَنِعِ
تَجَوَّلِي.. فَدُرُوبِ القَلْبِ مِنْ تُحَفٍ
تَخَطَّفَتْهاَ مَرَايَا حُلْـمِكِ البَشِعِ
وَ هَرِّبِي مُـدُنَ التَّارِيخِ..كَامِـلَةً
وَ زَوِّرِي..فِي هَوَانَا أَنْدَرَ القِطَعِ
كَأَنَّنَا لَمْ نَعِشْ عُمْراً عَلَى ثِـقَةٍ
وَ أَنَّنَا لَمْ نَمُتْ دَهْرًا عَلىَ طَمَعِ
وَ أَنَّ خَـاتِمَةَ الأَفْـلاَمِ وَاحِدَةٌ
لأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ يَوْماً..وَ لَمْ تَقَعِ
تَرَبَّعِي..فَسُـيُوفُ النَّصْرِ قَادِمَةٌ
مُذْ أَيْقَظَتْهَا سُيُوفُ الغَدْرِ و الجَشَعِ
حَدَائِقِي لَمْ تَزَلْ دَوْماً مُعـَلَّقَةً
وَ قُبَّتِي لَمْ تَزَلْ تَحْنُو عَلَى بِيَعِي
وَ لَسْتِ أَوَّلَ مَنْ تَاهَتْ بِهِ قَدَمٌ
وَ لَسْتُ آخِرَ مَنْ يُسْقِيكِ مِنْ جُرَعِي
قَدْ مَرَّ قَبْـلَكِ أَقْوَامٌ عَلَى عَجَلٍ
وَ لَمْ يَرَوا سَطْوَةَ التَّارِيخِ فِي دُرَعِي
شعر/د.عبد القادر رابحي
من ديوان (الفينة و الجدار. منشورات ليجوند. الجزائر. 2009)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق