صفة أهل الجنة في خَلْقِهِم وَخُلُقِهم :
أولاً صفة أهل الجنة في خَلْقِهِم :
يدخل أهل الجنةِ الجنة ، جُرْدَاً مُرْدَاً مُكَحَلِّين، أبناء ثلاثين، أو ثلاث وثلاثين، عليهم التيجان، وإن أدنى لؤلؤة منها لتضيء ما بين المشرق والمغرب، ولو أن ما يقل ظفر مما في الجنة بدا، لتزخرفت له ما بين خوافق السماوات والأرض، ولو أن رجلا من أهل الجنة اطلع فبدا سواره، لطمس ضوءه ضوءَ الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم.
وإذا فتحت الجنة أبوابها دخلت أول زمرة على صورة القمر ليلة البدر، والذين يلونهم كأشد كوكب دري في السماء إضاءة، قلوبهم على قلب واحد، لا اختلاف بينهم ولا تباغض، يسبحون الله بكرة وعشيا، لا يسقمون فيها ولا يموتون، ولا ينزفون، ولا يبولون، ولا يتغوطون، ولا يمنون، ولا يمتخطون، ولا يتفلون، آنيتهم من الذهب والفضة، وأمشاطهم الذهب، ومجامرهم الألوّة، ورشحهم المسك، أزواجهم الحور العين، أخلاقهم على خلق رجل واحد، على صورة أبيهم آدم، ستون ذراعاً في السماء، وبجمال يوسف، وقلب أيوب، وعُمْر عيسى، وخُلُق محمد، عليهم جميعاً الصلاة والسلام.
لكل واحد منهم زوجتان من الحور العين، على كل زوجة سبعون حلة، يرى مخ سوقهما من وراء لحومهما وحللهما، كما يرى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء.
( حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء إضاءة، لا يبولون ولا يتغوطون، ولا يتفلون ولا يمتخطون، أمشاطهم الذهب، ورشحهم المسك، ومجامرهم الألوة ـ الألنجوج، عود الطيب ـ وأزواجهم الحور العين، على خلق رجل واحد، . «على صورة أبيهم آدم، ستون ذراعا في السماء» والمراد تساويهم في الطول والعرض والسن وإن تفاوتوا في الحسن والجمال ولهذا فسره بقوله على صورة أبيهم آدم عليه السلام ستون ذراعا في السماء .
( حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يدخل أهل الجنة الجنة جُرْدَاَ مُرْدَاً مُكَحَلِين أبناء ثلاثين أو ثلاث وثلاثين سنة .
جُرْدَاَ: الأجرد الذي لا شعر على جسده .
مُرْدَاً: المرد جمع أمرد وهو الشاب الذي لم تنبت لحيته .
[*] قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه حادي الأرواح :
إن الله تعالى ينشئ أهل الجنة نشأة الملائكة أو أكمل من نشأتهم بحيث لا يبولون ولا يتغوّطون ولا ينامون ويلهمون التسبيح ولا يهرمون على تطاول الأحقاب ولا تنمو أبدانهم, بل القدر الذى الذى جُعلوا عليه لازم أبداً.
تنبيه : وكذلك وصف الله سبحانه وتعالى نساءهم بأنهن أتراب أي في سن واحد ليس فيهن العجائز والشواب وفي هذا الطول والعرض والسن من الحكمة ما لا يخفى فإنه أبلغ وأكمل في استيفاء اللذات لأنه أكمل سن القوة وَعِظَمِ الآت اللذة وباجتماع الأمرين يكون كمال اللذة وقوتها بحيث يصل في اليوم الواحد إلى مئة عذراء ، ولا يخفى التناسب الذي بين هذا الطول والعرض فإنه لو زاد أحدهما على الآخر فات الاعتدال وتناسب الخلقة يصير طولا مع دقة أو غلظا مع قصر وكلاهما غير مناسب والله أعلم .
ثانياً صفة أهل الجنة في خُلُقِهم :
قد جعل الله أهل الجنة في أكمل صورة خلق عليها البشر, وهي صورة آدم عليه السلام,وما ذلك إلا لتكمل سعادتهم وغبطتهم في ذلك النعيم الخالد. وكما جمل الله صورهم فقد جمل أخلاقهم فكان أهل الجنة على خلق رجل واحد: كما في الحديث الآتي :
( حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء إضاءة، لا يبولون ولا يتغوطون، ولا يتفلون ولا يمتخطون، أمشاطهم الذهب، ورشحهم المسك، ومجامرهم الألوة ـ الألنجوج، عود الطيب ـ وأزواجهم الحور العين، على خلق رجل واحد، على صورة أبيهم آدم، ستون ذراعا في السماء .
(حديث المقدام رضي الله عنه الثابت في السلسلة الصحيحة ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ما من أحد يموت سقطا ولا هرما ـ وإنما الناس فيما بين ذلك ـ إلا بعث ابن ثلاثين سنة ، فإن كان من أهل الجنة كان على نسخة آدم ، وصورة يوسف ، وقلب أيوب ، ومن كان من أهل النار عظموا ، أو فخموا كالجبال .
فما أعذب تلك الحياة.. وما ألذ عيشها.. حياة كلها مودة وصفاء وألفة وإخاء.. ومحبة وصدق ووفاء, قال تعالى: (وَهُدُوَاْ إِلَى الطّيّبِ مِنَ الْقَوْلِ) [الحج: 24]
و قال تعالى: (لاّ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً ) [الغاشية: 11]
و قال تعالى: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مّنْ غِلّ إِخْوَاناً عَلَىَ سُرُرٍ مّتَقَابِلِينَ) [ الحجر 47 ] فلا نكد ولا شقاء. ولا بغض ولا حسد ولا تشاجر ولا حروب, وإنما هو مجتمع يسوده الهدوء والسكينة والألفة والرحمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق