الابداع إدهاش
يتعامل الشاعر وهو يلج عالم القصيدة مع عوالم كثيرة لا تبدو جلية للمتلقي ولا حتى للناقد لأنه ببساطة لايركز إلا على بعض العوالم..
تلك العوالم الخفية تتعدد ولكنها تتحد في مواجهة الشاعر،فيكون النزال وتكون الحكمة..
تتجلى هذه العوالم في اختيار الألفاظ والخطاطة الخفية للنص والوزن والايقاع والصورة ثم هناك اللغة بتفاعلاتها وانعكاساتها النحوية وما إلى ذلك من خيال جانح لأفق لا يلمسه العادي ، ولا ينقل الواقع أو يعيد تركيبه إلا من خلال خلطة أو تعويذة سحرية وساحرة وآسرة لا تغادرالمتلقي عندما ينهي قراءة النص ولكنها كالعطر الثمين تلازم ثيابه وتصطحب خطواته فتفوح إما التقاه أحدهم..
تلك هي الدهشة التي يخلقها المبدع المبدع وليس من يجتر المنظومة نفسها دون أن يكلف نفسه عناء التجديد ونفخ روح من أنفاسه وأفكارك وأدواته التي تحلق بالنص من المألوف والمتكرر إلى السحرية التي تجعلك تعيش أو تحس أنك أمام الجديد والمتجدد ،تتنفس عبق تجربة وتركيبة وعصارة وعصير لم تتذوقه سابقا.. ولكن هناك كذلك رسم المعنى وظلال الكلمة التي قد تمتد إلى أبعد من السطح أو ما هو ظاهر يواجهنا فتحلق بنا نحو رؤية مختلفة ووجهة قد لاتخطر على بال ويلزمها فارس متمرس يحسن السفر ويحتمل مشقة النبش عميقا والمسلح بموسوعة قراءاتية واسعية وواعية..
كل هذه العوالم تحددها منظومة تنصهر في شكل لمسة خاصة أو بصمة خاصة للمبدع ؛فالإبداع يختلف عن كون الشاعر ماهر في الوزن أو في ضخامة اللفظة..المبدع الحقيقي من يواجهك بالمختلف المتزن في تلك العوالم ويسير بك في حدائق ابداعه ، تقطف ما يروقك من أزهار النص..
إننا أمام حكيم يستعمل عشب اللغة والمعنى والصور وما إلى ذلك من أجل عصارة تأسر وتؤسس لفن الابداع الحقيقي الذي قد يتحسس منه المبدع العادي ويأنسه المتجذر في بحر الكتابة ويعتنقه الباحث عن كل مقامرة ومغامرة ابداعية تعد رحلة من رحلات سندباد الابداع إلى المجهول ولكنها ببصمة واثقة التصعيد وصادقة في عمقها..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق