لقاء مع صديقي المسؤول
التقيته بعد سنين ،نزل من سيارته الفاخرة وسلم علي ،لم أعرفه ..
يلبس بدلة أنيقة وساعة سويسرية ونظارات شمسية من نوع خاص..
قال لي:
-لم تعرفني؟؟
قلت له:
وأنى لي ذلك؟؟..معذرة فليس لي أصدقاء بهذا المستوى..
قال وقد نزع نظارته الشمسية:
-كنا معا في الجامعة ، وبقينا سنوات نتكئ على نفس حائط البطالة ،وها قد منَّ الله علي وتقلدت مسئولية وأنا مدير عام، أنا فلان بن فلان..
احمر خدي خجلا واستطردت قائلا:
-ولكن زميلي الذي ذكرت كان نحيفا ، قصير اليد ، لا بطن له ، وفمه صغير وعيناه غير بارزتين وأذنه صغيرة..
تبسم مفتخرا وقال شارحا:
-تلك فترة قد خلتْ والمرحلة الحالية قد جبت ماقبلها..فالآن بفضل منصبي والبزنسة زاد وزني وأصبحت سمينا، وبطني انتفخ من كثرة الأكل عند هذا وذاك من أهل المشاريع وأهل الكرم ، فهذا يبعث الكبش وذاك يبعث أغلى الفواكه والهدية لاترد سواء كانت نقدا أو لحما ..
وأما يدي أصبحت طويلة حتى تطال الهدايا من أصغر موظف حتى أكبرهم ومن أصغر مقاول ومواطن حتى أكبرهم..
أما بطني زادت اتساعا تماشيا مع المرحلة الجديدة فكلها أكل وأكل وأكل وفي كل وقت ومن كل جهة..وفمي كبر حتى يلتهم أكبر كمية فالسرعة هي ميزة هذا العصر ، وإن لم تأكل الأخضر واليابس أكلوك ، القفازة ثم القفازة..
وأما العيون فضرورة ويجب أن تبرز حتى تبصر دبيب النمل ، وحركة الرزق وأما الأذن فهي ضرور حتى تسمع صكصكة النقود وهمس أهل الخير والهدايا فأحيانا أصواتهم تكون همسا...
رن هاتفه وراح يكلم المتصل:
-هل أحضرت المبلغ المتفق عليه ..قل لسي فلان لازم في المريَّح تصيَّح..والمبلغ هو هو..
صعد مسرعا لسيارته ، وحياني كمن ينفض ذكرى قديمة..
سألته وهو يغادر:
-ماذا عن المرحلة مابعد الأكل هل هناك مشاريع جديدة في الأفق؟
أجابني بثقة:
-ناكل ونزيد ناكل ونزيد ناكل ...هذا نهجي..
حمدت الله حمدا كثيرا وواصلت دربي مستغفرا ومصليا على خير الأنام صلى الله عليه وسلم..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق