فتنة
ابن الأشعث فتنة حصلت زمن الحجاج بن يوسف وكادت تطيح بالخلافة زمن بني
اميه وهنا اضع بين ايديكم القصه كاملة مأخوذه من خطبه للشيخ سلطان العيد
حفظه الله .. اترككم مع الخطبه المفرغه : -
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ،،، أما بعد
ففي قصص من سبقنا عبرة ومزدجرة ( إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم )
يسمع الناس بالفتن وخطرها وسوء عاقبتها ، ولكن كما قيل بالمثال يتضح المقال .
من الفتن التي هزت الأمة الإسلامية ، وكادت تطيح بالخلافة زمن بني أمية
فتنة عبد الرحمن بن الأشعث
وكان ابتداؤها سنة إحدى وثمانين .
قال الحافظ ابن كثير : وكان سبب هذه الفتنة أن ابن الأشعث كان الحجاج
يبغضه ، وكان هو يفهم ذلك ، ويضمر للحجاج السوء وزوال الملك عنه ، ثم إن
الحجاج بن يوسف نائب الخليفة عبد الملك بن مروان على العراق جهز جيشا من
البصرة والكوفة وغيرهما لقتال رتبيل الكافر ملك الترك ، الذي آذى أهل
الإسلام وقتل فئاما منهم ، وأمر الحجاج على ذلك الجيش ابن الأشعث ، مع أنه
كان يبغضه كما تقدم ، حتى إنه كان يقول : ما رأيته قط حتى هممت بقتله
ودخل ابن الأشعث يوما على الحجاج وعنده عامر الشعبي ، فقال الحجاج انظر إلى مشيته !! والله لقد هممت أن أضرب عنقه
فأخبر الشعبي ابن الأشعث بما قال الحجاج ، فقال ابن الأشعث : وأنا والله لأجهدن أن أزيله عن سلطانه إن طال ببي البقاء .
فسار ذلك الجيش بإمرة ابن الأشعث ، حتى وطئ أرض ( رتبـيل ) ، ففتح مدنا
كثيرة ، وغنم أموالا كثيرة ، وسبى خلقا من الكفار ، ورتبيل ملك الكفار يهرب
منهم من مدينة لأخرى .
ثم إن ابن الأشعث رأى لأصحابه أن يوقفوا القتال ، حتى يتقووا إلى العام المقبل ، ولتستقر الأمور في البلاد التي فتحوها .
فكتب إليه الحجاج يأمره بالاستمرار في القتال ، ويذمه ويعيره بالنكول عن
الحرب ، فغضب ابن الأشعث ، ثم سعى في تأليب الناس على الحجاج .
وقام والد ابن الأشعث _ وكان شاعرا خطيبا ، فقال : إن مثل الحجاج في هذا
الأمر ومثلنا كما قال القائل : ( احمل عبدك على الفرس ، فإن هلك هلك ، وإن
نجا فلك ) ، إنكم إن ظفرتم كان ذلك زيادة في سلطان الحجاج ، وإن هلكتم كنتم
الأعداء البغضاء .
ثم قال : اخلعوا عدو الله الحجاج ، ولم يذكر
خلع الخليفة ، اخلعوا عدو الله الحجاج وبايعوا لأميركم عبد الرحمن بن
الأشعث ، فإني أشهدكم أني أول خالع للحجاج .
فقال الناس من كل جانب : خلعنا عدو الله الحجاج _ وكانوا يبغضونه _ ووثبوا إلى ابن الأشعث فبايعوه ، ولم يذكروا خلع الخليفة .
وبعد بيعة الفتنة تلك تبدلت الأمور ، ووقع ما لم يكن في الحسبان ،
فقد انصرف ابن الأشعث عن قتال الترك الكفرة !!
وسار بجيشه المفتون مقبلا إلى الحجاج ليقاتله ويأخذ منه العراق ،،،
فلما توسطوا في الطريق ، قالوا :
( إن خلعنا للحجاج خلع لابن مروان ، فخلعوا أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان ، وجددوا البيعة لابن الأشعث )
فبايعوه على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وخلع أئمة الضلالة وجهاد الملحدين .
فلما بلغ الحجاج ما صنعوا من خلعه وخلع أمير المؤمنين ، كتب إلى الخليفة
بذلك يعلمه ، ويستعجله في بعثه الجنود إليه ، فانزعج الخليفة واهتم.
وسعى الناصحون المصلحون في درء الفتنة .
فكتب المهلب بن أبي صفرة إلى ابن الأشعث يحذره ، وينهاه عن الخروج على إمامه وقال :
(( إنك با ابن الأشعث قد وضعت رجلك في ركاب طويل ، أبق على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، الله الله !!
انظر لنفسك فلا تههلكها ، ودماء المسلمين فلار تسفكها ، والجماعة فلا تفرقها والبيعة فلا تنكثها ،
فإن قلت أخاف الناس على نفسي ، فالله أحق أن تخافه من الناس ،
فلا تعرضها لله في سفك دم أو استحلال محرم ، والسلام عليك ))
ثم أخذ الخليفة عبد الملك في تجهيز الجنود في نصرة الحجاج في قتاله الخارجين على الجماعة .
وجعل المفتونون يلتفون على ابن الأشعث من كل جانب ، حتى قيل إنه سار معه ثلاثة وثلاثون ألف فارس ومائة وعشرون ألف راجل !!!
حتى دخلوا البصرة ، فخطب ابن الأشعث وبايعم ، وبايعوه على خلع الخليفة ونائبه الحجاج بن يوسف ، وقال لهم ابن الأشعث :
((ليس الحجاج بشيء ، ولكن اذهبوا بنا إلى عبد الملك الخليفة لنقاتله ))
ووافقه على خلعهما جميع من بالبصرة من الفقهاء والقراء والشيوخ والشباب .
قال الحافظ ابن كثير :
وتفاقم الأمر وكثر متابع ابن الأشعث على ذلك ، واشتد الحال وتفرقت الكلمة جدا ، وعظم الخطب واتسع الخرق
ثم التقى جيش الخليفة وجيش ابن الأشعث ، فقال القراء( العلماء ) الذين خلعوا البيعة :
أيها الناس قاتلوا عن دينكم ودنياكم .
وقال عامر الشعبي _ وكان من الأئمة ومن العلماء ، لكن ابن الأشعث فـتـنه _ قال :
(( قاتلوهم على جورهم ، واستـغلالهم الضعفاء !! وإماتتهم الصلاة ))
ثم بدأ القتال ، ما بين كر وفر ، يقتتل الناس كل يوم قتالا شديدا ، حتى أصيب من رؤوس الناس خلق كثير
واستمر هذا الحال مدة طويلة ، ثم كتب الخليفة إلى ابن الأشعث ومن معه يقول :
(( إن كان يرضيكم مني عزل الحجاج خلعته ، وأبقيت عليكم أعطياتكم ، وليـخير ابن الأشعث أي بلد شاء يكون عليه أميرا ما عاش وعشت . ))
فلما بلغ ذلك ابن الأشعث خطب الناس وندبهم إلى قبول ما عرضه عليهم أمير المؤمنين من عزل الحجاج وإبقاء الأعطيات ،،،،،
فثار الناس من كل جانب ، وقالوا:
والله لا نقبل ذلك ، نحن أكثر عددا وعدة !!
ثم جددوا خلع الخليفة عبد الملك واتفقوا على ذلك كلهم ، واستمر القنال بين الفئتين مائة يوم وثلاثة أيام على ما قاله ابن الأثير .
وصبر جيش الخليفة بقيادة الحجاج ، بالحرب ،،،
فأمر بالحملة على كتيبة القراء ،، الذين خلعوا الخليفة ، لأن الناس كانوا
تبع لهم ، وهم الذين يحرضونهم على القتال ، والناس يقـتدون بهم .
فحمل جيش الحجاج عليهم ،،،،، فقتل منهم خلقا كثيرا ،
وبعدها انهزم ابن الأشعث ومن معه ، فلحقهم جيش الحجاج يقتلون ويأسرون ،
وهرب ابن الأشعث ومعه جمع قليل من الناس، فأرسل الحجاج خلفه جيشا كثيفا
ليقتلوه ويأسروه
ففر ابن الأشعث حتى دخل هو ومن معه إلى بلاد رتبيل الكافر ملك الترك !!! فأكرمه وأنزله عنده وأمنه وعظمه كيدا للمسلمين
هرب ابن الأشعث بعد أن أثار فتنة أهلك الحرث والنسل فقتل من أتباعه من قتل
، وأسر كثير منهم ، فقتلهم الحجاج بن يوسف ، وهرب من بقي منهم .
ومنهم عامر الشعبي الإمام الثقة ، فأمر الحجاج أن يؤتى بالشعبي فجيء به حتى دخل على الحجاج .
قال الشعبي :
فسلمت عليه بالإمرة ، ثم قلت :
أيها الأمير ، إن الناس قد أمروني أن أعتذر إليك بغير ما يعلم الله أنه الحق ،،،
ووالله لا أقول في هذا المقام إلا الحق ،،،
قد والله تمردنا عليك وحرضنا ، وجهدنا كل الجهد ، فما كنا بالأتقياء البررة ، ولا بالأشقياء الفجرة ،،،،
لقد نصرك الله علينا ، وأظفرك بنا ، فإن سطوت فبذنوبنا ، وما جرت إليك أيدينا ، وإن عفوت عنا فبحلمك ، وبعد فالحجة لك علينا .
فقال الحجاج لما رأى اعترافه وإقراره :
أنت يا شعبي أحب إلي ممن يدخل علينا يقطر سيفه من دمائنا ، ثم يقول ما فعلت ولا شهدت ، قد أمنت عندنا يا شعبي .
ثم قال الحجاج :
يا شعبي كيف وجدت الناس بعدنا يا شعبي ؟ وكان الحجاج يكرمه قبل دخوله في الفتنة .
فقال الشعبي مخبرا عن حاله بعد مفارقته للجماعة :
(( أصلح الله الأمـير ؛ قد اكتحـلت بعدك السـهر !! واستـوعرت السـهول !!
واستجلـست الخوف !! واستحليت الهم !! وفقدت صالح الإخوان !! ولم أجد من
الأمير خلفا !! ))
فقال الحجاج :
انصرف يا شعبي ،،،،،،، فانصرف آمنا .
ثم شرع الحجاج في تتبع أصحاب ابن الأشعث ، فقتلهم مثنى وفرادى !!! حتى قيل إنه قتل منهم بين يديه مائة ألف وثلاثين ألفا !!!
منهم محمد بن سعد بن أبي وقاص ، وجماعات من السادات ، حتى كان آخرهم سعيد بن جبير رحمه الله .
وكان ممن تبع ابن الأشعث طائفة من الأعيان منهم مسلم بن يسار وأبو الجوزاء
، وأبو المنهال الرياحي ومالك بن دينار والحسن البصري رحمه الله
وذلك أنه قيل لابن الأشعث : إن أردت أن يقاتل الناس حولك كما قاتلوا حول هودج عائشة فأخرج الحسن البصري معك ، فأخرجه
وكان ممن خرج أيضا سعيد بن جبير وابن أبي ليلى الفقيه وطلحة بن مصرف وعطاء بن السائب ، وغيرهم
قال أيوب :
(( فما منهم من أحد صرع مع ابن الأشعث إلا رغب عن مصرعه ، ولا نجا أحد منهم إلا حمد الله أن سلمه !!! ))
ثم إن الحجاج كتب إلى رتبيل ملك الترك الذي لجأ إليه ابن الأشعث ، أرسل إليه يقول :
(( والله الذي لا إله إلا هو ، لئن لم تبعث إلي بابن الأشعث لأبعثن إليك بألف ألف مقاتل ولأخربنها .))
فلما تحقق الوعيد من الحجاج استشار في ذلك بعض الأمراء فأشار عليه بتسليم
ابن الأشعث قبل أن يخرب الحجاج دياره ، ويأخذ عامة أمصاره ،
فعند ذلك غدر رتبـيل بابن الأشعث فقبض عليه وعلى ثلاثين من أتباعه ، فقيدهم بالأصفاد وبعثهم مع رسل الحجاج إليه
فلما كانوا ببعض الطريق بمكان يقال له ( الرخج )
صعد ابن الأشعث وهو مقيد بالحديد إلى سطح قصر ،،،،
ومعه رجل موكل به لئلا يفر فألقى ابن الأشعث بنفسه من ذلك القصر ،،،،،
وسقط معه الموكل به فماتا جميعا ( قتل نفسه وحارسه المسلم - انتحر - )
فعمد الرسول إلى رأس ابن الأشعث فاحتزه ،،،،،
وقتل من معه من أصحابه ، وبعث برؤوسهم إلى الحجاج
فأمر فطيف برأس ابن الأشعث في العراق ، ثم بعثه إلى أمير المؤمنين عبد
الملك فطيف به في الشام ، ثم بعث به إلى ألأخيه عبد العزيز بمصر فطيف برأسه
هناك ، ثم دفن .
قال الحافظ ابن كثير :
والعجب كل العجب من هؤلاء الذين بايعوه بالإمارة :
كيف يعمدون إلى خليفة قد بويع له بالإمارة على المسلمين من سنين ،
فيعزلونه وهو من صليبــة قريش ، ويبايعون لرجل كـندي بيعة لم يتفق عليها
أهل الحل والعقد !!!
ولهذا لما كانت هذه زلة وفلتة نشأ بسببها شر كثير ، هلك فيه خلق كثير ، فإنا لله وإنا إليه إليه راجعون
ذكر ابن الأثير في تاريخه :
أن رجلا من الأنصار جاء إلى عمر بن عبد العزيز فقال :
أنا ابن فلان بن فلان ، قتل جدي يوم بدر ، وقتل جدي فلان يوم أحد ، وجعل يذكر مناقب سلفه ،،،،،،
فنظر عمر إلى جليسه فقال :
هذه المناقب والله ، لا يوم الجماجم ويوم راهط ، من الخروج وحمل السلاح على المسلمين ، ولا حول ولا قوة إلا بالله رب العالمين
ما أشبه اليوم بالبراحة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ،،، أما بعد
ففي قصص من سبقنا عبرة ومزدجرة ( إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم )
يسمع الناس بالفتن وخطرها وسوء عاقبتها ، ولكن كما قيل بالمثال يتضح المقال .
من الفتن التي هزت الأمة الإسلامية ، وكادت تطيح بالخلافة زمن بني أمية
فتنة عبد الرحمن بن الأشعث
وكان ابتداؤها سنة إحدى وثمانين .
قال الحافظ ابن كثير : وكان سبب هذه الفتنة أن ابن الأشعث كان الحجاج يبغضه ، وكان هو يفهم ذلك ، ويضمر للحجاج السوء وزوال الملك عنه ، ثم إن الحجاج بن يوسف نائب الخليفة عبد الملك بن مروان على العراق جهز جيشا من البصرة والكوفة وغيرهما لقتال رتبيل الكافر ملك الترك ، الذي آذى أهل الإسلام وقتل فئاما منهم ، وأمر الحجاج على ذلك الجيش ابن الأشعث ، مع أنه كان يبغضه كما تقدم ، حتى إنه كان يقول : ما رأيته قط حتى هممت بقتله
ودخل ابن الأشعث يوما على الحجاج وعنده عامر الشعبي ، فقال الحجاج انظر إلى مشيته !! والله لقد هممت أن أضرب عنقه
فأخبر الشعبي ابن الأشعث بما قال الحجاج ، فقال ابن الأشعث : وأنا والله لأجهدن أن أزيله عن سلطانه إن طال ببي البقاء .
فسار ذلك الجيش بإمرة ابن الأشعث ، حتى وطئ أرض ( رتبـيل ) ، ففتح مدنا كثيرة ، وغنم أموالا كثيرة ، وسبى خلقا من الكفار ، ورتبيل ملك الكفار يهرب منهم من مدينة لأخرى .
ثم إن ابن الأشعث رأى لأصحابه أن يوقفوا القتال ، حتى يتقووا إلى العام المقبل ، ولتستقر الأمور في البلاد التي فتحوها .
فكتب إليه الحجاج يأمره بالاستمرار في القتال ، ويذمه ويعيره بالنكول عن الحرب ، فغضب ابن الأشعث ، ثم سعى في تأليب الناس على الحجاج .
وقام والد ابن الأشعث _ وكان شاعرا خطيبا ، فقال : إن مثل الحجاج في هذا الأمر ومثلنا كما قال القائل : ( احمل عبدك على الفرس ، فإن هلك هلك ، وإن نجا فلك ) ، إنكم إن ظفرتم كان ذلك زيادة في سلطان الحجاج ، وإن هلكتم كنتم الأعداء البغضاء .
ثم قال : اخلعوا عدو الله الحجاج ، ولم يذكر خلع الخليفة ، اخلعوا عدو الله الحجاج وبايعوا لأميركم عبد الرحمن بن الأشعث ، فإني أشهدكم أني أول خالع للحجاج .
فقال الناس من كل جانب : خلعنا عدو الله الحجاج _ وكانوا يبغضونه _ ووثبوا إلى ابن الأشعث فبايعوه ، ولم يذكروا خلع الخليفة .
وبعد بيعة الفتنة تلك تبدلت الأمور ، ووقع ما لم يكن في الحسبان ،
فقد انصرف ابن الأشعث عن قتال الترك الكفرة !!
وسار بجيشه المفتون مقبلا إلى الحجاج ليقاتله ويأخذ منه العراق ،،،
فلما توسطوا في الطريق ، قالوا :
( إن خلعنا للحجاج خلع لابن مروان ، فخلعوا أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان ، وجددوا البيعة لابن الأشعث )
فبايعوه على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وخلع أئمة الضلالة وجهاد الملحدين .
فلما بلغ الحجاج ما صنعوا من خلعه وخلع أمير المؤمنين ، كتب إلى الخليفة بذلك يعلمه ، ويستعجله في بعثه الجنود إليه ، فانزعج الخليفة واهتم.
وسعى الناصحون المصلحون في درء الفتنة .
فكتب المهلب بن أبي صفرة إلى ابن الأشعث يحذره ، وينهاه عن الخروج على إمامه وقال :
(( إنك با ابن الأشعث قد وضعت رجلك في ركاب طويل ، أبق على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، الله الله !!
انظر لنفسك فلا تههلكها ، ودماء المسلمين فلار تسفكها ، والجماعة فلا تفرقها والبيعة فلا تنكثها ،
فإن قلت أخاف الناس على نفسي ، فالله أحق أن تخافه من الناس ،
فلا تعرضها لله في سفك دم أو استحلال محرم ، والسلام عليك ))
ثم أخذ الخليفة عبد الملك في تجهيز الجنود في نصرة الحجاج في قتاله الخارجين على الجماعة .
وجعل المفتونون يلتفون على ابن الأشعث من كل جانب ، حتى قيل إنه سار معه ثلاثة وثلاثون ألف فارس ومائة وعشرون ألف راجل !!!
حتى دخلوا البصرة ، فخطب ابن الأشعث وبايعم ، وبايعوه على خلع الخليفة ونائبه الحجاج بن يوسف ، وقال لهم ابن الأشعث :
((ليس الحجاج بشيء ، ولكن اذهبوا بنا إلى عبد الملك الخليفة لنقاتله ))
ووافقه على خلعهما جميع من بالبصرة من الفقهاء والقراء والشيوخ والشباب .
قال الحافظ ابن كثير :
وتفاقم الأمر وكثر متابع ابن الأشعث على ذلك ، واشتد الحال وتفرقت الكلمة جدا ، وعظم الخطب واتسع الخرق
ثم التقى جيش الخليفة وجيش ابن الأشعث ، فقال القراء( العلماء ) الذين خلعوا البيعة :
أيها الناس قاتلوا عن دينكم ودنياكم .
وقال عامر الشعبي _ وكان من الأئمة ومن العلماء ، لكن ابن الأشعث فـتـنه _ قال :
(( قاتلوهم على جورهم ، واستـغلالهم الضعفاء !! وإماتتهم الصلاة ))
ثم بدأ القتال ، ما بين كر وفر ، يقتتل الناس كل يوم قتالا شديدا ، حتى أصيب من رؤوس الناس خلق كثير
واستمر هذا الحال مدة طويلة ، ثم كتب الخليفة إلى ابن الأشعث ومن معه يقول :
(( إن كان يرضيكم مني عزل الحجاج خلعته ، وأبقيت عليكم أعطياتكم ، وليـخير ابن الأشعث أي بلد شاء يكون عليه أميرا ما عاش وعشت . ))
فلما بلغ ذلك ابن الأشعث خطب الناس وندبهم إلى قبول ما عرضه عليهم أمير المؤمنين من عزل الحجاج وإبقاء الأعطيات ،،،،،
فثار الناس من كل جانب ، وقالوا:
والله لا نقبل ذلك ، نحن أكثر عددا وعدة !!
ثم جددوا خلع الخليفة عبد الملك واتفقوا على ذلك كلهم ، واستمر القنال بين الفئتين مائة يوم وثلاثة أيام على ما قاله ابن الأثير .
وصبر جيش الخليفة بقيادة الحجاج ، بالحرب ،،،
فأمر بالحملة على كتيبة القراء ،، الذين خلعوا الخليفة ، لأن الناس كانوا تبع لهم ، وهم الذين يحرضونهم على القتال ، والناس يقـتدون بهم .
فحمل جيش الحجاج عليهم ،،،،، فقتل منهم خلقا كثيرا ،
وبعدها انهزم ابن الأشعث ومن معه ، فلحقهم جيش الحجاج يقتلون ويأسرون ، وهرب ابن الأشعث ومعه جمع قليل من الناس، فأرسل الحجاج خلفه جيشا كثيفا ليقتلوه ويأسروه
ففر ابن الأشعث حتى دخل هو ومن معه إلى بلاد رتبيل الكافر ملك الترك !!! فأكرمه وأنزله عنده وأمنه وعظمه كيدا للمسلمين
هرب ابن الأشعث بعد أن أثار فتنة أهلك الحرث والنسل فقتل من أتباعه من قتل ، وأسر كثير منهم ، فقتلهم الحجاج بن يوسف ، وهرب من بقي منهم .
ومنهم عامر الشعبي الإمام الثقة ، فأمر الحجاج أن يؤتى بالشعبي فجيء به حتى دخل على الحجاج .
قال الشعبي :
فسلمت عليه بالإمرة ، ثم قلت :
أيها الأمير ، إن الناس قد أمروني أن أعتذر إليك بغير ما يعلم الله أنه الحق ،،،
ووالله لا أقول في هذا المقام إلا الحق ،،،
قد والله تمردنا عليك وحرضنا ، وجهدنا كل الجهد ، فما كنا بالأتقياء البررة ، ولا بالأشقياء الفجرة ،،،،
لقد نصرك الله علينا ، وأظفرك بنا ، فإن سطوت فبذنوبنا ، وما جرت إليك أيدينا ، وإن عفوت عنا فبحلمك ، وبعد فالحجة لك علينا .
فقال الحجاج لما رأى اعترافه وإقراره :
أنت يا شعبي أحب إلي ممن يدخل علينا يقطر سيفه من دمائنا ، ثم يقول ما فعلت ولا شهدت ، قد أمنت عندنا يا شعبي .
ثم قال الحجاج :
يا شعبي كيف وجدت الناس بعدنا يا شعبي ؟ وكان الحجاج يكرمه قبل دخوله في الفتنة .
فقال الشعبي مخبرا عن حاله بعد مفارقته للجماعة :
(( أصلح الله الأمـير ؛ قد اكتحـلت بعدك السـهر !! واستـوعرت السـهول !! واستجلـست الخوف !! واستحليت الهم !! وفقدت صالح الإخوان !! ولم أجد من الأمير خلفا !! ))
فقال الحجاج :
انصرف يا شعبي ،،،،،،، فانصرف آمنا .
ثم شرع الحجاج في تتبع أصحاب ابن الأشعث ، فقتلهم مثنى وفرادى !!! حتى قيل إنه قتل منهم بين يديه مائة ألف وثلاثين ألفا !!!
منهم محمد بن سعد بن أبي وقاص ، وجماعات من السادات ، حتى كان آخرهم سعيد بن جبير رحمه الله .
وكان ممن تبع ابن الأشعث طائفة من الأعيان منهم مسلم بن يسار وأبو الجوزاء ، وأبو المنهال الرياحي ومالك بن دينار والحسن البصري رحمه الله
وذلك أنه قيل لابن الأشعث : إن أردت أن يقاتل الناس حولك كما قاتلوا حول هودج عائشة فأخرج الحسن البصري معك ، فأخرجه
وكان ممن خرج أيضا سعيد بن جبير وابن أبي ليلى الفقيه وطلحة بن مصرف وعطاء بن السائب ، وغيرهم
قال أيوب :
(( فما منهم من أحد صرع مع ابن الأشعث إلا رغب عن مصرعه ، ولا نجا أحد منهم إلا حمد الله أن سلمه !!! ))
ثم إن الحجاج كتب إلى رتبيل ملك الترك الذي لجأ إليه ابن الأشعث ، أرسل إليه يقول :
(( والله الذي لا إله إلا هو ، لئن لم تبعث إلي بابن الأشعث لأبعثن إليك بألف ألف مقاتل ولأخربنها .))
فلما تحقق الوعيد من الحجاج استشار في ذلك بعض الأمراء فأشار عليه بتسليم ابن الأشعث قبل أن يخرب الحجاج دياره ، ويأخذ عامة أمصاره ،
فعند ذلك غدر رتبـيل بابن الأشعث فقبض عليه وعلى ثلاثين من أتباعه ، فقيدهم بالأصفاد وبعثهم مع رسل الحجاج إليه
فلما كانوا ببعض الطريق بمكان يقال له ( الرخج )
صعد ابن الأشعث وهو مقيد بالحديد إلى سطح قصر ،،،،
ومعه رجل موكل به لئلا يفر فألقى ابن الأشعث بنفسه من ذلك القصر ،،،،، وسقط معه الموكل به فماتا جميعا ( قتل نفسه وحارسه المسلم - انتحر - )
فعمد الرسول إلى رأس ابن الأشعث فاحتزه ،،،،،
وقتل من معه من أصحابه ، وبعث برؤوسهم إلى الحجاج
فأمر فطيف برأس ابن الأشعث في العراق ، ثم بعثه إلى أمير المؤمنين عبد الملك فطيف به في الشام ، ثم بعث به إلى ألأخيه عبد العزيز بمصر فطيف برأسه هناك ، ثم دفن .
قال الحافظ ابن كثير :
والعجب كل العجب من هؤلاء الذين بايعوه بالإمارة :
كيف يعمدون إلى خليفة قد بويع له بالإمارة على المسلمين من سنين ، فيعزلونه وهو من صليبــة قريش ، ويبايعون لرجل كـندي بيعة لم يتفق عليها أهل الحل والعقد !!!
ولهذا لما كانت هذه زلة وفلتة نشأ بسببها شر كثير ، هلك فيه خلق كثير ، فإنا لله وإنا إليه إليه راجعون
ذكر ابن الأثير في تاريخه :
أن رجلا من الأنصار جاء إلى عمر بن عبد العزيز فقال :
أنا ابن فلان بن فلان ، قتل جدي يوم بدر ، وقتل جدي فلان يوم أحد ، وجعل يذكر مناقب سلفه ،،،،،،
فنظر عمر إلى جليسه فقال :
هذه المناقب والله ، لا يوم الجماجم ويوم راهط ، من الخروج وحمل السلاح على المسلمين ، ولا حول ولا قوة إلا بالله رب العالمين
ما أشبه اليوم بالبراحة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق