علي قوادري
المقامة التقشفية
الجمعة، 18 ديسمبر 2015
حدثنا شيخنا سردون يوما قال:
وأنا في السوق الاسبوعية ،أنظر في البرنوس والقشبية ،سمعت تاجرا يتحدث عن السياسة التقشفية للجمهورية الجزائرية وعن صاحبها الداهية وعن ماقالته عنه الجرائد الحالية..
نظرت طويلا للبطاطا والكثير من الجمهور حولها أحاط، فتحت جيبي أعد بعض الدنانير وأنا حزين من أجل الفقاقير..
مشيت أجس في النبض وأحاديث البعض للبعض ،فمنهم من يعرض ومنهم يطعن في العرض،قال تاجر الأواني مسرعا في بعض ثواني:
-نحن عندنا البترول والغاز ولكننا لانعرف كيف نحل الألغاز ،فانظر بعد فرز الاصوات فرزا ،هل تسمع للمنتخبين ركزا ومضى يبتسم غمزا ورمزا..
وقال تاجر الخضروات :
-ماذا أقول عن حياتي ،بكاء وبرد مأساتي،وكل شيء تغير للأسوءِ فاتركني من هذا النبأِ ،يقولون نتقشف ،نعم نحن الشعب نتعفف ولكنهم أصحاب الكروش والعيون والعروش، يأكلون ويأكلون ونحن لا نأكل إلا في الكعبوش..
ورحت أشد بصوت عالي الزفرات كي يسمعني الذاهب والآتي:
تقشّفْ تعفّفْ شعيب بلادي=فهذا رئيسي برأسي ينادي
وهذا مصير اقتصاد ٍ تلاشى=وتبذير مالٍ سرى لللأعادي
نطق المعتوه بن الرابعة وقد شارفت الساعة على السابعة:
-غيرنا يعيش في متعة ونحن نعيش في مسغبة وهم في قصور مشيدة وكباش معيدة وموائد مرتبة، نتقشف من أجل عيون الكبار يمتطوننا كيفما شاءوا مثل الحمار ، معذرة يا حضار ياسمار فإني راحل وغائب عن الأنظار..
تبسم الجمع ممن نضم للمجلس وقال شخص جميل الملبس:
- الدينار في انهيار في الجزائر قبلة الأحرار وعلينا الاختيار العمل العمل أو البوار..
صفقت مجموعة ممن ألفوا المساندة في حماسة ظنا منهم أنها انتخابات والرجل يخطب وهو في حملة من حملات السياسة..
علق عمي المخطار شاعر البدو والأمصار:
ارواح نخبرك اليوم ماذا صار=اتقشفنا ماعدنا غنيا في لوطان
قالوا طاحت بينا وطاح الدينار=زيروا رانا فقرنا عقب ازمان
تحدث وزير الثقافة وجرائد الصح آفا أن الخزينة تعاني الجفاف، والنائم في البرلمان صائم يا اخوان يرفع الأيدي دون اسئذان..والسيدة سوناطراك لاحس ولاحراك ، فبعد أن كان شكيب الحبيب يغني أهواكَ أهواكَ ياحاسي مسعود سأرحل ولن أعود..تنهدت وأنا اسمع من المقهى عبد الحليم الذي أهوى يغني موعود موعود..
كثر الحديث واللغط والهرج والمرج، حتى سقط من سقط والكل يتمنى الفرج،وخرجنا نسأل الله العافية والستر والبركة الصافية وندعوا لأوليائنا بالمنفعة والطاعة فالصبر كما ذكر صبر ساعة ،والوطن يبنيه الجميع والورد يأتي به الربيع ، والأزمة تلد الهمة والعلم ينفع الأمة وينزع عنا الغمة ،والصلاة على طه الرسول وعلى الأنبياء والبقاء للأوفياء والشنار للأشقياء ..
..
وفي طريقي خارجا من السوق، تكلمت مع طالب الحقوق عن قانون المالية والسياسة الخارجية والقضية السورية والمالية والفلسطينية فقال لي :
-مازلت نية ،دع عقلك يرتاح وتخلص من الكلام المباح تذهب عنك الأمراض وترتاح..وصرخ الدرويش السعدي خلفي هذا كل ماعندي،سأعود في الصيف ..فما أفقت إلا وحل الظلام وهاتفي يرن وفيه كلام وكلام..
قال شاعرنا يودعني:
مطول ليلي مطول همي عياني=هذي مدة وانا في شدة نقاسي
سكنِّي وسواس شين ياتشطاني=الراس شاب وزاد ني وسواسي
اتقشف شِعري وماعاد جاني=نسكت خير لا انعود امباصي
خرجت مسرعا خفيف الظل فإذا بصوت ينادي ياخلي ، التفت وأنا أحضن القادما وسرنا يحلمني واحمله منادما ، يخبرني عن مضارب القبيلة وعن عشب الخميلة وحكايا غرام قديمة الوقع تلاشت مسافرة بلا نقع..فأنشدته مدندنا بقصيدة فصحى تحمل حنان وجرحا:
يا سامري في الليالي=وخِلَّ لَيْل الغرام
شاخ الرجا يا خليلي=ضاع الهوى في الزحام
كنتَ الحبيب أناجي=كنتَ القريب أسامي
طوبى لمن بات عُمرا=ينام دون اهتمام
لمن سأشكو سقامي؟=وكيف لي بالفطام؟
يا غافرا يا إلهي= ادعوك قبل الحِمام
على الحبيب صلاتي=رسول ربِّ الأنام
والسلام ختام ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق