نقطة ضوء/كل سبت
علي قوادري
الحوار..يبني ولايهدم
للحوار دوره في تفعيل المواطنة وفي ترسيخ قيم الانسانية من حيث هو منهج للبناء لا الهدم وللتواصل لا
للتنافر ولتضميد الجراح وليس من أجل زيادة افتعال المشاكل.
الحوار هو سمة حضارية تبدأ من المنزل وتنتشر عبر شرايين الحياة وتقليد من
تقاليد النية الحسنة..الحوار يعلمنا أن الاختلاف رحمة والخلاف نقمة ، لذلك توجب
على الانسان أن يبحث عن التلاحم وينصت
لأخيه محاورا وباحثا عن الحلول لأننا بالاشتراك في عملية وفعل التشاور والتناصح
والتباحث نطرح أولا المشكلة قصد الوصول للحلول ولامشكلة بلا حل..
منذ بدء الخليقة ، جاء في القرآن أول درس في الحوار ، حوار الخالق سبحانه
وتعالى وهو الأقوى مع مخلوقه ابليس لعنه الله في قضية كان سيدنا آدم هو
محورها..فبعد أن خلقه الله ونفخ فيه من روحه أمر الملائكة أن يسجدوا له، وجادلوه
أول الأمر أن قالوا كيف ننسجد له فوضح لهم الله سبحانه وتعالى أنه يعرف مالا
يعرفون لأنه علمه الأسماء كلها فاقتنعوا إلا ابليس أبى واستكبر فكان الحوار
المعروف والذي وصل باحترام الله لرأي ابليس وتركه في غيه يعمه ولكنه بالمقابل حذره
عاقبة الأمور ليبشر المومنين بالجنة والكافرين من اتباعه بالنار..
ويعود بنا القرآن في درس آخر بين أبناء سيدنا آدم حيث بعد حوار يقتل قابيل
هابيل ولا يسمع لما دار من حوار ونتيجة ، لنقرأ الكثير من الأحداث أبطالها
الأنبياء والرسل وهم يحاورون أقواما من الكفار دون يأس ، لأنهم يدركون أن الحوار
هو أساس المعايشة وهو ما يجعل الانسان يسمع صوت الحق وينصت للعقل ولكن شاءت الأقدار
والعنت أن يرفضوا ومن الأمثلة الكثيرة حوار سيدنا ابراهيم حين قال له الملك الكافر
أنا أحيي وأميت فقال له فلتات بالشمس من المغرب وحكاية سيدنا موسى مع فرعون الذي
أدرك أو لنقل أقر بعناده وخطئه بعد أن غرق ..
لكن شرط الحوار امتلاك الحجة ، واستعمال العقل ومقارعة الحجة بالحجة فليس
كل امرئ بقادر على الحوار..للحوار إذن آدابه وتقاليده فهو يأتي هادئا رصينا متيقنا وواثقا ، يدرك المشكل
ويعرف طُرُقَ الحل..هناك عقول كثيرة لاتتقبل الحوار وتتمسك بالرأي فتجادل حتى ولو
فرشت لها سواحل من الحجج المقنعة متمسكة بمنطق معزة ولو طارت، وهذه نماج تعودت عدم
الحوار بدءً من العائلة وانتهاء بجد الجد ، فالجينات حين يبقى الوسط نفسه لا تتغير
نحتاج عمرا غير هذا العمر من أجل القضاء على القليل منها بالتعليم وبالقراءة وبالاحتكاك
وبالاستماع للآخر وبالتواصل معه وبعدم التكتل وبعدم الانخراط في الفكر الجماعي
القبلي الذي قد يقتل العقل ويسيج الفرد داخل نمطية قد لا تكون صحيحة في أكثر
محطاتها..
أيام الله لاتعد ولاتحصى، مفروشة كأزهار في بستان قرآننا الكريم ، تعلم
السلوك الحسن وتدعونا لصراط مستقيم لاشية فيه ولا كفر ولا تطاحن والحوار واحد
منها..نسأل الله أن يرينا الحق حقا فنتبعه والباطل باطلا فنتجنبه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق