المشاركات الشائعة

الأربعاء، 9 يونيو 2021

ديمقراطية (التعدد) تُسقط (أستاذ الجيل) في انتخابات الجمعية التشريعية...

 

موعظة انتخابية..
ديمقراطية (التعدد) تُسقط (أستاذ الجيل) في انتخابات الجمعية التشريعية...
رغم أن الفيلسوف أحمد لطفي السيد كان يدعى (أستاذ الجيل) وكان وراء تأسيس الجامعة المصرية زمن الملَكية، وكان وراء المقولة القومية: (مصر للمصريين)، ووراء مقولة: (الاختلاف لا يفسد للود قضية) وعُرف عنه نبوغ وذكاء إلا أن الجماهير أسقطته في انتخابات (الجمعية التشريعية) في (الدقهلية) بطريقة طريفة في (الحملة الانتخابية)، وذلك أن منافسه يومها (عثمان سليط) كان على وشك الانسحاب من الانتخابات ليأسه من الفوز أمام قامة كلطفي السيد، غير أن صديقا له أشار عليه بـ(خطة رهيبة) وهي استغلال (ليبيرالية) لطفي السيد وتأثره الشديد بالحضارة الغربية وكتاباته حول (حرية المرأة)، وكان يدير جريدة تسمى (الجريدة) يبوح فيها بآرائه تلك، ولم تكن الجماهير يومها في (الدقهلية) وما حولها لتقرأ لذلك الفيلسوف آراءه، وهنا تدخل صديق المترشح (سليط) وأقنعه بأن يشيع في الناس أن لطفي السيد (ديمقراطي)، وتساءل الناس من بيت إلى بيت: ماذا تعني كلمة ديمقراطي؟ فقيل: هو االذي يسمح للمرأة أن تتزوج بأربعة رجال كما يسمح للرجل بأربع نساء، وشاع هذا التعريف لـ(الديمقراطي) عن لطفي السيد، وقال الناس: يا للهول، يا لها من دناءة وخسة أن تكون الديمقراطية هي هذه، وتم جلب أعداد من جريدته لقراءة وتأكيد ذلك، ولطفي السيد غافل عما يجري بعيد عن الدقهلية يهيء نفسه لموعد في الحملة الانتخابية بين أهله وذويه في الدقهلية، وحين أعلن عن تجمعه الانتخابي بالدقهلية توافد الناس بكثرة على المكان حتى غص بالحاضرين، وزادهم وصف (الديمقراطي) حرصا على الحضور، وحين وقف لطفي السيد ليتكلم قاطعه أحد الحاضرين والناس يستمعون:
هل أنت ديمقراطي يا أستاذ لطفي السيد؟ لم يسأله عن تعريف الديمقراطية، بل وجه السؤال ملغما: هل أنت ديمقراطي؟ والجماهير كلها أخذت علما بمعنى الديمقراطية، فكان جوابه - بملء فيه -: نعم، ولي الشرف .. فخرجت القاعة كلها عن بكرة أبيها وانفضّ الحشد ولم يبق غير لطفي السيد في مكانه ذاهلا، ونجح منافسه بأبسط ما يكون، وحين عرف لطفي السيد بالمكيدة أقسم أن لا يترشح مرة أخرى، وفي ثورة يوليو طُلب منه أن يكون رئيسا فرفض، وبقي كذلك حتى وفاته عام 1963.
طبيعي جدا أن ينسب لطفي السيد خسارته إلى جهل الجماهير، وسينسبها كل واحد إلى ذلك، وسيقول: أسقطت الأصوات الجاهلة (أستاذ الجيل)، وطبعا كان لا بد من احتمال الديمقراطية واحترامها وتقبل المفارقة، مفارقة أن جماهير عريضة على مستوى ضحل من الثقافة تسقط أستاذا فيلسوفا بحجم لطفي السيد، غير أن لطفي السيد له مساهمته في فشله، فقد ابتعد عن أهله بقدر ما اقترب من الفكر الغربي يومها، وتعاليه على الجماهير، إلى درجة أنه لم يصله خبر عما يتناقله أهل الدقهلية عن ديمقراطيته، واستغرق في سفاهات القومية والليبيرالية، وهذا ما أسقطه وليس جهل الجماهير، بل الجماهير كان لها قدر كبير من الشرف والكرامة حافظت عليه ولو كانت ثقافتها ضئيلة، ومن سخر من الجماهير عليه أن يسخر من الآلية الديمقراطية كلها لأنها تتيح تلك المفارقة، وبعد ما يقارب القرن ما زالت الجماهير تفعلها في أقوى الديمقراطيات، فالجمهور الأمريكي الجاهل هو من أوصل (ترامب) إلى الرئاسة وليست الجماهير المصرية.
في القصة عبر شتى، ومن أهمها بالنسبة للمترشحين اليائسين:
لا تيأس، فربما كان حظك كحظ خصم (لطفي السيد)... 


44
4 Comments
5 Shares
Like
Comment
Share

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق