المشاركات الشائعة

الثلاثاء، 22 يونيو 2021

حديث عابر مع شاعر

حديث عابر مع شاعر

قال لي بعزة وكبرياء:
أنا شاعر لا أحسن العروض وليست لي حاضنة من جمهور تتحكم فيهم عاطفتهم فيرفعون الكاتب على حساب النص..
وواصل كمن يقرأ معلقة لجمهور من زمن آخر:
أنا شاعر تنمو نصوصي ببطء ، لا يحس بها الحساد والعاطفيون ،جمهور قصائدي يأتون في صمت ويرحلون في صمت لكنهم يحملون نصوصي في حلهم وترحالهم، في أفكارهم وتأملاتهم وسهراتهم ، لا يخبرون بها إلا المقربين ممن يفهمون سر الابداع ورعشة الابداع ودفقة اللغة التي تشع ملامسة ملكوت المعنى المبجل في حالات من سريان الايقاع..
افترقنا فوجدت نفسي أعيش تلك الحالة التي وصفها رغم أني لم أفهمها حينما كان يترنم بها في شبه مرثية لأسطورة من زمن آخر..
هو الابداع الحقيقي يولد غريبا ، فيجعل من صاحبه غريبا ،ويجعل تميز صاحبه في عزلة وتهميش..
كعادته يرمي الكلام ويرحل...

الاثنين، 14 يونيو 2021

الانتخابات ومعركة البقاء

 الانتخابات ومعركة البقاء

مما تذكرته وأنا أتابع الانتخابات البرلمانية وقد انتهت،حادثة طريفة ولكن لها اسقاطاتها ومدلولاته السيكولوجية والسوسيولوجية على مجتمعنا..

لي خال رحمه الله مجاهد اغويني نائلي وشديد الاعتزاز بانتمائه هذا ووفي لكل ما يمت بصلة ل:اغويني /نائلي..
ترشح الكورونيل أحمد بن شريف رحمه الله كبير اولاد نايل وبرنوس العرش كما كان يطلق عليه في رئاسيات في تسعينيات القرن الماضي قد تبدو ديمقراطية ولكن كعادة النظام يكون الرئيس معروف وما الشوشة الانتخابية إلا مسرحية ، وأهم ما يبحث عنه النظام وقتئذ رفع نسبة المشاركة من أجل خلق شرعية يعترف بها الرأي العالمي ..
دعاني خالي رحمه الله للعشاء مع بعض الأقارب وكان الهدف هو حملة انتخابية لمرشح القبيلة ومما أذكره أنني حاولت أن أقنع المرحوم أن مرشحه لن يتعد صيته عتبة الولاية وأن هذه الانتخابات لعبة وووووو
ولكنه أصر واستشاط غضبا فصمت مكرها لأنه يعاني مرض السكري وأن قناعته ثابتة ولا يمكن زحزحتها..
الدرس:
يعتقد الكثير من الشباب خاصة من رواد الفيس بوك أن أحزابا عتيدة كالآفلان يمكن أن تزول بسهولة وهذا خطأ لأن قاعدته ثابتة من جيل كبير السن تربى على اسم واحد وحزب واحد يراه هو الدولة وهو النظام..
كما يرى الكثيرون أن أحزابا بمجرد مشاركتها في اللعبة السياسة يمكنها أن تخسر وأقصد هنا حماس؛فحماس من الأحزاب الوحيدة التي بقيت قاعدتها ثابتة بل زادت بانتماء شباب جديد وكلهم قناعة واعتقاد راسخ أن لا ولاء إلا للحزب..إنه الانضباط الحزبي..
وهذا لعمري هو العمل السياسي والبناء السياسي ؛فالمعركة ليست الفوز في انتخابات عابرة إنما هي معركة البقاء والتوسع والتمكن..

الأربعاء، 9 يونيو 2021

 لقاء مع صديقي المسؤول

التقيته بعد سنين ،نزل من سيارته الفاخرة وسلم علي ،لم أعرفه ..
يلبس بدلة أنيقة وساعة سويسرية ونظارات شمسية من نوع خاص..
قال لي:
-لم تعرفني؟؟
قلت له:
وأنى لي ذلك؟؟..معذرة فليس لي أصدقاء بهذا المستوى..
قال وقد نزع نظارته الشمسية:
-كنا معا في الجامعة ، وبقينا سنوات نتكئ على نفس حائط البطالة ،وها قد منَّ الله علي وتقلدت مسئولية وأنا مدير عام، أنا فلان بن فلان..
احمر خدي خجلا واستطردت قائلا:
-ولكن زميلي الذي ذكرت كان نحيفا ، قصير اليد ، لا بطن له ، وفمه صغير وعيناه غير بارزتين وأذنه صغيرة..
تبسم مفتخرا وقال شارحا:
-تلك فترة قد خلتْ والمرحلة الحالية قد جبت ماقبلها..فالآن بفضل منصبي والبزنسة زاد وزني وأصبحت سمينا، وبطني انتفخ من كثرة الأكل عند هذا وذاك من أهل المشاريع وأهل الكرم ، فهذا يبعث الكبش وذاك يبعث أغلى الفواكه والهدية لا ترد سواء كانت نقدا أو لحما ..
وأما يدي أصبحت طويلة حتى تطال الهدايا من أصغر موظف حتى أكبرهم ومن أصغر مقاول ومواطن حتى أكبرهم..
أما بطني زادت اتساعا تماشيا مع المرحلة الجديدة فكلها أكل وأكل وأكل وفي كل وقت ومن كل جهة..
وفمي كبر حتى يلتهم أكبر كمية فالسرعة هي ميزة هذا العصر ، وإن لم تأكل الأخضر واليابس أكلوك ، القفازة ثم القفازة..
وأما العيون فضرورة ويجب أن تبرز حتى تبصر دبيب النمل ، وحركة الرزق..
أما الأذن ضرورية حتى تسمع صكصكة النقود وهمس أهل الخير والهدايا فأحيانا أصواتهم تكون همسا...
رن هاتفه وراح يكلم المتصل:
-هل أحضرت المبلغ المتفق عليه ..قل لسي فلان لازم في المريَّح تصيَّح..والمبلغ هو هو..
صعد مسرعا لسيارته ، وحياني كمن ينفض ذكرى قديمة..
سألته وهو يغادر:
-ماذا عن المرحلة مابعد الأكل هل هناك مشاريع جديدة في الأفق؟
أجابني بثقة:
-ناكل ونزيد ناكل ونزيد ناكل ...هذا نهجي..
حمدت الله حمدا كثيرا وواصلت دربي مستغفرا ومصليا على خير الأنام صلى الله عليه وسلم..
ــــــــــــــــــ
المريَّح تصيَّح كناية على أن الرشوة يجب أن تكون كبشا أو ما شابه..


ديمقراطية (التعدد) تُسقط (أستاذ الجيل) في انتخابات الجمعية التشريعية...

 

موعظة انتخابية..
ديمقراطية (التعدد) تُسقط (أستاذ الجيل) في انتخابات الجمعية التشريعية...
رغم أن الفيلسوف أحمد لطفي السيد كان يدعى (أستاذ الجيل) وكان وراء تأسيس الجامعة المصرية زمن الملَكية، وكان وراء المقولة القومية: (مصر للمصريين)، ووراء مقولة: (الاختلاف لا يفسد للود قضية) وعُرف عنه نبوغ وذكاء إلا أن الجماهير أسقطته في انتخابات (الجمعية التشريعية) في (الدقهلية) بطريقة طريفة في (الحملة الانتخابية)، وذلك أن منافسه يومها (عثمان سليط) كان على وشك الانسحاب من الانتخابات ليأسه من الفوز أمام قامة كلطفي السيد، غير أن صديقا له أشار عليه بـ(خطة رهيبة) وهي استغلال (ليبيرالية) لطفي السيد وتأثره الشديد بالحضارة الغربية وكتاباته حول (حرية المرأة)، وكان يدير جريدة تسمى (الجريدة) يبوح فيها بآرائه تلك، ولم تكن الجماهير يومها في (الدقهلية) وما حولها لتقرأ لذلك الفيلسوف آراءه، وهنا تدخل صديق المترشح (سليط) وأقنعه بأن يشيع في الناس أن لطفي السيد (ديمقراطي)، وتساءل الناس من بيت إلى بيت: ماذا تعني كلمة ديمقراطي؟ فقيل: هو االذي يسمح للمرأة أن تتزوج بأربعة رجال كما يسمح للرجل بأربع نساء، وشاع هذا التعريف لـ(الديمقراطي) عن لطفي السيد، وقال الناس: يا للهول، يا لها من دناءة وخسة أن تكون الديمقراطية هي هذه، وتم جلب أعداد من جريدته لقراءة وتأكيد ذلك، ولطفي السيد غافل عما يجري بعيد عن الدقهلية يهيء نفسه لموعد في الحملة الانتخابية بين أهله وذويه في الدقهلية، وحين أعلن عن تجمعه الانتخابي بالدقهلية توافد الناس بكثرة على المكان حتى غص بالحاضرين، وزادهم وصف (الديمقراطي) حرصا على الحضور، وحين وقف لطفي السيد ليتكلم قاطعه أحد الحاضرين والناس يستمعون:
هل أنت ديمقراطي يا أستاذ لطفي السيد؟ لم يسأله عن تعريف الديمقراطية، بل وجه السؤال ملغما: هل أنت ديمقراطي؟ والجماهير كلها أخذت علما بمعنى الديمقراطية، فكان جوابه - بملء فيه -: نعم، ولي الشرف .. فخرجت القاعة كلها عن بكرة أبيها وانفضّ الحشد ولم يبق غير لطفي السيد في مكانه ذاهلا، ونجح منافسه بأبسط ما يكون، وحين عرف لطفي السيد بالمكيدة أقسم أن لا يترشح مرة أخرى، وفي ثورة يوليو طُلب منه أن يكون رئيسا فرفض، وبقي كذلك حتى وفاته عام 1963.
طبيعي جدا أن ينسب لطفي السيد خسارته إلى جهل الجماهير، وسينسبها كل واحد إلى ذلك، وسيقول: أسقطت الأصوات الجاهلة (أستاذ الجيل)، وطبعا كان لا بد من احتمال الديمقراطية واحترامها وتقبل المفارقة، مفارقة أن جماهير عريضة على مستوى ضحل من الثقافة تسقط أستاذا فيلسوفا بحجم لطفي السيد، غير أن لطفي السيد له مساهمته في فشله، فقد ابتعد عن أهله بقدر ما اقترب من الفكر الغربي يومها، وتعاليه على الجماهير، إلى درجة أنه لم يصله خبر عما يتناقله أهل الدقهلية عن ديمقراطيته، واستغرق في سفاهات القومية والليبيرالية، وهذا ما أسقطه وليس جهل الجماهير، بل الجماهير كان لها قدر كبير من الشرف والكرامة حافظت عليه ولو كانت ثقافتها ضئيلة، ومن سخر من الجماهير عليه أن يسخر من الآلية الديمقراطية كلها لأنها تتيح تلك المفارقة، وبعد ما يقارب القرن ما زالت الجماهير تفعلها في أقوى الديمقراطيات، فالجمهور الأمريكي الجاهل هو من أوصل (ترامب) إلى الرئاسة وليست الجماهير المصرية.
في القصة عبر شتى، ومن أهمها بالنسبة للمترشحين اليائسين:
لا تيأس، فربما كان حظك كحظ خصم (لطفي السيد)... 


44
4 Comments
5 Shares
Like
Comment
Share

السبت، 5 يونيو 2021

بين زمنين وراثة

 بين زمنين

وراثة

من_طرائف إبن الجوزي -رحمه الله -
كانت لابن الجوزي زوجة يقال لها نسيم الصّبا وكان يحبها جدا. وكانت تحضر دروسه وحلقه في المسجد.
فحصل بينه وبينها خصام غضبت على اثره وغادرت إلى بيت أهلها ..
ولكنها ظلت تتردد على حلقة درسه في المسجد. لأن الخلافات الخاصة في نظرها لا دخل لها في تعلم العلم.
وكان هو يُسرّ من حضورها ،ويرجو لو تجلس قريبا من منصته بحيث يراها وهي تستمع إليه
وحضرت الدرس مرة، وجلست قريبا من منصته لكن امرأتين سمينتين جلستا أمامها فسدّتا ما بينه وبينها من فضاء ولم يستطع رؤيتها ..فتمثل حينها ببيت شعر لمجنون بني عامر :
ألا جبَلَيْ نعمانَ بالله خلّياَ
نسيم الصّبا يحمل إليَّ نسيمها
فأدركتا قصد الشيخ وفهمتا عنه مراده فتزحزحتا...
فهبّ عليه نسيم من نسيم الصّبا .وعادت هي من يومها لبيته راضية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تحضرني هذه الأبيات الشعرية للشاعر الشعبي الشيخ السماتي والتي غناها الراحل خليفي أحمد ونجد تماهيا كبيرا وتشابها كبيرا في الصورة ليبقى الشاعر العربي يحمل حنين وأشواق ووجد وصور جده الشاعر الذي سبقه بأجيال وعصور:
اتْـحَــوَّلْ يا كــافْ كَــرْدادة وارْحَـلْ .. دَرَقْتْ عْلينا الجْبَال الطّوايَــة.
دُونْ غْزالي ما لْقِيتْ اْمْنِينْ اُنْطُلْ .. غيْمك طاحْ رْواقْ خبَّلْتْ اسْدايا
يا شامْـــخْ لَـطْوادْ خايْفْ لا نُخْتُلْ .. في وَطْنكْ وانْعُــودْ للنَّاس اشْفَايَا
يالها من صورة للحنين وللوجد وياله من تصوير لجبل تغنى به الكثيرون،وياله من طلب من شاعر عاشق يترجى جبلا أن يتحول من مكانه حتى يتسنى له رؤية المحبوبة وكأنه مجرد ستار كما في خشبة المسرح