المشاركات الشائعة

الأحد، 2 فبراير 2020

المون بين شاعرين

الموت بين شاعرين
بين رائعتين وفي عهدين مختلفين ،يقف الشاعر واصفا موته وفراق أحبته..
القصيدة الأولي قصيدة زين العابدين بن علي ليس الغريب غريب الشام واليمن..
يصف الغربة الحقيقية وهي غربة اللحد والكفن..وفي حكمة ينتقل بنا واصفا غربة المكان والزمان ،وناهرا نفسه ومتأسفا لزلاته وذنوبها ثم يصور لنا لحظة وفاته وتغسيله ودفنه ليصلنا بنا إلى محطة تفرق الأهل كل لشأنه وكأنه نسي منسي..
في القصيدة الثانية وهي رائعة الشاعر الشعبي جلجلي جلول من الجنوب الغربي الجزائري " شاب الراس"
وهي وقفة شاعر معاصر يكتب الملحون بامتياز رغم ثقافته وتحصيله العلمي وهو صاحب ابقاي على خير يا ذ الدشرة..
وقفة أخرى تستشرف لحظة المرض وماحدث ولحظة الموت وما سيحدث بعده..قصيدة طويلة مثل الأولى تجوب بنا في وقفات وصور ومحطات لحظات إنسانية تحدث فجأة لتحدد الخاتمة وتسدل الستار عن حياة إنسان بكل تناقضاتها وبكل حلوها ومرها..
للحظة الابداعية اشراقاتها وإشاراتها الفلسفية للوجود وأحيانا لما بعد الوجود؛فيلج الشاعر بمخيلته حياة الظلمة وما سيكون في حفرة هي المثوى والسكن الأخير..فالشاعر زين العابدين يصف الغربة الحقيقية بينما الشاعر الجلجلي وهو يخاطب قلبه بما رأى في منامه يصور غربة الانسان في ضياع الشباب وضياع الأهم وهو الزاد الذي سيجده ويأخذه معه..إنه ببراعة يتخذ من قلبه نديما فيستأنس به وقد شاب الرأس وابيضت اللحية وأزف الرحيل ليهديه تعويذة الحكمة وسفر الفائدة..



لَيْسَ الغَريبُ غَريبَ الشَّـــــامِ واليَمَنِِ *** إِنَّ الغَريبَ غَريبُ اللَّحـــــدِ والكَفَنِ
إِنَّ الغَـــــريِبَ لَــــــــهُ حَقٌّ لِغُرْبَتِهِ *** على الْمُقيمينَ في الأَوطــــانِ والسَّكَنِ
لا تَنْهَــــــــرنَّ غريبـــاً حَالَ غُربتهِ *** الدَّهْــرُ يَنْهْـــــرُه بالذُّلِ والمِــحَــــنِ
ِسَفَــــــري بَعيدٌ وَزادي لَـــنْ يُبَلِّغَني *** وَقُوَّتي ضَــعُفَتْ والمــوتُ يَطلُبُنـــــي
وَلي بَقايــا ذُنوبٍ لَسْـــتُ أَعْلَمُهـــــا *** الله يَعْلَمُهـــــــا في السِّرِ والعَلَـــــنِ
مَا أَحْلَـــمَ اللهَ عَني حَيْثُ أَمْهَـــــلَني *** وقَــــدْ تَمـــــادَيْتُ في ذَنْبي ويَسْتُرُنِي
تَمُـــرُّ ســــاعاتُ أَيَّــــــامي بلا نَدَم *** ولا بُكاءٍ وَلاخَـــــــــوْفٍ ولا حـَزَنِ
أَنَا الَّذِي أُغْـــــلِقُ الأَبْوابَ مُجْتَهِـــداً *** عَلى المعاصِي وَعَيْنُ اللهِ تَنْظُـــرُنـــــي
يَـــــــا زَلَّةً كُتِبَتْ في غَفْــلَةٍ ذَهَبَتْ *** يَـــــا حَسْرَةً بَقِيَتْ في القَلــبِ تُحْرِقُني
دَعْــني أَنُـــوحُ عَلى نَفْـــسي وَأَنْدِبُها *** وَأَقْــطَعُ الدَّهْرَ بالتَّذْكِيـــــــرِ وَالحَزَنِ

دَعْ عَنْكَ عَذلي يَــــا مَنْ كان يَعْذِلُني *** لَوْ كُنْتَ تَعْـــلَمُ مَـــا بي كُنْت تَعْذُرُني
دَعْني أَسِـــحُّ دُمُــــوعاً لا انْقِطَاعَ لَهَا *** فَهَـلْ عَسَــــى عَبْرَةٌ مِنْهَا تُخَلِّـــصُني
كَأَنَّني بَينَ جـــل الأَهلِ مُنطَرِحَــــــاً *** عَلى الفِـــراشِ وَأَيْديهِــــــــمْ تُقَلِّبُني
وقد تجمَّـــــــعَ حَوْلي مَنْ يَنُوحُ ومَنْ *** يَـبْكِي عَلَيَّ ويَنْعَــــاني وَيَنْــــــــدُبُني
وَقـــد أَتَـــوْا بطَبيــــبٍ كَيْ يُعالِجَني *** وَلَمْ أَرَ الطِّبَّ هـذا اليَـــــــــومَ يَنْفَعُني
واشَتــدَّ نَزْعِي وَصَار المَـــوتُ يَجْذِبُها *** مِن كُلِّ عِــــــرْقٍ بلا رِفـــقٍ ولا هَوَنِ
واستَخْرَجَ الرُّوحَ مِني في تَغَرْغُــــرِها *** وصَــــارَ رِيـــقي مَريـراً حِينَ غَرْغَرَني
وَغَمَّضُـــوني وَراحَ الكُلُّ وانْصَرَفـــوا *** بَعْدَ الإِيــــــاسِ وَجَدُّوا في شِرَا الكَفَنِ
وَقــــامَ مَنْ كانَ حِبَّ النّاسِ في عَجَلٍ *** نَحْـــوَ المُغَسِّــلِ يَأْتينـــي يُغَسِّلُنــي

وَقــالَ يا قَوْمِ نَبْغِي غاسِـــلاً حَذِقـــاً *** حُرَّاً أَرِيباً لَبِيبــــاً عَارِفـــــاً فَطِـــنِ
فَجـــاءَني رَجُــــــــلٌ مِنْهُمْ فَجَرَّدَني *** مِنَ الثِّيــــــابِ وَأَعْـــــرَاني وأَفْرَدَني
وَأَوْدَعـــوني عَلى الأَلْواحِ مُنْطَرِحــــــاً *** وَصَـــــارَ فوْقي خَرِيـــرُ الماءِ يَنْظِفُني
وَأَسْــكَبَ الماءَ مِنْ فوقي وَغَسَّـــــلَني *** غُسْلاً ثَلاثاً وَنَادَى القَــوْمَ بالكَفَـــنِ
وَأَلْبَسُوني ثِيـــاباً لا كِمـــامَ لهــــــا *** وَصارَ زَادي حَنُوطِي حيــــنَ حَنَّطَني
وأَخْرَجـــوني مِنَ الدُّنيا فوا أَسَفــــــاه *** عَلى رَحِيــــــلٍ بلا زادٍ يُبَلِّغُنـــــي
وَحَمَّلـــــوني على الأْكتـــــافِ أَربَعَةٌ *** مِنَ الرِّجـــالِ وَخَلْــفِي مَـــنْ يُشَيِّعُني
وَقَدَّمـــوني إِلى المحــــرابِ وانصَرَفوا *** خَلْفَ الإِمَــــامِ فَصَـــلَّى ثـمّ وَدَّعَني
صَلَّـــــوْا عَلَيَّ صَلاةً لا رُكوعَ لهــــا *** ولا سُجـــــودَ لَعَـــلَّ اللـــهَ يَرْحَمُني

وَأَنْزَلــوني إلـــــى قَبري على مَهَـــلٍ *** وَقَدَّمُوا واحِـــداً مِنهــــم يُلَحِّدُنـي
وَكَشَّفَ الثّوْبَ عَن وَجْهي لِيَنْظُــــرَني *** وَأَسْبـــل الدَّمْـــعَ مِنْ عَيْنيهِ أَغْرَقَني
فَقامَ مُحتَرِمــــاً بالعَـــزمِ مُشْتَمِـــلاً *** وَصَفَّفَ اللَّبنَ مِنْ فَوْقِي وفــــــارَقَني
وقَالَ هُلُّـــــوا عليه التُّرْبَ واغْتَنِمواِ *** حُسْـــنَ الثَّوابِ مِنَ الرَّحمنِ ذِي المِنَنِ
في ظُلْــــمَةِ القبرِ لا أُمٌّ هنــــاك ولا *** أَبٌ شَفـــــــيقٌ ولا أَخٌ يُؤَنِّسُـــــني
وَهَالَـــني صُورَةْ في العَين إذ نَظَــرَتْ *** مِنْ هَوْلِ مطلع مــــا قَدْ كَانَ أَدْهَشَني
مِنْ مُنكَرٍ ونكيرٍ مــــا أَقـــولُ لهم *** قَدْ هـَـــــالَني أَمْـــرُهُمْ جِداً فَأَفْزَعَني
وَأَقْعَدوني وَجَدُّوا في سُـــؤالِهِــــــمُ *** مَـــالِي سِـــوَاكَ إِلهـــي مَنْ يُخَلِّصُنِي
فَامْنُنْ عَلَيَّ بعَفْوٍ مِنك يـــــــــا أَمَليِ *** فَإِنَّني مُوثَـــقٌ بالذَّنْبِ مُرْتَهَـــــــنِ

تَقاسمَ الأهْلُ مالي بعــــدما انْصَرَفُوا *** وَصَـــارَ وِزْرِي عَلى ظَهْـــرِي فَأَثْقَلَني
واستَبْدَلَتْ زَوجَتي بَعْلاً لهـــــا بَدَلي *** وَحَكَّمَتْهُ على الأَمْوَالِ والسَّـــكَــــنِ
وَصَيَّرَتْ وَلَدي عَبْداً لِيَخْدُمَهـــــــا *** وَصَارَ مَـــالي لهم حـِلاً بــــــلا ثَمَنِ
فَلا تَغُرَّنَّكَ الدُّنْيــــــــا وَزِينَتُهـــا *** وانْظُـــرْ إلى فِعْلِهــا في الأَهْلِ والوَطَنِ
وانْظُرْ إِلى مَنْ حَوَى الدُّنْـــيا بأَجْمَعِها *** هَلْ رَاحَ مِنْها بغَيْرِ الحَنْطِ والكَـــــفَنِ
خُذِ القَنـَـــاعَةَ مِنْ دُنْيَاك وارْضَ بها *** لو لـــم يَكُن لك إلا رَاحَةُ البـــدن
يَــــــا زَارِعَ الخَيْرِ تحصُدْ بَعْدَهُ ثَمَراً *** يَــــــا زَارِعَ الشَّرِّ مَوْقوفٌ عَلَى الوَهَنِ
يا نَفْسُ كُفِّي عَنِ العِصْيانِ واكْتَسِبِي *** فِـــعْلاً جميــلاً لَـــــعَلَّ اللهَ يَرحَمُني
يَا نَفْـــسُ وَيْحَكِ تُوبي واعمَلِي حَسَناً *** عَسى تُجازَيْنَ بَعْدَ الموتِ بالحَسَـــــنِ
ثمَّ الصَّلاةُ على الْمُختــــــارِ سَيِّدِنـا *** مَا وَضَّــــأ البَرْقَ في شَّــــامٍ وفي يَمَنِ
والحمدُ لله مُمْسِينَـــــــا وَمُصْبحِنَا *** بالخَيْرِ والعَفْوْ والإِحْســــــانِ وَالمِنَنِ

شاب الراس/جلول الجلجلي شاعر البيض
شاب الراس وذرك تبياض اللحيـة وياقلبي ماتلانا فى الصغر مقــــام
صغري كله ضاع من بيـن أيديـا وحتى كبـري ذرك يمشي كالمنـام
ماوجدت أعــوين نديه معــايا ولاسبقت عـوين نلقـاه القــــدام
سامح فــي فرضي المكتوب عليا وأنزعك فـي الضامنة لي بالتقســام
كل أنهار يفــوت محسـوب عليا وانيا زاهي مــاحسبت أحسـاب أيام
مـاشي واعد الآخرة غي بيديـا كي نوصل نلقى ذنوبي بالعــــرام
أي قلبــي أجلس بيــن أيديـا وأيا ياقلبـي أنعيـد عليـك أمنــام
تخلينى مـرتاح في هـذا الدنيـا وعـايش متهنــي ومابيا تخمــام
وعلى غفلة أصبحت طايح فالوطيا بعد أن جسمي طاح ونهـدوا لعظـام
حضروا نـاسي قاع ولحق غاشيا والحبيب ليـزورني يخـرج تمتــام
راحو يجــروا لطبيب وجـاليا وبعــد فحصني قال غير على ليـام
حتـى واحــد مابغى يسمح فيا وطمعـــوني نبــرا وتجدد لعوام
واحـد ماشي طامـع يسبب لـيا ولاخــر باغيني نداوي فـي حمـام
واحد قـــال أدواه ذا عند الأوليا واحد ثانــي قال ذا يشفيه الحجـام
وأنا يا من المرض درقــوا عينيا ومن الحمى أدقول رانـي فـي الحمام
في ركنة مطـروح ويرقـــو فيا مانتحــرك مانطيق نـرد أســلام
وسهــل ربي خفف المـوت عليا وأخرجت روحي من الصدر كخيط قيام
خرجت روحي مشــات ماترجع ليا وأبقى جسدي مايرد لحــد كـــلام
صبحــوا ناسي من فراقي بكايــا وأنقلب حوشي من الـزقا والحال غيام
يــاك أولادي بكــاو بالدم عليا وقالــوا بعده ماتـلا للعين تنـــام
المــازوزي مسكين ماعارف حيا يجري وســط الناس ووجـهة بسام
من حاله صديت فــي قلبـي كية غير صغير علـى تلاثة خصص عام
مـوالف غير أنبـان يدهكــل ليا يقعــد عنـــدي نلعبـه حتى ينام
ومع الخرجة يـاك يتشلبــط فـيا يبـغـيـني نـديه وانـأيـا خــدام
كـي نرجــع نلقـاه يتسنى فيـا ومانســلك مـن قصته غيـر إذا نام
وهــاراني صديت وتركت الدنيـا وهـذا اللـيلة يا وليـدي ويـن تنـام
أم أولادي أرغـات فـي وذنـي ليا وكثـر أرغـاها يـاك فتتـلي لعظام
تـبكي بكـي أهبـال وتنـق علـيا لـوما شــدوها أروحوا قـاع أتوام
ياخــداع أمشيت بالـزهـد عـليا مـاقلت علـى خيـر ماقلت السـلام
غيـر البـارح يـاك ناديت عليا قـلتلي كـي نبرى أروحـوا للحمام
غيـر البارح يـاك ضحكت عينيا وقـلت أنا مازال نطمـع في ليـام
وثـــرنتك خــداع وتزلبح فيا عيب عليك وعار هاذ الشي وحــرام
أصبح دمعي على خدودي جـرايا وأصبـح قلبي كيشة فــي يد اللحام
ياخــداع أهديتني لمــن بـيا واش تسـال خليلتك فـي هذا العـام
ياخــداع عــلاه صديت عليا يـاخداع عـــلاه تهـدالـي ليـتام
يازهــرة قلبي وقــرة عـينيا ياعــز الكبــدة ويـاميرة لـريام
يــاك مضاري فيك نلقى العزمية او وقت الحـزة غير بخيالــك نقيام
وكنت كـالوردة في قلبي غي هيا وكنت كـي القمرة في ليلي كي يظلام
كنت خير عشير فـي العشـرة ليا وياعــزي مافيكشي حاجـة تتـلام
وكنت راحـــة بال وركيزة ليا وكنت شمس ربيع كي جوي يغيــام
كنت مــاكنت فــي الدنـيا ليا عمر اللــي كنتيه مـايكفيه أكــلام
ويـاك مضاري بيك عندك عقليا واش صــرالك كيف خلطتي لكلام
خــافي ربي لاتـنوحيش عـليا يــاك الموت امحتمة مـاكان أدوام
ماهي أزهر أنقول طاحت غي فيا ماهي مـال أنقـول نتسلف غي عام
مـاهي بيدي نقــول نديك معايا ولاهي بيدك تقسمــي عني ليــام
ياهــولي نوصيك إيـلا كنتي ليا هاذ الويغش لا تلــوميهم بـكلام
المــازوزي نبغــيه كيما عينيا وبعد فراقك خايــفه يحضى يتــلام
غــدوة حين يفيق ويقــول بايا قــولي لـه مازال في الخدمة خدام
ويلا حســوه طــول البكي عليا وريلـه تصـويرتي يضحـك وينام
أورانــا متســامحين يالوخيا نطلب ربـي يصبـرك فـي هذا العام
نطلب ربــي مايــوريك بليا نطلب ربـي يحفضك مـن كل حرام
أوراني راضيك مــادمت حـيا وأرضاي عـني لا تحافيني بـكلام
خـلينى نلهى بمــا سـاير بيا وخــليني نمشي مهني لا تخمــام





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق