شاهقة الاسوار
د. سمير العمري
ضَمَمْتُهَا فِي عُيُونِ الحُبِّ مُبْتَسِمًا=وَفِي الشِّغَافِ شَظَايَا القَلْبِ فِي نَشَجِ
هَاجَتْ حَمَائِمُ مَفْؤُودِ الهَوَى فَهَجَتْ=أَسْبَاطَ شَوْقٍ فَلَمْ يَهْجُوا وَلَمْ يَهِجِ
وَمَا اهْتِيَاجُ فُؤَادٍ أَوْ هِجَاءُ نُهَى=إِنْ كَانَ أَوهَى الأَسَى بِالوَجْدِ قَلْبَ شَجِي
وَدَّعْتُ قَبْلَ النَّوَى رُوحِي وَقُلْتُ لَهَا=يَا رُوحُ كُونِي هُنَا مَا غِبْتُ وَابْتَهِجِي
كُونِي هُنَا فِي رُبَى الأَحْبَابِ حَائِمَةً=حَوْلَ المَنَازِلِ فِي صَفْوٍ وَفِي رَهَجِ
إِيَّاكِ أَنْ تَهْجُرِي دَارَ العُلا جَزَعًا=وَإِنْ تَحُزُّ بِسِكِّينٍ عَلَى الوَدَجِ
فَمَا الحَيَاةُ مَعَ الأَحْرَارِ فِي مِقَةٍ=كَمَا الحَيَاةُ مَعَ الأَشْرَارِ وَالهَمَجِ
هُنَا الْتَقَينَا بِأَسْبَابِ السُّرُورِ عَلَى=أَرَائِكِ البِرِّ وَالإِيثَارِ وَالبَلَجِ
نُرَوِّحُ الجِدَّ هَزْلا غَيرَ مُبْتَذَلٍ=وَنَشْرَبُ الوُدَّ كَأْسًا غَيرَ مُمْتَزجِ
فِي خَانِيُونُسَ فِي الزَّيتُونِ فِي رَفَحٍ =فِي الشَّيخِ رِضْوَانَ فِي التُّفَاحِ فِي الدَّرَجِ
فِي شَاطِئِ العِزِّ فِي عَبْسَانَ فِي مَعَنٍ =فِي كُلِّ حَيٍّ وَإِقْلِيمٍ وَمُنْعَرَجِ
لَمَّا سَرَيْتُ أُرِيدُ المعْبَرَ اغْتَرَبَتْ=عَنِّي الوُجُوهُ وَغَارَ الدَّرْبُ بِالدَّلَجِ
أَمْسَيتُ فِيهِ كَمَا أَصْبَحْتُ مُنْتَظِرًا=صَكَّ الخُرُوجِ فَمَا نلْنَا سِوَى الحَدَجِ
فِي بِضْعِ مِتْرٍ قَضَينَا اليَومَ فِي عَنَتٍ=مِنْ غَيرِ عُذْرٍ سِوَى الإِذْلالِ وَالنَّفَجِ
كَأَنَّ شَاهِقَةَ الأَسْوَارِ قَدْ أَمِنَتْ=نَصْلَ العَدُوِّ وَخَافَتْ وَصْلَ ذِي وَشَجِ
تُشَيِّدُ السُّورَ بِالفُولاذِ فِي هَلَعٍ=وَتَسْتَعِينُ بِمَاءِ البَحْرِ فِي الفُرَجِ
وَتَبْقُرُ الأَرْضَ أَمْتَارًا عَلَى حَرَضٍ=لِتَنْسِفَ النُّورَ فِي الأَنْفَاقِ وَالسُّرُجِ
فِيمَ الحِصَارُ وَفِيمَ الخَوفُ فِيمَ دَمٌ=يُرَاقُ ظُلْمًا بِزَعْمٍ كَاذِبٍ ثَبِجِ
إِنْ كَانَ حُوصِرَ حَقُّ النُّورِ فِي مُقَلٍ=فَلَنْ يُحَاصَرَ نُورُ الحَقِّ فِي المُهَجِ
وَمَا يُبَلَّغُ بِالتَّدْلِيسِ دَرْبُ هُدَى=وَمَا تُسَوَّغُ كَفُّ الغَدْرِ بِالحُجَجِ
وَقَدْ عَلِمْتُمْ لَوِ البَوَّابَةُ انْفَرَجَتْ=لَمْ يَبْقَ مِنْ نَفَقٍ يُرْجَى وَلَمْ يَرُجِ
يَا مَنْ يُصَادِرُ حَتَّى العَذْلَ عَنْ شَفَةٍ=وَيَدَّعِي البَوْنَ بَينَ الرَّحْمِ وَالمَشَجِ
لا يُدْرِكُ الرَّغْدُ قَدْرَ المَاءِ فِي قُلَلٍ=حَتَّى يُجَرِّبَ لَفْحَ الحَرِّ وَالأَمَجِ
لَمْ يَفْسُدِ المِلْحُ لَكِنَّ التِي فَسَدَتْ=كَفٌّ تَدُسُّ جُحُودَ المِلْحِ فِي الضَرَجِ
مَا نَفْعُ خَائِبَةِ الآمَالِ إِنْ لَطَمَتْ=خَدًّا وَشَقَّتْ جُيُوبَ العَجْزِ وَالزَّعَجِ
وَمَا مَعَانِي اعْتِبَارِ الأُخْتِ إِنْ رَقَصَتْ=عَلَى الجِرَاحِ وَخَانَتْ سَاعَةَ الحَرَجِ
وَمَا اجْتِهَادُ حَكِيمٍ قَالَ مَوْعِظَةً=لِمَنْ يُوَافِقُ مَجْذُوبًا عَلَى لَحَجِ
وَخَائِضٍ فَوْقَ عَرْشٍ غَيرَ مُنْتَخَبٍ=سَاسَ البِلادَ بِلأْيِ الرَّأْيِ وَالهَرَجِ
تَرَاهُ يَعْبِسُ كَي تَخْفَى سَفَاهَتُهُ=فَإِنْ تَحَدَّثَ بَانَتْ سَحْنَةُ الهَوَجِ
مَا انْفَكَّ يَكْذِبُ حَتَّى ظَنَّ أَنَّ لَهُ=حُكْمًا وَعِلْمًا وَرَأْيًا غَيرَ ذِي عِوَجِ
فَلَيسَ أَرْذَل عِنْدَ النَّفْسِ مِنْ وَقِحٍ=وَلَيسَ أَثْقَل مِنْ مُسْتَظْرِفٍ سَمِجِ
يَقُولُ: إِنَّ السَّلامَ اليَوْمَ مَنْهَجُنَا=وَبِالتَّفَاوِضِ كُلُّ الحَقِّ سَوْفَ يَجِي
فَاخْفِضْ جَنَاحَكَ وَاكْسِرْ صَاغِرًا قَدَمًا=تُرْضِ العَدُوَّ وَتُبْطِلْ عَدْوَةَ الحِجَجِ
يَا فِتْنَةً مِنْ شَرَابِ المَينِ مَا ثَمِلَتْ=وَهَلْ جَنَيْتَ مِنَ التَّسْلِيمِ وَاللَجَجِ؟!
إِنْ كَانَ يُخْفِقُ ذُو السَّاقَينِ فِي أَرَبٍ=فَكَيفَ يَسْبِقُ فِي المِضْمَارِ ذُو عَرَجِ؟
وَإِنْ هَجَوتَ أُبَاةً قَاوَمُوا وَرَمَوا=فَكَمْ أَبِيٍّ عَلَى حُسْنِ الفِعَالِ هُجِي
لِيَهْنَ قَوْمٌ سَرَوا لِلفَجْرِ فِي ثِقَةٍ=وَأَبْحَرُوا ضِدَ عَصْفِ الرِّيحِ وَاللُجَجِ
زَوَاهِرٌ فِي الوَرَى جَلَّتْ فَلاحَ لَهَا=فِي مَفْرِقِ النَّصْرِ مَعْنَى غَيرَ مُخْتَلِجِ
خُذِ الأَدَاةَ وَدَعْ مَنْ لاتَ لَيسَ لَنَا=إِلا الثَّبَات وَيَأْتِي اللهُ بِالفَرَجِ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق