العشرة فتَّاشة
وأنا صغير كان والدي رحمه الله يبقيني معه في الدكان يوم الأربعاء وهو يوم السوق الأسبوعية في بلدتي ..كان لأبي هدفين أولهما ظاهرا ومفهوما وآخر يبقيه في نفسه كأمنية كما فهمت بعد أن بلغت من العمر عتيا..
أما الأول فهو يلح علي البقاء معه في هذا اليوم كي أساعده في أمرين :أولهما احضار السلع من مكانها حسب طلب الزبون والثاني حين تنفذ القهوة من برادها يأمرني بملئها مجددا..
أما الثاني فكان يعلمني فن التجارة ويريدني أن أرث مهنته ودكانه وياليتني فعلت..
يشهد يوم الأربعاء توافد البدويين إلى المدينة من أجل التزود بالمواد الغذائية وما يحتاجونه كما يشهد البيع والشراء فيما يخص المال وهو الأغنام..
وكان دكان أبي رحمه الله من الأماكن التي يؤمها الزبائن..أهم زبون هو ابن خالة الوالد وكنا ندعوه عمي محمد ..بدوي وقور كأبي وحافظ للحكم والأشعار وكنت أحب حكاياته خاصة وأنه يحب الوالد ويبقى معه لتناول وجبة الغذاء فكنت استرق السمع لأن للوالد خلف الدكانة حجرة صعيرة كان يسميها المخزن يدخل إليها هو وعمي محمد وتبدأ الحكايات لذلك كنت أحرص على أن أبقي أذنا هناك وأذنا أخرى عند الزبون وكان يقل عدد الزبائن بعد الغذاء لأن البدو يغادرون إلى خيمهم باكرا..
كان عمي محمد يحدث الوالد رحمهما الله وقد شدت انتباهي تلك العبارة أو الحكمة حين قال:
-يالحاج عبد القادر العشرة فتاشة...
وانتهت اللقاءات وانتهت السنون وارتحل من ارتحل وبقيت العبارة ترن في أذي ونسيته زمنا حتى هذا الصباح أفقت وأنا أرددها حتى اقتنعت بما قاله علماء النفس أن الانسان لا ينسى وإنما هناك عبارة أو حدث يصعد والآخر يتنحى جانبا وقد يصعد في أي لحظة..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معنى العبارة أنه لايجب أن تتكم على الناس من أول مرة أو من خلال ما يقوله الناس حتى تجربهم..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق