مررت صبيحة هذا اليوم العاشر من شهر رجب 1444 هجري
كتبها الامام المأمون المحفوظ معتمد دائرة الشارف
الموافق للفاتح فيفري 2023 بديار الشيخ سي بوبكر بن صولة بحي بساتين بلدية الشارف بجوار مقر الدائرة فوقفت متأملا في تلك الديار وتمثلت ببيتين من شعر إمرؤ القيس لما غلبه الشوق والحنين إلى ليلاه ، وتصح أن تقال في كل محبوب لأن لكل قائل قصد ومعنى قلت :
أمر على الديار ديار بن صولة*** متأملا ذا الجدار وذا الجدار***
وما حب الديار شغفن قلبي *** ولكن حب من خلف الأثار****
ومن هنا مريت مرارا**** وفي هذه لايفوتني التصوارا*****
في هذه الديار البسيطة التي بقي منها سوى الأطلال ولد المرحوم سي بوبكر بن صولة في سنة 1888وهنا حفظ القرأن على جده سي المسعود صولة وهنا تلقى الفقه والنحو على يد عمه الشيخ سي بشير بن صولة وهنا كان يقول:
يضوى لي بصري ننظر منزليك*** نكتب جوابات بالخط السارع****
نعم هنا في هذه الديار البسيطة كان عاكفا على المصحف القرأني( هو المقصود بالنظر في منزليك) من هنا كان يكتب البرقيات إلى أعضاء حزب البيان من هنا كتب برقية إلى مفجري ثورة نوفمبر
حيث قال: الله لاتراس يغدا ببرية**** ويصفالي لرفاڨت الشرفاء الأبرار****
للي هانوا الاعمار في السبيلية*** وسمحوا في المتروك قداشن مليار***
يسال عليهم كان سالوه اعليا*** ويثني لي بالخبر صار وما صار***
هذا مقصوده في قوله نكتب جوابات بالخط السارع ،من هذا المكان كان ينزل الجداول وفي هذا يقول:
ونزل بعض الجداول برمزيك*** في القطر المقطور والضلع الضالع****
من هنا كان ينظر في السماء للتفقه في علم الفلك حيث كانت السماء صافية ولايوجد بجواره مسكنه كثرة البنايات ولاتشيد العمران ولاضوء كهرباء يصرف نظره عن رؤية النجوم التي كان يرقبها في كل فصل ويستخرج منها أوقات الصلاة لكل يوم ويرصد هلال الشهور،كل نهاية شهر ،
وفي هذا يقول: مادحا أهل الشارف خاصة وأهل الجلفة عامة لما تطاول أحد القياد في الغرب الجزائري على عمه الفقيه سي بشير بن صولة بقوله أنتم يا الڨبالة والمقصود بالڨبالة ولاية الجلفة قال رحمه الله:
أهل الذكر وعلماء ق أرواح أخصم ***شوف لي يغلبوا من لي مغلوبين****
عربية وفنون ضربة المنجم**** سال وصحح عالنجوم السيارين***
الزهرة والثور باتو في الأدرم**** برج مبات القمر ثلث يومين******
يعني يقصد علم الفلك الذي كان له فيه باع طويل ،ويقول في قصيدة أخرى:
واللسهيل إذا طلع من غرب وزاح **** عكسو للمسيان دايم عبارة ***
وللا المرزم والثريا والوضاح*** وللا القطب على يسار الفجارة ***
يقصد أيضا علم الفلك القطب على يسار الفجارة
هنا أشار إلى مسألة فقهية كثير منا لو يكن مسافرا ليلا ولم يهتد إلى الطريق المعبد أو المعلوم مثلا يمشي في فلاة في الصحراء أو التل والصحراء أصعب لايعرف اتجاه القبلة
فيقول له سي بن صولة إجعل القطب على يسارك وكبر وصلي فتلك هي القبلة فأكثرنا اليوم لايعرف القطب الذي يتكون من سبعة نجوم ، وهذه مسألة فقهية معروفة من قديم الزمان أن أهل المغرب يجعلون القطب على يسارهم ويصلون وأهل العراق يجعلونه على يمينهم ويصلون
ومعنى هذا لما نجعل القطب على جهة اليسار فإننا نتوجه إلى الكعبة المشرفة
وللا ثريا والوضاح *** وللا القطب على يسار الفجارة****
والشاهد أن بن صولة كان ملما بفنون عدة
جمع بين علم الفلك وفقه الشريعة ،وجمع بين الطب العربي
والرقية ، وجمع بين الشعر الملحون والبلاغة فيقول
في وصف الموت :
مذقة مرة ما يفوتها ڨرزيك *** حنظل والزقوم والسم اللاسع***
أنظرو إلى هذا الوصف الذي وصف به الموت
حنظل يقصد مرارة شجرة الحدج نقول لها الحدجاء وهي شديدة المرارة والزقوم طعام أهل النار ذكره الله في سورة الواقعة ( ءلاكلون من شجر من زقوم فمالؤن منها البطون )
وفي قوله تعالى ( إن شجرت الزقوم طعام الاثيم) من سورة الدخان ذكر بعض المفسرين لو أن قطرة من شجر الزقوم سقطت على الارض لفسدت على اهل الارض معاشهم
والوصف الاخير : السم اللاسع فهو قاتل
وفي قصيدة أخر يصف لون الخيل
فيهم بيض شواطبي وللا رحراح *** همدن من دير لحومة جرجارة***
وللا نورة رڨدوها فوق الاسطاح*** عصروها ذوك الڨوايل الهجار***
شهب اجليد صب في ليلة ڨرواح *** جمد ڨع السارحة والخوطارة****
وللا لعج يتڨافز بارياح*** جات أخبارو ڨال طاحت صرصارة****
إلى اخر وصفه للخيل
ويصف حالة الرجل الشخصية عندما يصاب بفقر أويعزل من مسؤولية أو بكبر سن وهرم فيقول:
والثاني من صحتي كما يعنيك *** ولى لي عودي من العلفة ضالع****
بعد للي كنت في العڨد نزهيك *** مستعدل ڨياس في الضربة والع****
عدت ندبب في الحماري ونوريك**** نمشي وحدي كي لي دار افنايع****
أحبابي واصحاب في ظني روح اعليك*** خليه مسيكين مافيه منافع****
بخلوني بڨولة السلام عليك. *** خافوني لانعود في الدنيا طامع*****
هذا ضرب من وصفه قد وقع له فعلا أم أنه وصف خيالي لأن سي بن صولة له باع أيضا في الخيال وجمع بين الفروسية والصيد ، فقلت في نفسي وانا أقف على تلك الأطلال هؤلاء الرجال مع هذه البساطة والنقائص وقلة ذات اليد كيف وصلوا إلى ما وصلوا إليه من تعلم علوم وفنون شتى وكيف إستطاعوا أن يحاربوا أعتى دولة في العالم فرنسا والحلف الأطلسي المساعد والمدعم لها،
وينتصروا عليها، تذكرت الأية الكرية ( وكان حقا علينا نصر المومنين) من سورة يونس ع السلام وعد من الله وعد به المؤمنين الصادقين المخلصين مع قلة عددهم وعدتهم ،
ونحن في عصرنا كل الأمكانيات في متناول الجميع مع بسطة في الرزق وتوفر المعيشة ولانقرأ ولانتعلم ولانعمل ولا ننتج ، السبب عدم شكر نعمة الله قال الشيخ س محمد الغزالي رحمه الله سيسألنا رب العزة يوم القيامة عن نعمة الكهرباء ويقول لنا لماذا لم تقرأون وتتعلمون على ضوئها وسيحاسبونا على تضييع هذه النعمة ،ثم قلت في نفسي بعد تلك الوقفة القصيرة التي تمنيت لو اطلت كثيرا قلت
أين من مضى من علمائنا وأعيان بلادنا وأغنيائهم ومسؤوليهم ولا أحد فكر في أن تعاد الروح إلى هذا السكن ويجدد وتبنى فوقه مدرسة قرأنية أو مكتبة مما يحمل اسم وتراث الشيخ سي بوبكر بن صولة رحمة الله تعالى عليه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق