حكاية من التراث الشفوي
إعادة الكتابة /علي قوادري
يحكى أن شابا قرر الهجرة ضاربا في أرض الله الواسعة وقبل أن يغادر قال له والده موصيا :
أي بني أوصيك ثلاثا : لا تصاحب الحاكم ولاتودعنّ سرك امرأة واحذر حصان السباق..
مشى الشاب ضاربا في أرض الله لا يلوي على شيء حتى استقر به المقام في بلدة آمنة ، قيل له أن حاكمها عادل
استطاع بجده وكده أن ينال رضا الحاكم بعد مدة فقربه إلى مجلسه ليصبح من ندمائه ..يسهر عنده، يأكل مالذ وطاب وخاصة لحم الظأن ..
كان للحاكم حديقة جانبية ربى فيها أسدا يرمي له كل من أخطأ وكلما أكمل الشاب سهرته حمل بعض اللحم ورماه للأسد فيأكله مستلذا وفرحا..
استمرأ الشاب العيش بعد أن فتح الله عليه وعاش في مرح وفرح ولذة من العيش وراحة البال..
قرر اقتناء حصان سباق كأقرانه وكان لا يغلب في سباق حتى غبطه المقربون وحسده الكثيرون..
مر وقت وتعرف الشاب لفتاة غاية في الجمال فهام بها شغفا وحبا ..طلب من الحاكم أن يخطبها له ففعل وتمت الأمور بخير..
ذات يوم حاول رجل فاسق شرير أن يقتحم بيت الشاب ويسرق ما فيه ويغتصب الزوجة فصرخت طالبة النجدة..من حسن الحظ تزامن صراخها وعودة الشاب باكرا لأن الملك خرج في رحلة صيد .. هجم الشاب على السارق فارداه قتيلا..
قرر وزوجته أن يخفيا سوءته ويدفناه في مكان قريب..مضى وقت وشاع غياب السارق دون أن يظهر أثر..
ذات يوم تشاجر الشاب وزوجته وعلت الأصوات بعد أن غضب غضبا كبيرا ،انهال عليها ضربا مبرحا ووصفها بكل الصفات..
هرولت الزوجة هربا منه للحاكم وأخبرته انه قاتل السارق وأنه دفنه في مكان لا يعرفه غيره..
صحب الحاكم الزوجة ،حفر الحراس فوجدوا كلامها صحيحا وشاع الخبر في المدينة..
جاءه رجل من أقصى المدينة يخبره أن الجند يتربصون به وأن بعضهم قادم لاعتقاله فاخرج منها..
قرر الشاب أن لا مفر إلا حيث وُلِدَ في أعلى الجبل حيث الأمن والأمان .. امتطى جواد سباقه السريع يحاول الانطلاق انطلق لكن من صفات أحصنة السباق أنها تنتظر الخيل الأخرى لتنظلق معها ،فما كان من حصانه المفضل إلا أن توقف ينتظر فانقض عليه الجند وقادوه مكبلا حيث الحاكم..
توسل للحاكم وقال له أنا أنيسك وجليسك وصاحبك دون جدوى ، وبعد الاستماع للمرأة التي ترجاها قائلا أنا زوجك فلاتفش سرنا لكن دون جدوى، قرّر الحاكم رميه للأسد وهي أقسى عقوبة يمارسها الحاكم ضد خصومه..
في الصباح وجدوا الشاب حيا ينام قرير العين هانيها دون أن يأكله الأسد بل كان ينش عليها الذباب بذيله ،استغرب الكل وطلب الحاكم أن يحضروا له الشاب..
سأله مستعجبا ومنبهرا:
-لماذا لم يأكلك الأسد؟
فرد الشاب يروي كيف كان يأخذ اللحم من مجلس الحاكم ويرميها للأسد ولأن الحيوان وفي ليس كالإنسان فقد رد الجميل وحفظه حفظا كبيرا..
أمر الحاكم باطلاق سراح الشاب ليعود لأهله وهو يحمل سر الحكمة والوصية التي قدمها له والده قبل رحيله وقرّر أن لا يصاحب حاكما ولا يفضي سره لامرأة ولا يشتري جواد سباق مهما كان..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق