حكاية أحمد جالخ الناب/من التراث الشعبي الشفوي
نقلها الأستاذ علي قوادري
يحكى أن رجلا يسمى أحمد جالخ الناب سكن إحدى البوادي بين قبيلة من البدو،اعطاه الله بسطة في الجسم والمال ،فكان مهابا قويا ما تعارك مع شخص من قبيلته إلا صرعه ،فاشتهر بالبأس والقوة والجبروت..
ومن شدة استعباده وظلمه لبني جلدته أنه كان يرسل زوجته للبئر الوحيدة كي تسقى ماءها ، وكان يطل عليهم من أعلى هضبة، متى وصلت لا أحد يجرؤ فينظر إليها إنما يهب الجميع فيسقونها ويملؤون دلاءها بالماء فتمضي دون تعطل وفي رهبة لا أحد يهمس بكلمة..
في يوم من الأيام مر عابر سبيل على البئر ، فقام يتوضأ وبينما هو على هذه الحالة فإذا بزوجة جالخ الناب تأتي بحمارها تروم سقيا كعادتها..
لمحها عابر السبيل فغض الطرف ثم لمح زوجها في أعلى التلة ، ولما دنت انتظرت حتى يهم ويسقي لها كما جرت عادة قوم قبيلتها..واصل الضيف وضوءه وهو لا يلتفت إليها..صرخت في وجهه آمرة:
-هههي أنت قم واسق زوجة سيدك..
نظر إليها مستغربا لهجتهتا ووقاحتها ورد عليها :
-لا سيد عندي غير الله..
صرخت مجددا وهي تشير بيدها نحو التله:
-ويحك سيدك أحمد جالخ الناب ولو نزل لفعل بك ما فعل بغيرك...
رد عليها ببرود :
-اذهبي يا أمة الله لا سيد لي ولا أخاف إلا من الله..
عادت الزوجة تجر حمارها وخيبتها ولما وصلت زوجها أخبرته بما حدث..
قال لها عودي إليه وقولي له إن أحمد جالخ الناب يخبرك:
-راهْ يجيكْ نهار الطَّشْ والرَّشْ نهار تِطْيارْ الشَّواشي ، أنا أحمد جالخ الناب ما كانش اللِّي يطِيقلي من الغاشي..
عادت الزوجة إلى الضيف وأخبرته ،فرد في برود أن اخبريه:
-راكْ تجِي في ثِنِي محْذُوفْ ومَصْڨُوف في جوفه ٍڨْطاره يِرْفِدِك ويرْفد أحمد جالخ الناب ويزيد الثالثة قرارة..
عادت الزوجة تحمل الرد ،ولما سمعه زوجها أمرها أن تعود إلى البيت..نزل فواجه الضيف ،سلم عليه مادا يده القوية، ولما أمسك به حاول أن يرفعه فوجد مقاومة ، وأدرك ساعتئذ ما قصد الضيف بجوابه وأنه أمام رجل قوي لا يهاب الخصم..
سأله:
-ألم تسمع بأحمد جالخ الناب ؟!!!!
أجابه عابر السبيل نافيا..
قال له جالخ الناب:
-هذه أول مرة أصادف رجلا شجاعا ..انظر كل هذه المضارب مشير ا لقبيلته تخافني وتهابني،هناك من هزمته وهناك من ظلمته والأكثرية يهابونني خوفا ومذلة ويتزلفون إلي ليلا ونهارا ، وزدت في ذلتهم أن كنت أرسل زوجتي من أجل السقي وويل لمن يتجرأ أن يرفع عينه نحوها أو يرفض أن يسقي لها الماء بينما كنت أجلس في أعلى الهضبة متمتعا..واليوم أرسل الله لي رجلا شجاعا ..اليوم أنت ضيفي ..
وسار به نحو خيمته فذبح وأولم ضيفه وكانت ليلة مسامرة بين شجاعين وعند الصباح غادر الضيف متابعا مسيرته وقبل أن يرحل وعده أحمد جالخ الناب أنه لن يظلم أحدا اليوم وسيكون نصير المظلومين ..
وعاش شاكرا لأنعم الله خاصة نعمة القوة والمال ،ينصر المظلوم كلما استأجره ، ونصير الفقراء يساعدهم من حر ماله...
ومازال في الذاكرة الشعبية الكثير من القصص...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جالخ من جلخ ولها أصل في الفصحى