المشاركات الشائعة

السبت، 30 يوليو 2011

البـــاذنـجـانـــة و المـــرأة/منقول

قال الشيخ علي الطنطاوي في مذكراته:

في دمشق مسجد كبير اسمه جامع التوبة، وهو جامع مبارك فيه أنس وجمال،
سمي بجامع التوبة لأنه كان خاناً ترتكب فيه أنواع المعاصي، فاشتراه أحد الملوك في القرن السابع الهجري، وهدمه وبناه مسجداً.

...وكان فيه منذ نحو سبعين سنة شيخ مربي عالم عامل اسمه الشيخ سليم السيوطي، وكان أهل الحي يثقون به ويرجعون إليه في أمور دينهم وأمور دنياهم،
وكان هناك تلميذ مضرب المثل في فقره وفي إبائه وعزة نفسه، وكان يسكن في غرفة المسجد.

مرّ عليه يومان لم يأكل شيئاً، وليس عنده ما يطعمه ولا ما يشتري به طعاماً، فلما جاء اليوم الثالث أحس كأنه مشرف على الموت، وفكر ماذا يصنع،
فرأى أنه بلغ حدّ الاضطرار الذي يجوز له أكل الميتة أو السرقة بمقدار الحاجة، وآثر أن يسرق ما يقيم صلبه.

يقول الطنطاوي: وهذه القصة واقعة أعرف أشخاصها وأعرف تفاصيلها وأروي مافعل الرجل، ولا أحكم بفعله أنه خير أو شر أو أنه جائز أو ممنوع.

وكان المسجد في حيّ من الأحياء القديمة، والبيوت فيها متلاصقة والسطوح متصلة، يستطيع المرء أن ينتقل من أول الحي إلى آخره مشياً على السطوح،
فصعد إلى سطح المسجد وانتقل منه إلى الدار التي تليه فلمح بها نساء فغض من بصره وابتعد، ونظر فرأى إلى جانبها داراً خالية وشمّ رائحة الطبخ تصدر منها، فأحس من جوعه لما شمها كأنها مغناطيس تجذبه إليها، وكانت الدور من طبقة واحدة، فقفز قفزتين من السطح إلى الشرفة، فصار في الدار، وأسرع إلى المطبخ، فكشف غطاء القدر، فرأى بها باذنجاناً محشواً، فأخذ واحدة، ولم يبال من شدة الجوع بسخونتها، عض منها عضة، فما كاد يبتلعها حتى ارتد إليه عقله ودينه،
وقال لنفسه: أعوذ بالله، أنا طالب علم مقيم في المسجد، ثم أقتحم المنازل وأسرق ما فيها؟؟

وكبر عليه ما فعل، وندم واستغفر ورد الباذنجانة، وعاد من حيث جاء، فنزل إلى المسجد، وقعد في حلقة الشيخ وهو لا يكاد من شدة الجوع يفهم ما يسمع،
فلما انقضى الدرس وانصرف الناس، جاءت امرأة مستترة، ولم يكن في تلك الأيام امرأة غير مستترة، فكلمت الشيخ بكلام لم يسمعه،
فتلفت الشيخ حوله فلم ير غيره، فدعاه وقال له: هل أنت متزوج؟ قال: لا، قال: هل تريد الزواج؟ فسكت،
فقال له الشيخ: قل هل تريد الزواج ؟ قال: يا سيدي ما عندي ثمن رغيف والله فلماذا أتزوج؟

قال الشيخ: إن هذه المرأة خبرتني أن زوجها توفي وأنها غريبة عن هذا البلد، ليس لها فيه ولا في الدنيا إلا عم عجوز فقير، وقد جاءت به معها-
وأشار إليه قاعداً في ركن الحلقة- وقد ورثت دار زوجها ومعاشه، وهي تحب أن تجد رجلاً يتزوجها على سنة الله ورسوله، لئلا تبقى منفردة، فيطمع فيها الأشرار وأولاد الحرام، فهل تريد أن تتزوج بها؟ قال: نعم.
وسألها الشيخ: هل تقبلين به زوجاً؟ قالت: نعم.

فدعا بعمها ودعا بشاهدين، وعقد العقد، ودفع المهر عن التلميذ، وقال له: خذ بيدها، وأخذت بيده، فقادته إلى بيته، فلما دخلته كشفت عن وجهها، فرأى شباباً وجمالاً، ورأى البيت هو البيت الذي نزله، وسألته: هل تأكل؟ قال: نعم، فكشفت غطاء القدر، فرأت الباذنجانة، فقالت: عجباً من دخل الدار فعضها؟؟

فبكى الرجل وقص عليها الخبر، فقالت له:هذه ثمرة الأمانة، عففت عن الباذنجانة الحرام،
فأعطاك الله الدار كلها وصاحبتها بالحلال


الخميس، 28 يوليو 2011

السيّــدة الخضــراء للفنان الروسي فلاديميـر تريتشيكـوف


وصف بعض النقاد هذه اللوحة بالمملة والسخيفة. وقال عنها البعض الآخر إنها لا تجلب للناظر أيّة متعة بالنظر إلى فقرها وضعفها من حيث الشكل والمضمون.
ومع ذلك، لم يمضِ وقت طويل حتى أصبحت "السيّدة الخضراء" اللوحة الأكثر مبيعاً وشعبيةً في القرن العشرين. إذ يُقدّر عدد النسخ التي بيعت منها بأكثر من خمسة ملايين نسخة، وهو رقم قياسي لم يحققه حتى بيكاسو أو فان غوخ.
وطوال ستّينات وسبعينات القرن الماضي أصبحت اللوحة عنصراً ثابتاً في الكثير من البيوت في أوربّا وأمريكا، كما ظهرت في أكثر من فيلم سينمائي. وأصبح تريتشيكوف الذي لم يكن أحد قد سمع به من قبل شخصية مشهورة جدّاً بسبب لوحته الغامضة. بل لقد قيل في بعض الأوقات انه ثاني أكثر الرسّامين شعبيةً في العالم بعد بيكاسو.
وفي التسعينات تجدّدت شعبية اللوحة مرّة أخرى. لكن انقسام النقاد حول الفنان وقيمة اللوحة ظلّ على حاله.
في اللوحة نرى امرأة صينية (ويقال إنها من الملايو) بشعر اسود فاحم وفستان بُنّي له ياقة واسعة مذهّبة وهي تنظر إلى جنب وتضع يداً فوق يد. اسم المرأة "لينكا" وكان الرسّام قد تعرّف عليها أثناء إقامته في جاكرتا زمن الحرب العالمية الثانية، أي عام 1943م. وكانت المرأة في ذلك الوقت متزوّجة من طبيب هولندي لكن يظهر أنها لم تكن سعيدة معه. لذا لم تلبث أن وقعت في غرام تريتشيكوف وأصبحت عشيقته.
وربّما يعود احد أسباب شهرة اللوحة وشعبيتها الكبيرة إلى الطريقة الغريبة التي رُسم بها وجه المرأة الذي اختار له الرسّام لوناً غير مألوف هو مزيج من الأزرق والأخضر "ومن هنا جاء اسم اللوحة". أما تعابير الوجه فتبدو غامضة وإن كانت الملامح بشكل عام تعطي انطباعاً عن امرأة جريئة ومتحرّرة.
ولم يكن مستغرباً أن يعتبر بعض النقاد تريتشيكوف رسّاماً طليعياً ورائداً لما عُرف بعد ذلك بالرسم الشعبي. ومن عباءته خرج في ما بعد اندي وارهول وروي ليكتنشتاين وغيرهما.
وقد تكون جاذبية اسم اللوحة، نفسه، سبباً آخر في شعبيّتها ورواجها. والكثيرون ممن راقت لهم، وجلّهم من أبناء الطبقة العاملة ومن الشريحة الدنيا من الطبقة الوسطى، كانوا في الأساس شغوفين بحضارة الصين وجنوبي شرقي آسيا وكانوا يرون في المرأة رمزاً لعالم غرائبي وغامض طالما تاقوا لزيارته والوقوف على معالمه لولا أن وسائل الاتصال في ذلك الوقت كانت بسيطة وقاصرة عن تحقيق ذلك الهدف.
وثمّة من يقول إن هجوم النقاد على اللوحة كان عاملاً مهمّاً في تحفيز الناس أكثر على شرائها واقتنائها. فالفكرة الشائعة عن النقاد أن كثيراً منهم نخبويون وانتقائيون بطبعهم. وقد درج بعضهم على اعتبار أن شعبية عمل فني ما ليست بالضرورة معياراً ولا دليلاً على جودته أو قيمته الإبداعية.
ولد تريتشيكوف في كازاخستان عام 1913 ، ولما اندلعت الثورة البولشفية انتقلت عائلته إلى الصين. وقد عاش حياة اتّسمت بالترحال وعدم الاستقرار. ومواضيع لوحاته استلهمها من تجربته في العيش في الصين وماليزيا وإندونيسيا وجنوب أفريقيا.
ومن المؤكّد أن هذه اللوحة جعلته غنياً جدّا فعاش حياة بوهيمية ومترفة. لكنه ظلّ دائما إنساناً بسيطاً ومتواضعاً. ولطالما عبّر عن احتقاره وكراهيته للحياة في ظل الأنظمة الماركسية والشمولية.
قضى تريتشيكوف السنوات الأخيرة من حياته يعاني المرض والوحدة في دار للرعاية بجنوب أفريقيا إلى أن توفي قبل سنتين عن 92 عاما.
أما لينكا أو "السيّدة الخضراء" فتعيش منذ سنوات في مدينة هيلفرسوم الهولندية وعمرها اليوم يربو على التسعين.

السبت، 16 يوليو 2011





نافورة الصورة
مرحبا بكم في معرض الصور الخاص بالاستاذ/علي قوادري..
هنا الصورة تتكلم..هنا للصورة الف حكاية وحكاية ..هنا الصورة تدغدغ الذاكرة وتقص التاريخ..

























الاثنين، 11 يوليو 2011

[QUOTE=عبد الحافظ بخيت متولى;74706]القصة القصيرة جدا بين التنظير والتطبيق
أمل المطير نموذجا/منقول
لجيمس جويس مقولة جميلة يقول فيها :
"لو أن رجلا كان يهذى, وأمسك بقطعة حديد وظل يضرب بها على جزع شجرة فصنع صورة بقرة , هل نسمى هذا شكلا فنيا؟ ويجيب جويس أيضا "إننا لا نستطيع أن نسمى هذا شكلا فنيا لأن الشكل الفنى الذى يختاره المبدع لابد أن يكون خلفه وعى بماهية هذا الشكل وقدرته على توصيل الرسالة الأدبية
وما اردت ان أبدأ بمقولة جويس هذه إلا لارد من خلالكم على محاربى هذا الشكل من الإبداع القصصى من خلال الندوات والمؤتمرات وغير ذلك ولا ادرى ايضا لماذا القصة القصيرة جدا فى حين أن كل الأشكال الأدبية الأخرى ثارت على تقليديتها وفرضت نفسها وتلقفها أصحاب الشأن دون محاربة كهذى التى يشنها المستشرقون المحليون على هذا اللون الجديد من فن القصة ونحن لا حظنا عبر التاريخ الدبى ان قصيدة الشعر الحر تمردت على القصيدة العمودية على يد نازك المائكة والسياب وفرضت نفسها وصارت عمود الشعر ثم جاءت بعدها اشكال اخرى شعرية كالقصيدة الومضة او" الإبجرامات "الشعرية العربية واصبح لها روادها ونقادها الآن وجاءت قصيدة النثر متمردة على كل شكل شعرى له علاقة بالتراث وأصبحت المنجز الشعرى الأكثر انتشارا على حد تعبير احد منظريها والقصة القصيرة تمردت على الرواية وخرجت عليها بالرغم من انهما ينتميان إلى جذر نثرى وإبداعى واحد واصبحت ذات شكول مستقلة ومنطق قصصى يخالف فن الرواية
كل هذا ولم نعثر على أن احدا اقام الغبار فى وجه اى من هذه الفنون إلا القصة القصيرة جدا ومن هنا ننتهز الفرصة لمناقشة هذا الفن تاريخيا وإبداعيا وتطبيقا على بعض نماذج القاصة السعودية امل المطير
عن التاريخ
بعد صدور كتاب انفعالات لناتالي ساروت عام 1932. انتبه كتاب القصة الى فن جديد يشبه القصة القصيرة ، لكنه يختلف عنه في بنائها وشكلها اطلق عليه القصة القصيرة جدا . وكانت ترجمته الى العربية في السبعينيات قد نبه القصاصين الى هذا النوع من القص ، فبدات تظهر في الصحف والمجلات المتخصصة ، قصصا قصيرة جدا كان تاثير ساروت واضحا عليها ..
وبالرغم من ان مرحلة الرواد في القصة االقصيرة جدا كانت تهتم بالنص لابشكله ، فقد ظل تطور النص الشغل الشاغل لقصاصي تلك المرحلة حتى صار من الصعب احداث أي تغيير في التكنيك العام للقصة فظل الاشتغال على النص وحده ، لكن بعض الخروقات قد حدثت في نمط كتابة القصة في ذلك الجيل ، كانت عبارة عن طفرات فنية بررت مدى الحاجة الى تنويع الأساليب والدخول في تقنية القصة من باب الوعي بضرورة مواكبة تطور الأدب في العالم .. فنشرت في الأربعينيات قصص قصيرة جدا كما يقول الناقد باسم عبد الحميد حمودي ،فعد ذلك بداية لظهور هذا الفن .. ثم تلاحقت التجارب حتى بلغت درجة كبيرة من النضج الفني في مرحلتي الستينيات والسبعينيات ، فنشرت بثينة الناصري فى العراق في مجموعتها (حدوة حصان ) الصادرة عام 1974 قصة اسمتها ( قصة قصيرة جدا ) .. ونشر القاص خالد حبيب الراوي خمس قصص قصيرة جدا ضمن مجموعته ( القطار الليلي ) الصادرة عام 1975 ، ونشرها عبد الرحمن مجيد الربيعي في نفس الفترة وكذلك جمعة اللامي واحمد خلف وإبراهيم احمد .. ويبدو ان تطور وعي القاص واطلاعه على التجارب العربية والعالمية وتحليل النتائج المستخلصة ، أدى الى إنتاج نوع اخر من القصة يختلف كليا عن ما هو سائد أصلا ، مع إن بعض الدلائل تشير الى ان هذا الفن بدأ عراقيا في الأربعينيات ـ مقارنة بظهوره عربيا ـ
لو استثنينا تجربة القاص اللبناني توفيق يوسف عواد الذي اصدر مجموعته القصصية ( العذارى ) عام 1944 واحتوت على قصص قصيرة جدا لكنه اسماها ( حكايات ) .
وكان لمواكبة مجريات العصر والتطور التقني الهائل دوره في ولادة هذا الفن مع عد أي تطور مادي ملموس في الحياة يصحبه تطورا في المجال الادبي حتما ..
وبذلك برزت القصة القصيرة جدا معبرة عن وقائع الحياة السريعة التي تتطلب الاختصار في كل شئ .. فهي ليست وليدة اللحظة إذا ، آو إنها فن سهل الكتابة كما يتصور بعضهم ، بل هي من الفنون الصعبة وعملية التحكم بها لا تقل أهمية وصعوبة عن ابداع أي نص قصصي اخر ، وماتحتويه عناصر القصة ذاتها من مقدمة ومتن وخاتمة وبالتالي فهي تحتاج تكنيك خاص في الشكل والبناء ومهارة في سبك اللغة واختزال الحدث المحكي والاختصار في حجم الكلمات المعبرة عن الموضوعة المطروحة ..
من هنا كان التغيير في شكل القصة مهماً على الدوام كما تقول ناتالي ساروت ( ان مهمة الفن التجديد والتجدد والاستمرار
عن التكنيك الفنى
اعتبر ان فن القصة القصيرة جدا من الفنون الصعبة والتى تحتاج إلى اديب موهوب بالدرجة الأولى لانها تحمل عناصر تستعصى على غير الموهبين العالمين بفن القصة ككل ومن اهم عناصرها
1-الحكاية
على القصة القصيرة جدا ان تحكى حكاية تماما مثل الرواية والقصة القصيرة والمسرحية لأن الحكاية فيها تشكل صلب الحدث وجوهر الدراما القصصية
2-الشخصية
لابد ان تتوفر القصة القصيرة جدا على شخصية تقوم بإنجاز الحدث وتشكل جوهر السرد وليس بالضرورة أن تكون هذه الشخصية من النماذج البشرية بل يمكن أن تمتد إلى نماذج حيوانية او نباتية
3-الوحدة
ويقصد بها الإضاءة على حدث واحد من خلال حبكة واحدة يبدو واضحة للعيان لأن تنوع الأحداث يخلق تعدد الحكايات ويؤدى بها إلى الترهل
4- التكثيف
وهو يعتمد على ضغط الصور والرؤى بشكل موجز مختصريحافظ على جوهر القصة بكل مكوناتها دون شرح أو تفصيل مخل ولعل هذا الشرط هو الأصعب بين عناصر القصة لأنه يحتاج إلى الموهبة المبدعة والثقافة العالية والقدرات اللغوية والتركيز الذهنى الشديد
5- الشعرية
وهى عنصر يتصل بعنصر التكثيف باتصال عضوى لأنها تضفى على القصة من خلال التلاعب بالنظام اللغوى بين المعيارية والإيحائية صورا موازية لصور الواقع الذى نحياه وتجعل القصة تحمل العديد من الدلالا المفتوحة والأكثر اتساعا
6-المفارقة
وهى عنصر جوهرى فى القصة القصيرة جدا لأنها تدفع النص إلى تفريغ الذروة وصدمة القارئ بما لا يتوقع وتكسبه اللذة الفنية والإرتياح النفسى
7-غلبة الجملة الفعلية
يجب أن يغلب القاص فى نصه الجملة الفعلية لانها تسيع فى القصة الحركة التى تصنع الدراما والحالة التى تتوهج داخل النص وهما شرطان من شروط السرد مع تضفير الجملة الفعلية بالجملة الإسمية فى بعض القصص التى تحتاج إلى الوصف ويمون هذا فى أضيق الحدود لضرورة الجملة الإسمية فى الوصف
8-العنوان
وهو رغم أهميته فى فى النصوص الأدبية على اختلاف انواعها فإنه فى القصة القصيرة جدا يجب أن يختار بعناية شديدة وان يكون محكما لأنه يلعب دورا حاسما فى اختزال الحدث الرئيس ومضيئا على المضمون ومشخصا للرؤى والدلالات
هذه بعض معطيات التكوين الفنى للقصة القصيرة جدا وليست منجزا نهائيا فى هذا اللون من فن القصة لأن المضمون هو الذى يفرض الشكل والوعى الفنى للقاص هو الذى يؤطر الشكول الفنية لنصوصه ومن هنا تتحقق مقولة الوعى والشكل لجميس جويس
لماذا أمل المطير ؟ !!
منذ فترة وأنا أتابع هذه القاصة الموهوبة وكتاباتها المتنوعة والتى تكاد ان تكون فريدة فى القصة القصيرة فى معظم المنتديات الإليكترونية التى تنشر فيها القاصة ايداعها القصصى حتى أننى استطعت ان أكون عنها فكرة فنية وادبية يمكن أن نوجزها فيما يلى:
لقد استطاعت هذه القاصة الموهبة ان تتعامل مع هذا الفن بذكاء شديد فى تلتقط حالات من الواقع الذى نحياه وتعيد تشكيلها عبر منجز قصصى محكم البنية فى فن القصة القصيرة جدا واستطاعت ان تحمل قصصها معظم شروط فن القصة وبذلك جاءت إلينا بحالات أبداعية شديدة الخصوبة والجمال تكشف عن موهبتها القصصية وقدرتها على خلق فن قصصى راق يخلق فينا نوعا من اللذة المؤلمة أو الألم الذيذ وهو نوع صادم قادر على أن يحرك فينا الماء الآسن فى نهر الخمول العقلى والجمالى الذى أماته إحباط الواقع من حولنا وإرهاصات الفناء واللاجدوى الت يحياها إنسان هذا العصر وحين نتأمل هذه القصة

ضيــاع

يهرول خائفا..
يبحث عن طفولته التي سرقوها..
يعثر عليها مقتولة..
من بقاياها نسجوا فرشا وثيرة..
صدّروها لحكامٍ عــرب.

نجد أنفسنا أمام لوحة قصصية صنعت بإحكام واختزلت تاريخ الشعوب فى تعامل الحكام معها فى سطور فنية اعتمت على الكثيف والمفارقة واللغى الشاعرية وشعرية النص حين وضعتنا امام ضياع هذه الشعوب التى تسرق منها براءتها بفعل ألاعيب الحكام وحشياتهم سدنة المس واليوم والغد التى تبررللشعوب أفعال الحكام ولقد كانت القاصة ذكية فى توظيف صورة الطفل رمزا لبراءة الشعوب وانخداعها فى حكامها كما نجحت أيضا فى توظيف الفعل الضارع المجسد لاستمرار حركة هذه الحالة ودوامها ثم هذه المفارقة الجميلة بين عالم البراءة وعالم التوحش وانتصار الوحشية على البراءة وهنا يدخلنا النص من منطقنا الذى نحياه فيفجر واعيتنا ويصدمنا ويشعرنا بالالم الفنى والنفسى اللذيذ كما انها زواجت بين العنوان كحالة دالة بذاتها وبين متن النص كحالة كاشفة ومفسرة لهذا العنوان حتى أن عنوان النص صار يتوالد داخل النص بما يشبه سدى الحائك ووضعت لها نهاية منكرة " لحكام عرب" دليل على استمرار هؤلاء الحكام وتلك الحالة
وإذا انتقلنا إلى قصة اخرى وهى قصة
سقوط

يسقط من هامة السماء
تتلقفه أرض رطبة
يبتهج بذلك السقوط المبارك
سرعان ما تموج الأرض من تحته..
تبتلعه في جوفها..
وتلفظ عظامه على تخوم أحلامه.

نجدنا أمام قصة مراوغة تجسد ذلك الخداع والضياع فى سبيل تحقيق الحلام فهذا الذى يسقط من هامة السماء بحثا عن الحلام يجد نفسه مخدوعا حين تتلقفه ارض رطبة ثم تتحول إلى وحش يبتلعه ويلقى بعظامه على تخوم احلامه وهذه القصة بهذا الإحكام تنفتح على اكثر من تاويل وهذا هو سر مرواغتها وإن كنت اعترض على توظيف الصفة فى قولها " السقوط المبارك" لأنه معلوم بالضرورة من سياق القصة فالخداع يجعل بالضرورة هذا السقوط مباركا ولابد ان ندرك ان للصفة دور هام فى الإبداع بشكل عام لأنها تلعب دورا هاما فى تحديد الدلالة او ترهلها فحين نقول –مثلا- رايت وردة حمراء فالصفة هنا تبهت الجمالية فى التركيب السياقى وترهل المعنى لأن صفة باهتة بالنسبة لواعية المتلقى ومعلومة له بينما حين نقول رايت وردة راقصة فالصفة هنا خلقت معنى صادم لرتابة التلقى ووضعتنا امام رؤية فنية ودلالية جميلة كأن لغتها طازجة خلقت للتو وفى الحال
وعلى هذا النحو أيضا تقدم لنا القاصة هذه القصة

اجنحة ذهبية
حلق نحو الأفق, وجاور السحب
لم تكن له أجنحة
لكنه ابتاعها من صائغ مغمور
أشرقت الشمس
وانسلت الغيوم
فانصهرت أجنحته ..
وهوى.
والتى تمثل لنا هشاشة الاحلام التى نحياها فهذا الذى يحلق نحو السماء والذى يبتاع اجنحة من بائع ضائغ مغمور حين تشرق الشمس على اجنحته تنصهر ويسقط فهذه الأجنحة خادعة لأنه جاء بها من ضائغ مغمور برغم انها ذهب وهنا تحقق هذه القصة مقولة ليس كل ما يبرق ذهبا وهنا تدخل القصة فى فنية جميلة فى عالم الفانتزيا والتى تفضل الواقع الفنتازى كبديل للوافع المادى الذى لا تتوائم معه نفس الفنان الشفافة فتهرب إلى عالم اللواقع حتى تخلق واقعا موازيا تنسجم معه نفس الفنان
*ثمة ملاحظات عامة على إبداع فن القصة القصيرة عند أمل المطير هى
*تهتم امل برصد روح المكان والتركيز على الحهات الأربع فوق وخاصة جهتا " فوق / تحت" لتصنع بذلك مكانا ليس طوبوغرافيا وانما مكانا يحمل المشاعر الإنسانية ويشارك الإنسان فى القصة بطولة النص ويلاحظ ذلك فى قصص " مطر / سقوط / القف/ تدفعه إلى الامام / اجنحة ذهبية "
* أغلب النصوص ذات نكهة ساخرة من كل كل الأمراض المتفشية في المجتمع ، فاضحة كل أساليب الاستغلال كما تفضح بجرأة نادرة وشجاعة المواقف الجبانة من الخداع والمكر والتحايل كما هو الامر بالنسبة لنصوص"قتاع / ورقة رسمية / ضياع" أغلب شخوص المجموعة من الهامش .. كما تمتاز بالدقة والعفوية وسلاسة الأسلوب بحيث أن أغلب النصوص كتبت بأنفاس متعددة وشخوص ذات أمزجة متقلبة ... تدهشك بجرأتها في التعبير عن الكثير من المواقف الخاصة بالحياة .. وهي نصوص لا تخلو من جمالية لغوية وتحمل رسائل متعددة من هوامش يتذمر أصحابها
* تتميز جملة السرد عند أمل المطير بسحرية جميلة نتيجة مزج الخيالى بما هو واقعى على مستوى الجملة الواحدة فتخرج الجملة مشحونة بالدهشة كما فى قصة" اصابع / تجربة / ضياع"
* تبدو القاصة شديدة الحفاوة بما هو داخلى فى بناء شخصياته القصصية وكثيرا ما تبتعد عن الوصف الخارجى لهذه الشخصيات وتقدم ما هو انفعالى على غيره من مكونات الشخصية ولذلك كثيرا ما يتردد فى نصوصها القصصية من التراكيب الأسلوبية أو الجمل القصصية الدالة على المعنويات فى سياق ما يتطلب ان يكون التشكيل الاسلوبى للجملة دالا على الماديات والاستخدام اللغوى الذى تكون فيه الكلمات لغة فوق اللغة مثل"يحتضن مكانه /يمتطى صهوة الغيوم /يدفن بقايا أطلال على وجهه"
وبعد فهذه قراءة سريعة لقصص أمل المطير ارجو لها ان تك
ون قد ألقت الضوء على هذا اللون من فن القصة وان تكون قد أضاءت جوانب فن القص عند القاصة المتميزة
[/QUOTE]

الأربعاء، 6 يوليو 2011

أروع محاكمة على مر التاريخ

من كتاب ( قصص من التاريخ ) للشيخ الأديب علي الطنطاوي رحمه الله ،
وأصلها التاريخي في الصفحة 411 من ( فتوح البلدان ) للبلاذري ، طبعة مصر سنة 1932 م .

في عهد الخليفة الصالح "عمر بن عبد العزيز" ، أرسل أهل سمرقند رسولهم إليه بعد دخول الجيش الإسلامي لأراضيهم دون إنذار أو دعوة ، فكتب مع رسولهم للقاضي أن احكم بينهم ، فكانت هذه القصة التي تعتبر من الأساطير.
وعند حضور اطراف الدعوى لدى القاضى ، كانت هذه الصورة للمحكمة:
صاح الغلام : يا قتيبة ( بلا لقب )
فجاء قتيبة ، وجلس هو وكبير الكهنة السمرقندي أمام القاضي جميعا
ثم قال القاضي : ما دعواك يا سمرقندي ؟
قال السمرقندي: اجتاحنا قتيبة بجيشه ، ولم يدعُـنا إلى الإسلام ويمهلنا حتى ننظر في أمرنا ..
التفت القاضي إلى قتيبة وقال : وما تقول في هذا يا قتيبة ؟
قال قتيبة : الحرب خدعة ، وهذا بلد عظيم ، وكل البلدان من حوله كانوا يقاومون ولم يدخلوا الإسلام ، ولم يقبلوا بالجزية ..
قال القاضي : يا قتيبة ، هل دعوتهم للإسلام أو الجزية أو الحرب ؟
قال قتيبة : لا ، إنما باغتناهم لما ذكرت لك ..
قال القاضي : أراك قد أقررت ، وإذا أقر المدعي عليه انتهت المحاكمة ؛
يا قتيبة ما نـَصَرَ الله هذه الأمة إلا بالدين واجتناب الغدر وإقامة العدل.
ثم قال القاضي : قضينا بإخراج جميع المسلمين من أرض سمرقند من حكام وجيوش ورجال وأطفال ونساء ، وأن تترك الدكاكين والدور ، وأنْ لا يبقى في سمرقند أحد ، على أنْ ينذرهم المسلمون بعد ذلك !!
لم يصدق الكهنة ما شاهدوه وسمعوه ، فلا شهود ولا أدلة ، ولم تدم المحاكمة إلا دقائقَ معدودة ،
ولم يشعروا إلا والقاضي والغلام وقتيبة ينصرفون أمامهم.
وبعد ساعات قليلة ، سمع أهل سمرقند بجلبة تعلو ، وأصوات ترتفع ، وغبار يعم الجنبات ، ورايات تلوح خلال الغبار ، فسألوا ، فقيل لهم : إنَّ الحكم قد نُفِذَ وأنَّ الجيش قد انسحب ، في مشهدٍ تقشعر منه جلود الذين شاهدوه أو سمعوا به.
وما إنْ غرُبت شمس ذلك اليوم ، إلا والكلاب تتجول بطرق سمرقند الخالية ، وصوت بكاءٍ يُسمع في كل بيتٍ على خروج تلك الأمة العادلة الرحيمة من بلدهم ، ولم يتمالك الكهنة وأهل سمرقند أنفسهم لساعات أكثر ، حتى خرجوا أفواجاً وكبير الكهنة أمامهم باتجاه معسكر المسلمين وهم يرددون شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله.
فيا الله ما أعظمها من قصة ، وما أنصعها من صفحة من صفحات تاريخنا المشرق ،
أرأيتم جيشاً يفتح مدينة ، ثم يشتكي أهل المدينة للدولة المنتصرة ، فيحكم قضاؤها على الجيش الظافر بالخروج ؟
والله لا نعلم شبها لهذا الموقف لأمة من الأمم .

الاثنين، 4 يوليو 2011

طرزان العربي .. أذكى !! /منقول

حول قصة حي بن يقظان .. تُقرأ في 5 دقائق تقريباً

سعر التدوينة : Share !!
...
لا أدري لماذا لم يكن حي بن يقظان محظوظاً كما طرزان وماوكلي وروبنسن كروزو ، صحيح أن أولئك الثلاثة رائعين ، فلقد كُنا نلوذ بسماع أخبارهم ونستمتع بشراء أية سلعة حملت أسمائهم ، إلا أن صديقنا حي بن يقظان ، الإبن الروحي للفيلسوف الأندلسي إبن طفيل ، لم يحظ منّا بأن نعرف إسمه ( على الأقل ) مع أنه أكثر ذكاءً وحكمة وعلماً منهم جميعاً ، فلقد كان فيزيائياً وكيميائياً ورياضياً وطبيباً وفيلسوفاً صوفيّاً .. بل إنه صديقاً للبيئة أيضاً !!

من البيولوجيا إلى الميتافيزيقا !!

تعتبر قصة حي بن يقظان من أعظم وأهم القصص التي كُتبت في العصور الوسطى ( العصور الذهبية ) فهي تحمل مُلخصاً لسيرة المعرفة الإنسانية حتى القرن الثاني عشر ميلادي بأسلوب أدبي علمي نادر وفريد ، فحي ذلك الطفل الذي تربى على يد ظبيّة في جزيرة من جزر الهند بدأ حياته بمُراقبة الحيوانات وتعلم أصواتها وإكتساب بعض المهارات التي تضمن له البقاء ثم ينتقل إلى علم الطب والتشريح بعد موت أمه ( الظبية ) حيث قام بتشريح جسدها لمعرفة سبب وفاتها فساقه ذلك إلى دراسة وظائف كل عضو من الأعضاء. هذه التجربة يسّرت له الارتقاء أكثر وذلك بأنه عندما اكتشف النار ، قام باكتشاف وجود الروح في جسد الغزالة ( حرارة الجسد قبل الموت وبعده ) وكان كلما اكتشف شيئاً جديداً زاد شوقاً لمعرفة المزيد فأدى به إلى مُراقبة الكواكب والأفلاك مما جعله بارعاً في علم الفيزياء من خلال ملاحظاته فيما يخص الأوزان وحركة الأجسام السماوية ، بعد إكتشافاته " العظيمة " في علوم الطب والبيولوجيا والكيمياء والفيزياء ينتقل إلى الفلسفة والميتافيزيقا ( ما وراء المادة ) ليبدئ البحث عن الموجود الواجب الوجود ( الله ) فيبدأ بالسعي إلى " مُشاهدة " هذا الخالق والإقتراب منه حيث يبدأ بممارسة طقوسه التأمليه في جزيرته المعزولة ، حتى يلتقي بإسال ( العابد الزاهد ، الذي فر إلى جزيرة حي ) ويبدأ بالتعرف على البشر ويتعلم لغتهم وأطباعهم فينتقل للعيش معهم ، إلا أن ذلك لا يروقه كثيراً ( فقد رأى أن مُعظمهم بمنزلة الحيوان غير الناطق ) ليعود بعد ذلك إلى الجزيرة ليكمل حياته التأملية ، آملاً في المزيد من القرب من الله ، من الموجود الواجب الوجود ، حتى يأتي أمر الله !!

حي .. صديق للبيئة !!

من " ألذ " العلوم التي برع فيها حي بن يقظان كان علم ( آداب العيش ) والتي تجلى فيها مدى صداقة حي للبيئة ، فلم يكن حي يُقدم على قطف الثمرة التي لم تنضج ، ولم يكن يلقي نواة التمر إلا في مكان يُمكن أن تنبت فيه ولم يكن يتغدى على فاكهة او نبات قد ينقرض ، وليس هذا فحسب بل إنه كان إذا رأى نباتاً خُجب عنه ضوء الشمس يجتهد في إزالة ذلك الحاجب أو إذا رائ حيواناً أو نباتاً يُعاني من العطش يجتهد في إيصال الماء إليه ، لدرجة أنه أصبح " بيطرياً " لكل حيوان يُعاني من عاهة أو مرض ، أما على صعيد نفسه فقد كان يُحفاظ على أن يبقى نظيفاً و " مُعطراً " بأنواع الطيب التي يستخلصها من نباتات الجزيرة !

أخيراً

لعل أفضل ما يُمكن أن أختتم به مقالتي هو ما كتبه بعض " الفلاسفة " في قصة إبن طفيل كالدكتور عمر فروخ الذي كتب : أن حي بن يقظان إنتقل من أدنى دركات الأجسام الماديّة إلى أرقى درجات الصور الروحانية عن طريق العقل حتى طلب معرفة الله . ومقولة روبرت باركلي : إن قصة حي بن يقظان هي خلاصة جوهر الصراع بين ( النور الإلهي ) الذي هو الوحي و ( النور الطبيعي ) الذي هو نور العقل البشري المُنبثق من داخل الإنسان ، وكذلك ما قاله أرنست بيكر بأن قصة حي بن يقظان هي أحد المصادر المُحتمة لقصة روبنسن كروزو !!

يكتبها لكم ،،
عُمر عاصي
3 تموّز 2011

مُلاحظة 1 : أنصح بشراء قصة حي بن يقظان مع تقديم وتحقيق د. فاروق سعد !
مُلاحظة 2 : أنصح بمشاهدة الفيلم الكتروني قبل قراءة القصة حتى يسهل إستيعاب الأمور أكثر : هُنا
http://www.youtube.com/watch?v=ggDNxGKeyRQ
مُلاحظة 3 : شاعرنا أدم عاصي ، يُمكنك ان تأتي الان وتأخذ القصة لتبدأ مُطالعتها :)
مُلاحظة 4 : لتنزيل النسخة الاليكترونية http://www.4shared.com/document/92VvqJ0Z/___online.ht

الجمعة، 1 يوليو 2011

لشخصيه السيكوباتيه

تعريف الشخصية السيكوباتية وصفاتها

السيكوباتية لغة وإصطلاحاً : -
تتكون كلمة سيكوباتي من مقطعين هما سيكو psysho ومعناها نفس وكلمة path ومعناها شخص مصاب بداء معين .
وتشير إلى انحراف الفرد عن السلوك السوي والانحراف في السلوك المضاد للمجتمع والخارج على قيمه ومعاييره ومثله العليا وقواعده . وتعرف أيضاً بأنه المريض النفسي أو العليل , أو اعتلال نفسي أو اضطراب عقلي يتسم بالنشاط المعادي للمجتمع .

وتعريف الشخصية السيكوباتية : -
بأنها الشخصية المعتلة نفسياً أي المريضة نفسياً وتتسم بعدم النضج الانفعالي لنشأتها في بيوت باردة انفعالياً أو لضعف بناء الشخصية , بسبب التدليل المفرط بحيث لايتعلم الفرد من طفولته قمع رغباته فيثبت عند مستوى طفلي من التمركز حول الذات أو لعدم توفر الأنماط الإجتماعية المقبولة .
وتشكل حالات السيكوباتية فئة من فئات الجناح ولكنها من أكثر الفئات تنوعاً واختلافاً , حيث وصفها العالم الفرنسي "" بنبل "" بأنها :: جنون دون تشوش "" وتمثل هذه الحالة مجموعة من المرض لايفهم عليهم أي اضطراب في قدراتهم الفعلية ولكن سلوكهم يصل في سوء توافقه إلى مايصل إليه سلوك كثير من الأشخاص المضطربين عقلياً , هؤلاء المرضى ليسوا بالذهانيين ولاهم عصابيون حقاً , كما أنهم ليسوا من نوع مرض الاستجابات النفسجسمية على الإطلاق , وهم يتصفون بخصلة واحدة مشتركة فيما بينهم هي أنه يبدو عليهم اختلال الخلق , أي أنه يصدر عنهم من السلوك مايمثل خرقاً للقانون الخلقي السائد في المجتمع .
وقد وضع العالم ( كلسكي ) ست عشر خاصية اعتبرها أهم السمات للشخصية السيكوباتية .

- ذكاء متوسط أو مرتفع مع جاذبية مصطنعة .
- غياب الهذاءات والعلامات الأخرى الدالة على التفكير اللاعقلاني .
- غياب القلق العصابي أو المظاهر العصبية الأخرى .
- عدم الثبات .
- عدم الصدق عدم الإخلاص .
- غياب الضمير والخجل .
- سلوك مضاد للمجتمع .
- قدرة ضعيفة على الحكم وشك في التعلم من الخبرة .
- تمركز مرضي حول الذات وعجز الحب .
- انخفاض عام في معظم الاستجابات الوجدانية الرئيسية .
- فقر الاستبصار .
- انخفاض الاستجابة لعلاقات الشخصية العامة .
- سلوك نرجسي مع الانغماس في الشراب وأحياناً بدونه .
- غياب محاولات الإنتحار الجادة .
- حياة جنسية غير تقليدية وغير مضبوطة أو قابلة للتحكم .
- الفشل في اتباع أي خطة لحياته .
هذا بالإضافة إلى أن السيكوباتيين يجيدون التعبير اللفظي عن الانفعال الملائم لموقف معين , لكنه لايكون حقيقياً أو أنهم يعبرون عما لايشعرون به كما أنهم يستخدمون كل التعبيرات الممكنة للإعتذار عن سلوك معين , ولكنه يكون اعتذاراً زائفاً .

أنواع الإنحراف السيكوباتي
أولاً : أنواع الإنحراف : -
من المستحيل أن تعطي وصفاً دقيقاً محدداً جامعاً لأنواع الإنحراف السيكوباتي أو بالأصح للشخصيات السيكوباتية لأنه يدخل في هذه المجموعة كل هؤلاء الذين يظهر في سلوكهم نوع من الغرابة لدرجة لاتسمح لهم بالحياة والنجاح في المجتمع ولكنهم يكونون فيما عدا ذلك عاديين من جهة أجسامهم وعقولهم .
وكما أشرت أن السيكوباتيين ليسوا أشخاص محدودي الذكاء لأن معظمهم عاديون من حيث الذكاء أو أعلى من المتوسط ولا ينقصهم في العادة إلا الذكاء الإجتماعي .
ولقد كانت هذه محاولات عدة لتقسيم أو تصنيف السيكوباتيين إلى أصناف مختلفة وسوف أذكر تصنيفين من هذه التصنيفات : -
1 - تصنيف ( ديفيد كلارك ) :
أ - الإنحراف السيكوباتي العدواني : -
وهؤلاء يتميزون بالهياج والعنف والقسوة وكثرة الشجار وفيهم أيضاَ مدمني الخمر والمخدرات وغير المستقرين وأصحاب الميول السادية والمجرمين المحترفين ( معتادو الإجرام ) الذين يكون لهم سجلات حافلة في الإجرام ويحترفون الإجرام مقابل أجور يتقاضونها من الناس .

ب - السيكوباتي غير المتوافق ( الناشز ) .
ويضم هذا النوع طائفة من الذين يرتكبون أنواعاً من الجنح الصغيرة والناشزين عن المجتمع الذين تكون عيوبهم مشكلة كبرى للمجتمع ولأسرهم وكذلك المتواكلين الذين يعيشون بالقوة عالة على أسرهم وأقاربهم .

2 - تصنيف ( بولز - لاندز ) :
أ - السيكوباتي الخارج : -
وهو الذي يظهر ضعفاً ظاهر في الخلق مع شعور بعدم الأمان داخل نفسه ويظهر ذلك في السلوك الغريب الذي يقوم به .
ب - السيكوباتي المتجول : -
وسمي بذلك لأنه لايملك المكوث في مكان واحد بل يبدي رغبة شديدة في التنقل لايمكن التحكم بها ولا يستطيع التغلب عليها ولا يكون لهذا التنقل سبب معقول ويسمى أيضاً بالسيكوباتي العاجز .
جـ - السيكوباتي المجرم ( العدواني عديم الشعور ) : -
وأمثال هؤلاء المرضى يحترفون أعمالاً عدوانية وأعمال عنف ضد أشخاص آخرين أو ضد جماعات دون القدرة على التحكم في اندفاعهم , وهم يدركون مايفعلون دون أن يتمكنوا من التحكم بسلوكهم المنحرف هذا .
وبعض هؤلاء من الممكن أن يكون قادراً على التحكم المؤقت في التعبير عن هذه المظاهر غير الاجتماعية وذلك لايكون إلا انتظار للفرصة وزوال الموانع وليعودوا للانتقام بطريقتهم الإجرامية المعروفة التي تشتمل الهجوم والتربص أو القتل أو الحرق للأملاك التي تخص الغير أو السرقة ويكون ذلك دون إحساس بالإثم أو الشعور بالذنب ويعد من الأشخاص الذين يستثارون بسهولة .
د - السيكوباتي المتعب المقلق : -
يتميزون هؤلاء المرضى بالاهتمام المفرط بالذات والكفاية الذاتية وهم متشوقون للعظمة وما يستتبع ذلك من المشاعر السيئة والسلوك المتعب وسرعة الغضب وأغلب هؤلاء مصابون بالبارانويا ( جنون العظمة ) ومن جملة صفات هؤلاء أنهم لايستطيعون أن يظهروا مايدل على فهم الآخرين وليس عندهم إدراك لمشاعر الآخرين أو رحمة بهم
و - السيكوباتي الانفجاري : -
وهذه الفئة تشبه السيكوباتي عديم الإحساس من المجرمين فيما عدا أن هذا النوع يربط انفجاره بحالات الغضب وقد يتجه سلوكه العدواني نحو نفسه فينتحر وهذا نادراً جداً .
ز - السيكوباتي المتشائم - الاكتئابي : -
المريض هنا لايقدر نفسه حق قدرها كما ينظر إلى المستقبل نظرة تشاؤم والمرح والتفاؤل بعيد عن هؤلاء لأنهم يشعرون بأن كل شيء في حياتهم اليومية يهددهم بالخطر لذلك نجدهم دائماً يفكرون في الانتحار بسبب كثرة المشكلات التي لايستطيعون حلها وبسبب كثرة همومهم .
ح - السيكوباتي المبدع : -
وهو الذي يختلق من القصص الإبداعية والابتكارية ماتخرج عن حدود المعقول ويبدو أنهم لايفيدون من ذلك شيئاً سوى الارتياح والتنفيس عن بعض التوتر الداخلي وكأن المريض لديه الرغبة المستمرة في التفوق عن نفسه بهذا الإبداع الخيالي , ويبدو على قصص هؤلاء الكذب الواضح الأمر الذي يجعل منهم شخصية هامة محبوبة لدى بعضهم أو غير محبوبة لدى بعضهم الآخر . ولكن مدى تأليفهم وإنتاجهم لهذه الأكاذيب لايحده حد لأنه لايهمهم إذا كانت أكاذيبهم ستكشف أم لا .

مناقشة حول طرق العلاج المختلفة : -
يذكر لنا الدكتور سعد جلال أن السجن فشل في علاج السيكوباتي كما فشلت في علاجه المراقبة الاجتماعية وكذلك فشل الإيداع في المستشفيات في تحقيق ذلك العلاج وأيضاً فشل كل من التحليل النفسي والعلاج النفسي , وكذلك ذكر أن ذلك لايمنع من العثور على مجرد متناثرات يصادفها القارئ عن نجاح البعض بطريقة أو بأخرى في علاج بعض الحالات , كما ذكر أن أصعب عقبة في سبيل علاج السيكوباتي ربما تكون في عدم تعاونه مع المعالج .
إلا أننا يمكننا رغم الخلاف على تشخيص حالته أن نصل إلى قدر محدود من وسائل العلاج التي لاتعد محل خلاف . ويمكن أن نوصي بها على الوجه الآتي :- ضرورة إيداع السيكوباتي في مؤسسات خاصة متخصصة ولا يجري علاجه بالمستشفيات العامة ولا بالسجون ولا بالمستشفيات الملاحقة لعدم توفر الجو العلاجي الملائم لحالته والمتطلب توافر استعدادات خاصة وإمكانيات خاصة فيه .
 نوصي بعدم تقصير مدة علاج السيكوباتي إذ هو يحتاج لعلاج طويل . إن علماء العقاب سبق أن ذكروا أن أي علاج مجدي في صورة تدبير علاجي سالب للحرية مع طوائف معينة كالشواذ والأحداث ومعتادي الإجرام يجب ألا يقل عن فترة تتراوح بين ستة شهور وعام .
* نوصي الا يودع السيكوباتي في عنابر عامة بالمستشفيات الإصلاحية بل يجب وضعه في عنابر خاصة وهذا ماذهب إليه كلسكي عام 1955م لاشك ولا خلاف في أن العلاج الجماعي هو وسيلة مجدية لعلاج السيكوباتي بشرط أن تتهيأ لذلك البيئة العلاجية في مؤسسة تكرس كل جهودها لهذا النوع من العلاج الذي انتشر في الأوساط الطبية لمزاياه العديدة .
والله ولي التوفيق

المصدر : أكاديمية علم النفس / قاعة العلاج التحليلي