المشاركات الشائعة

الجمعة، 8 مارس 2024

 مما ذكرني به الفيس بوك مقال للصديق الراحل عياش يحياوي

Ayache Yahiaoui
March 9, 2015
·
كيف يمكن فعل ذلك...؟
ليس من السهل قيادة شعب، عقول بعضه تنصب خيامها في القرن الهجري الأول، وعقول بعضه تنصب خيامها في زمن الباشاوات، وعقول بعضه مأزومة بأسئلة القرون الوسطى، وعقول بعضه حوّلت ثورة الشهداء إلى سجل تجاري وسياسي، وعقول بعضه حشيشة طالبة معيشة، وعقول بعضه أدخلت الكذب إلى المدرسة مرة أخرى لإعادة تدريبه وتحصينه، وعقول بعضه تشبه أبطالا يصارعون الرياح في الخلاء، وعقول بعضه مزدوجة الهوية مشغولة بأسئلة نيوتن وأسئلة القرضاوي، وعقول أقليته القليلة تنصب خيامها في 2015 لكنها تشعر بالغربة وثقل المسؤولية وصعوبة التحدي....كيف يمكن الخروج بشعب من أسئلة الميتافيزيقا وزمن الرقية إلى أسئلة المعرفة العلمية وزمن العمل بمفهومه الأخلاقي والإنتاجي...؟ كيف يمكن فعل ذلك مع حماية نسيجه السوسيولوجي التاريخي ليسنده ويساعده على تفعيل الخيال الاجتماعي العام لخدمة أمرين: توازن الأنا الجمعي....والفعل المبدع في الراهن...؟
الأمر ليس سهلا، لأن كل مؤسسة من مؤسسات التخلف ستُخرج نملها لينهشك كلما اقتربت من جدرانها وأبوابها....ومع ذلك من الضروري فعل شيء..بل فعل أشياء...

 


سمير عطا الله

كاتب عربي من لبنان، بدأ العمل في جريدة «النهار»، ويكتب عموده اليومي في صحيفة «الشرق الأوسط» منذ 1987. أمضى نحو أربعة عقود في باريس ولندن وأميركا الشمالية. له مؤلفات في الرواية والتاريخ والسفر؛ منها «قافلة الحبر» و«جنرالات الشرق» و«يمنى» و«ليلة رأس السنة في جزيرة دوس سانتوس».
الجمعة - 26 شَعبان 1445 هـ - 8 مارس 2024 م

المحقق الأول

استمع إلى المقالة
04:14
كان قاضي التحقيق يسمى في الماضي «المستنطق». ثم رُئي أن اللقب لا يليق بقاضٍ أو رجل قانون، فألغي. لكن الذي لا يمكن إلغاؤه هو أن وظيفة قاضي التحقيق أسّسها محتال فرنسي يدعى «أوجين فرانسوا فيدوك» (1775 – 1857). أمضى فيدوك العقدين الأولين من شبابه إما سجيناً أو هارباً من السجن.
بينما كان مسجوناً في مدينة ليل الفرنسية، وُجد متواطئاً في تزوير أمر بالإفراج عن سجين آخر، وحُكم عليه بالعمل الشاق. لم يهتم فيدوك كثيراً بالأشغال الشاقة، فهرب متنكراً في البداية كبحار، ثم بائع حليب، ولاحقاً كراهبة.
كتب في مذكراته أنه هرب من أكثر من 20 سجناً في فرنسا. بدل العمل لحسابه الخاص، عرض العمل للدولة، وأعجبت السلطات بعمله، وفي عام 1811، بشرط أن يستمر في العمل كمخبر في الخارج، ساعدته على تنظيم هروبه من سجن «لا فورس»، ما عزز مصداقيته في الشارع أمام العصابات الإجرامية التي تم تكليفه باختراقها. في غضون عام، تمت ترقيته من مخبر يتقاضى راتباً إلى رئيس وحدة تم تشكيلها حديثاً، لواء الأمن، حين أصدر نابليون مرسوماً بإنشاء قوة أمن وطنية في عام 1813.
بدأت تتكون فرقة الأمن كمجموعة «مكونة من 5 رجال»؛ فيدوك و4 عملاء سريين بملابس مدنية. وقاموا معاً بإلقاء القبض على القتلة والمزورين واللصوص، وصادروا البضائع المسروقة، وأعادوا المدانين الهاربين إلى السجن.
لم يتقاضَ فيدوك وعناصره أي راتب، لكنهم عملوا مقابل عمولة، وكانوا يتقاضون رسوماً عن كل قضية يتم حلّها بنجاح. ارتفع معدل الاعتقال بشكل كبير، وخلال السنوات السبع الأولى من وجود الفرقة، تمكن اللواء، وفقاً لإحصائيات فيدوك، من القبض على أكثر من 4 آلاف مجرم.
مع تطور مكتب الأمن، طوّر فيدوك عدداً من أساليب الشرطة التي لا تزال مستخدمة على نطاق واسع حتى اليوم. يدّعي فيدوك أيضاً أنه أحد أوائل مؤيدي الطب الشرعي. احتفظ بآثار الأقدام باستخدام الجص.
في عام 1827، عندما كان فيدوك في الـ52 من عمره، غادر الأمن. وجد فيدوك حينها وقت فراغ كبيراً. وشرع في العمل على مذكراته، التي نُشرت في 4 مجلدات حققت نجاحاً فورياً، وتُرجمت إلى الإنجليزية، ومن ثم أسس ما يعدّه كثيرون أول وكالة تحقيقات خاصة في العالم.
وعندما توفي فيدوك في 11 مايو (أيار) 1857 عن عمر يناهز الـ82، كانت ثروته تبلغ أقل من 3 آلاف فرنك. وإذا كان إرث فيدوك محل نزاع عند وفاته، فإنه لا يزال كذلك حتى اليوم. وهو يتمتع بمكانة تشبه التقديس والعبادة بين بعض علماء الجريمة. سيكون أوجين فرانسوا فيدوك ما تريده أنت أن يكون.