قصة ميسون بنت بحدل الكلبية:
( لَبيـت تخفـق الأرواح فيـه أحب إليّ من قصـر منيـف )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما يُغني عن كثير من القول، ذلكم أن معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - تزوج ميسون وكانت ذات جمال باهر وحسن غامر، فأعجب بها معاوية وهيأ لها قصراً مشرفاً على الغوطة وزينه بأنواع الزخارف، ووضع فيه من أواني الفضة والذهب ما يضاهيه، ونقل إليه من الديباج الرومي والموشى ما هو لائق به، ثم أسكنها مع وصائف لها كأمثل الحور العين، فلبست يوماً أفخر ثيابها وتزينت وتطيبت بما أعدّ لها من الحلي والجوهر الذي لا يوجد مثله، ثم جلست في روشنها وحولها الوصائف، فنظرت إلى الغوطة وأشجارها، وسمعت تجاوب الطير في أوكارها، وشمت نسيم الأزهار ورائح الرياحين والنّوار، فتذكرت باديتها وحنت إلى أترابها وأناسها وتذكرتء مسقط رأسها، فبكت وتنهدت، فقالت لها بعض حظاياها ما يبكيك وأنت في ملك يضاهي ملك بلقيس. فتنفست الصعداء ثم أنشدت:
لبيـت تخفـق الأرواح فيـه==أحب إليّ من قصـر منيـف
ولبس عبـاءة وتقـرّ عينـي==أحب اليّ من لبس الشفـوف
وأكل كسيرة فـي كسر بيتـي==أحب إليّ من أكـل الرغيـف
وأصوات الريـاح بكـل فـج==أحب إلى من نقـر الدفـوف
وكلب ينبـح الطـراق دونـي==أحب إلـي مـن قـط أليـف
وبكر يتبع الأظعـان صعـب==أحب الي مـن بعـل زفـوف
وخرق من بني عمي نحيـف==أحب الي من علـج عنـوف
خشونة عيشتي في البدو أشهى==الي نفسي من العيش الطريف
فما أبغي سوى وطنـي بديـلا==وماأبهاه مـن وطـن شريـف
فلما دخل معاويه عرفته احدى الوصيفات بما قالت ميسون فقال: ما رضيت ابنة بحدل حتى جعلتني علجا عنوفا؟ هي طالق ثلاثا. ثم سيرها الى اهلها في نجد .