المشاركات الشائعة

الأربعاء، 12 يناير 2022

عند الخضار

 

عند الخضار
التقيته اليوم عند خضار قريب كنت انوي شراء بعض الخضراوات للبيت ورغم غلاء الأسعار فقد كانت الجلسة مميزة..
أمسك بي حتى تسمرت في مكاني وراح يحدثني في أمور كثيرة ؛ عن غلاء المعيشة وعن تعقد الحياة عكس ما كانت عليه سابقا ولكنه أكد لي أن الاحتفال بعام العرب (السنة الأمازيغية عندنا اخواننا الأمازيغ)الآن أحسن فقديما كانت تتبعها أمور أقرب للشعوذة ،ورغم زيادة المصاريف حاليا ولكن الجزائري يحن للزمن الجميل فالعام الزراعي أو الناير هو بمثابة فاتحة خير ولابد أن تكون المائدة مميزة حتى يمنحنا الله عام بركات وعاما من زرع وضرع..
ثم أمسكني ثانية وأنا أهم بالرحيل قائلا:
ماتبقاش مخبلة راها تسلك وماتتفر قا في اللي دار العيب
ماتغرس حتى تزرب ماتصحب حتى تجرب ماتضرب حتى تقرب
ولوح بعصاه عاليا لينهال علي بضربات على الكتف ولكنها خفيفة..واستدرك حتى لا أهرب منه:
كان هناك قائد من القياد في عهد الاحتلال جهة الغرب وقد منَّ الله عليه بأراض شاسعات ومزارع كبيرة وحين مرض حمله أولاده نحو مدينته الأم والتفت وهو يغادر أملاكه قائلا لذريته:
اغرس ودلّي وابني وعلّي وامش وخليّ...
كلنا سنترك هذا السراب ..ثم خرج واثقا أنه غرس المعنى ونثر الحكمة وثبت رسالة لا يدركها إلا مجرب..
كنت أريد أن ابقيه لفترة أطول لكنه اختار أن يرحل واخترت أنا أن أوثق الحكاية حتى لاتضيعها ذاكرتي الضعيفة التي ضيعت وأضاعت الكثير...

الناير في منطقة الشارف

 في افتتاحية بدائرة الشارف حول(يناير ) السنة الفلاحية ونسميه في منطقتنا بعام العرب و هذه كلمة ألقاه الشيخ معتمد الدائرة الإمام الفاضل سي شريط.

تحدث فيها عما يمثله الناير في موروثنا المادي واللامادي وفي وجدان أجدادنا كبداية أو كتقويم فلاحي توجب الحفاظ عليه بعيدا عن ما يجعله يدخل خانة الشركيات وفيها أيضا إحالة لما تمثله (السنة الفلاحية)و ابعادها في التراث الجزائري.

كان الأباء والأجداد في قديم الزمان
يقيدون وقتهم ومواقيتهم بأثار كثيرة في الأرض والسماء، ومنها القطب والمرزم والثريا والعصي واسهيل والبروج وبنات نعش والشولة والنعائم والبلدة والاسعاد والنيسان والعنصرة والاقدام وطلوع الفجر الفجر الكاذب كذنب السرحان والفجر الصادق وبيون الحال والصباح وشروق الشمس والضحى والزوال والقايلة والعصر والعشوة وتصفير الشمس والمغرب والليل والظلمة والشفق والهلال والقمر والبدر والفصول والمحاسيب الخ،،،،،
وكان لديهم أشعار في معرفة ذلك من بينهم شاعر المنطقة الكبير الشيخ سي بوبكر بن صولة يقول : وللاسهيل إذا طلع من غرب وزاح عكسو للمسيان دايم عبارة
وللاالمرزم والثريا والوضاح ،،،،،وللا القطب على يسار الفجارة،،،،
فيهم شعاعي كي نجمة الصباح،،، واللاالزهراء والقمر والقرارة،،،،
هذه نجوم يعرف بها المواقيت كوقت صلاة الفجر وأوقات الليل ويهتدي بها المسافر ليلا
وكان لديهم تسميات خاصة مثل جانبر والناير والمحاسيب وسعد الذابح وسعد بولاع وسعد سعود وسعد الخبية وحروف الطاء وقرة المعزة والحسوم والنيسان والفطيرة وقرة الحلوف والعنصرة والسمايم
وكان لديهم عبارات هادفة منها قولهم جانبر صيف الشتاء
والناير قارح الشتاء يهيج فيه الجمل
وسعد الذابح سعد الكافح هدو صابح
وسعد بولاع هدوا قاع
وسعد السعود يجري الماء في العود وغني يامسعود وسعد الخبايا تخرج المخبية
واذا دخلو الخبايا خلي شعيرك في الضاية
والحساب للشتاء والبرد للرببع
اصبرو يا أعزة برد الربيع تالي واذا ماتو حروف الطاء ميز في اللوطا واذا فاتو الحسوم لوح اكساتك وعوم وللي عارفو مايو وين غادي جايوا ولاتامن الليالي اذا ارطابو ولاتامن العجائز اذا تابوا ولاتامن الفرسان اذا غابوا
واذا دخلوا الليالي أدفى ياقاوي وصبحات مارس وعشوات يبرير واذا ضرب زقددح سحاب من السماء تمسح واذا كانت ورقة الكرمة قد وذن الفار استوى الليل من النهار
والربيع شهرين والثالث لا واذا دخل اشتمبر الشتاء نبر واحرث في اشتمبر ولا تخبر
ولدغات الاغشات سامات واذا دخل مارس عشبة تنوض واخرى تفارص الخ،،،
ولهم تسميات خاصة لشهور السنة القمرية والسنة الشمسية والسنة الميلادية
فاسماء الشهور القمرية
( عاشوراء وشاي عاشوراء والميلود وشاي الميلود وجاد وجماد ورجب وشعبان ورمضان والمحرم الاول والمحرم الثاني وشهر العيد )
وأسماء الشهور الشمسية( الناير وفرار ومارس ويبرير ومايو ويونه ويولز وغشت واشتنبر وتوبر ونونبر وديسمبر) وأسماء الشهور الميلادية
( جانفي فيفري مارس افريل ماي جوان جويلية اوت سبتمبر اكتوبر نوفمبر ديسمبر جانفي )
كذلك الفصول لها بداية وتقييد خاص فالسنة القمرية تبدأ بيوم واحد من شهر المحرم عاشوراء
والسنة الشمسية تبدأ بيوم واحد من من شهر الناير ،
والسنة الميلادية تبدأ بيوم واحد من شهر جانفي، وعلى ذكر المواقيت هنا أقول ان منطقتنا في القديم كان أهلها يعتنون كثيرا بمصنف السوسي وهو أشهر ما كتب في المواقيت وعليه
فالسنة التي كان عليها الاباء والاجداد يسمونها السنة الفلاحية وتبدأ من دخول الناير والناير عندنا يوم الرابع عشر من شهر جانفي وفي هذه السنة عامنا الفلاحي يبدأ بيوم الجمعة الرابع عشر جانفي
وكان لدى الأباء والأجداد ليلة العام عادات حسنة تدخل في حيز التفاؤل بعام خصب صابة ملئ بخيرات الأرض ،هذا هو بااختصار مفهوم العام عند أوائلنا وليس لهم طقوسات تعبدية ابتدعوها لا وألف لا ،
ليلة العام يسمونها ليلة الطعام أيام أن كان الطعام نادرا ولايوجد الاعند قليل من الناس
لما تجي ليلة العام يفرح الرعاة والاولاد والفقراء والمساكين ويقولون( الليلة العام نشبعوا طعام) لأن من عادة الأثرياء الموالين والفلاحين أنذاك أيام المحنة الأستدمارية التجويعية يفتحون المطامير المخزن فيها القمح والشعير ويوزعون منه اي القمح على الجيران والفقراء والمساكين وكذلك يفتحون أواني الدهان ويوزعون على جيرانهم لأن الدهان في زمانهم والصوف والحليب واللبن حرام بيعه عيب على الفلاح والموال يبيع الدهان والصوف والفريسة يعني الشاة اذا مرضت وذبحها مالكها تسمى فريسية لم يبيعو لحمها يوزعونه على السماط ( السماط هو مجموعة من الخيم يقيمون مع بعضهم متجاورين )
هذه هي عادتهم وللتذكير كان عامهم بالطعام والدهان فقط لافروج ولادجاجة
ويبدلون أثافي الكانون المناصب يجددونها تفاؤلا لا اعتقادا فيها بل من باب التفاؤل بالخير فقط ويحضرني في هذا ما سمعناه ممن عاصرو فقيه المنطقة مفتي اهل الشارف في زمانه الشيخ سي محمد قحضاب عبداللاوي رحمه الله ولما نقول فقيه أو مفتي حسب ما يحمله في صدره من علم فلقد كان يحفظ كتاب الشيخ خليل رحمه الله فيه اربع مجلدات يحفظه سي قحضاب عن ظهر قلب ويحفظ صحيح مسلم عن ظهر قلب ويحفظ الاجرومية والكفراوي في النحو والصرف ويحفظ القران وله اطلاع واسع في فهم الشريعة قالوا كان سي قحضاب قاطن أي حاط ساكن مع جماعة من بني اعمامه وفي ليلة عام من الاعوام خرج اصحاب اسماط اي الرجال يجرون الى العرقوب او البطحاء يلتقتطون حجارة جديدة مناصب الكانون فجرى معهم سي محمد قحضاب وحمل ثلاث حجرات فقال له أحدهم يانعم سيدي هذا الفعل مذكور في الكتاب؟ أتدرون بماذا أجابه فقيه وحكيم عصره ،؟،
قال له يابني هاو محمد قحضاب أحاط بجميع الكتب انا لم احط بكل ماكتب ،نحن وجدنا منهم أفضل منا يفعلون من أجل الفال فقط يتفاؤلون وهذا ليس فرضا ولاسنة وانما من باب العوايد الحسنة
وما كان من الحسن فهو حسن وماكان من العادات السيئة فهو سئ ، رحمة الله على العلماء والحكماء
ومفهومنا الذي قصدنا تصحيحه هو:
ان أهل منطقتنا لم يفعلوا في هذه الليلة مايخالف شرع الله أبدا ولم يشرعوا لأنفسهم او للناس عبادة خاصة ليلة العام ولم يعظمو هذه الليلة بأي نوع من التعظيم
ولم يعتقدو أنها مثل عيد الفطر وعيد الاضحى ابدا
فقد كانت لهم عادات حسنة تفاؤلية
وماكان خلاف ذلك فهو باطل لاأصل له
إن العام عندنا فآباؤنا يطعمون الطعام في بيوتهم لأسرهم فقط ويتصدقون بالقمح من المطمورة التي يظهرونها أي يفتحونها ليلة العام ويوزعون الدهان فقط ولاينبئك مثل خبير ، هذا عام شمسي فلاحي عندنا
وليس بعيد مأمور به والسلام عليكم ورحمة الله
الكلمة منقولة من صفحة صديق..

كابوس

 كابوس

نمت متأخرا ، أنشد راحة وأحلاما سعيدة بمناسبة هذا الناير الطيب والذي دأب أجدادنا الإحتفال به كعام فلاحي ،تيمنا بالسلف وطلبا للخير الوفير والكثرة في الزرع والوفرة في الضرع..
وفي نومي العميق هاجمني كابوس ،أصبح تنفسي معه صعبا ،وأنيني يتعدى داخلي..
رأيت أن هذا الوطن داهمه التعصب فأصبح كل عرق بما لديه فرح ،بل تعداه فأصبحت حرب إبادة أثنية كما حدث في لبنان..فرأيت الموت والتشرد والحرائق والإبادات وأعلام كثيرة ترفع..
وقفت في كابوسي ذاك
وأنا أرى صوملة ولبننة البلاد ،ولا أحد يدري ماحل في لحظة وفتنة دبرت بليل..أسمع جهة تصرخ :
-عودوا من حيث جئتم ..عودوا لليمن ونجد..فالجزائر أمازيغية والمغرب كله أمازيغي..
وسمعت الجهة الأخرى تصرخ:
-الجزائر عربية والمغرب سيبقى عربيا..
وبين هؤلاء وهؤلاء كنت أسمع صوتا هامسا بالفرنسية يؤجج الفتنة ويمول هؤلاء وهؤلاء بالسلاح ويزرع الموت...
نهضت والعرق بللني وريقي نشف وصدري من هول ما رأيت يصعد وينزل ،شربت ماء ثم طفقت أغطي أبنائي وكأني أغطي كل أبناء وطني بل كل أبناء أمتي؛فالأمة هي ما جمعها الاسلام لاما جمعها العرق..