المشاركات الشائعة

الاثنين، 28 فبراير 2011


قصة الخادم الفصيح

حدّث أبو العيناء قال:‏ ‏ كان سبب خروجي من البصرة وانتقالي عنها أنني مررت يومـاً بسوق النخـّاسين، فرأيتُ غلامـاً يـُنادَى عليه وقد بلغ ثلاثين ديناراً، فاشتريته.‏ ‏ وكنت أبني داراً، فدفعتُ إليه عشرين ديناراً على أن ينفقها على الصناع، فجاءني بعد أيام يسيرة فقال:‏ ‏ قد نفدت النفقة.‏ ‏ فقلت: هاتِ حسابك!‏ ‏ فرفع حسابـاً بعشرة دنانير. قلت: أين الباقي؟‏ ‏ قال: قد اشتريت به لنفسي ثوبـاً.‏ ‏ قلت: من أمرك بهذا؟‏ ‏ قال: لا تعجل يا مولاي، فإن أهل المروءة لا يعيبون على غلمانهم إذا فعلوا فعلاً يعود بالزَّين على مواليهم!‏ ‏ فقلت في نفسي: أنا اشتريت الأصمعيّ ولـَمْ أَعلم!‏ ‏ وكانت هناك امرأة أردت أن أتزوجها سرّا من ابنة عمي. فقلت له يومـاً:‏ ‏ أفيك خير؟‏ ‏ قال: إي لعمري.‏ ‏ فأطلعته على الخبر. فقال: أنا نـِعم العـَون لك.‏ ‏ فتزوجتُ المرأة ودفعتُ إليه ديناراً، وقلت له:‏ ‏ اشترِ لنا به بعض السمك الهازبي.‏ ‏ فمضى ورجع وقد اشترى سمكـاً من صنف آخر. فغاظني ذلك وقلت:‏ ‏ ألم آمرك أن تشتري من السمك الهازبي؟‏ ‏ قال: بلى، ولكن الطبيب أبقراط كتب يقول إن الهازبي يولـِّد السوداء، وهذا سمك أقل غائلة!‏ ‏ فقلت: يا ابن الفاعلة! أنا لم أعلم أني اشتريت جالينوس!‏ ‏ وقمتُ عليه فضربته عشر مقارع. فلما فرغتُ من ضربه أخذني وأخذ المقرعة وضربني سبع مقارع، وقال:‏ ‏ يا مولاي، الأدب ثلاث، والسـَّبـْع فضل، وذلك قصاص، فضربتك هذه السـَّبع خوفـاً من القصاص يوم القيامة!‏ ‏ فغاظني هذا، فرميته فشججته، فمضى من وقته إلى ابنة عمي، فقال لها: يا مولاتي، إن الدّين النصيحة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: مـَنْ غـَشـَّنا فليس منا. وأنا أُعـْلمك أن مولاي قد تزوج فاستكتمني، فلما قلت له لا بدّ من تعريف مولاتي الخبر ضربني وشجـّني.‏ ‏ فمنعتني بنت عمي من دخول الدار، وحالت بيني وبين ما فيها، فلم أر الأمر يصلح إلا بأن طلقت المرأة التي تزوجتها.‏ ‏ وقلت في نفسي: أعتقه وأستريح، فلعله يمضي عني.‏ ‏ فلما أعتقته لزمني وقال:‏ ‏ الآن وجب حقـُّك عليّ.‏ ‏ ثم إنه أراد الحج، فجهـّزته وزوّدته وخرج. فغاب عني عشرين يومـاً ورجع. فقلت له:‏ ‏ لـِمَ رجعت؟‏ ‏ فقال: فكرت وأنا في الطريق فإذا الله تعالى يقول: (ولله على الناس حـِجّ البيت من استطاع إليه سبيلاً)، وكنتُ غير مستطيع، وفكرت فإذا حقك أوجب، فرجعت!‏ ‏ ثم إنه أراد الغزو، فجهـّزته، فلما غاب عني بعتُ كل ما أملك بالبصرة من عقار وغيره، وخرجت عنها خوفـاً من أن يرجع! 
من كتاب “المنتظم في تاريخ الملوك والأمم” لابن الجوزي

الأربعاء، 23 فبراير 2011


إخوانيات علي قوادري
       ــــــــــــــــــــــــ1 ــــــــــــــ


نون وما يشتهي حرفي وما سردا=ويرقم الشعر درًّا حيثما وردا
رسما على شرفة الأقلام مبتهجا=الليل والنجم في الدارين قد سجدا
لا ظل وارفة أوراقه سئمٌ=صباحك المرتجى والشاي قد برُدا
بالشعر كان اللقا يسقي مرابعنا=أدندن البيت في الأرجاء مرتعدا
حولي رفاق وصحب كنت مفتخرا=بلمَّةٍ نلتقي في المنتدى أبدا
نور الصباح سلام اختنا علنًا=أهديك بعض قصيد ماس مُنْفَرِدا




 ـــــــــــــــــــــــــــــــ2 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





صغت القصيد ..مدادي جاء معتنقا=دفء المشاعرياخلاّن واستبقا
قوس الصداقة يحوينا وأفئدة=إيمانها قد أنار المنتدى ألقا
لا حزن يسري بنا أحلامنا فرحٌ=ما ينتهي يقتل الأوجاع والقلقا
شوقا يجيء عناق الشعر مُرْتَجَلاً=اليوم نُسْمِعُ طوعا الشمس والأفقا
عاش الرفاق وعاش الشعر يُطْرِبُنا=روائعا تسكن الوجدان والورقا
صدق المشاعر سلام اختنا أبدا=أنا أخ نظم الأوزان قد صَدَقَا





 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ3 ــــــــــــــــــــــــــــــــ



سرّ الكلام جمال الحرف ماارتفعا=رويْته ثملا بالصدق فاندفعا
الشعر قافية في بحرها لُجَجٌ=لامستها خجلا ها ترسم الوجعا
همس الأنا الكلم الهادي يعلِّمُنا=معنى اللقاء مع الأصحاب مجتمعا
ساءلْتها أين (تيته رحمه) وجلاً=تحكي لنا تقرأ الأسرار والودعا
بِضِحْكةٍ سافرتْ بين الرؤى أمَلاً=دامت لها خالقي سبحان من شفعا
وقال حمْدًا لِرَبِّ الكون قاطبةً=روحا وقلبا وصلَّى طائعا وَرِعا
هذا ختام كلامي أختنا فعمي=سرّ الهموس مساءً قلْتُ ما نَبَعَا






ــــــــــــــــــــــــــــــــ4 ــــــــــــــــــــــــــــ





ريمٌ على سفح صحراءٍ هنا عبَرَا=يجري ورمْل القصيد اليوم قد كبُرَا
من مَرْبَدِ الشعر باح الشعر في جملٍ=الشعر دوما يجي الأوطان منتصرا
لنا بهاءٌ لنا الأفكار راقصة=صبحا ..مساءً وصحبٌ كان مُنْتَظرا
أقول والكلمات الحالمات معي=رأيت من كتب الماضي ..من افتخرا
ياريم ما لِلصَّحاري تشتهي بلَحًا= هيهات ننسى هنا شخصا وإن صغُرا
سلامنا أختنا ريم الفلا رُطَبًا=جئناك بالشعر فجرًا يحمل المطرا






ــــــــــــــــــــــــــــ5 ـــــــــــــــــــــــــــــــــ





أمَّا ادونيس بالأشعار كان رسا=عهدته شاعرا مُسترسِلا سلِسَا
وصوته يرتقي حين اللقا طربا=يشدو بإلقائه ينثال ما همسا
يافارس القول زِدْ يا شاعرا ولِهًا=سال القصيد هنا حيَّاك وانبجسا
 سلامنا صاحبي يسقيك سوسنة=زدْنا بهاءً وزدْنا شاعري هَوَسَا
أنت الجمال يُناغي روحنا مَلََكاً=أنت اللحون بِصِدْقٍ تزدهي جرسا
مساؤك الوَرْدُ والريحان منزلة=يزهو القصيد رؤىأنّى جرى ورسا


ــــــــــــــــــــــ6ــــــــــــــــــــــ



عدلان يا مانح الإخاء مانزلا=دام الخليل يناجي..يكْسر المللا
 لأنّك الأخ أهلا جئت ياقمرا=أهلا نزلْتَ صديقا صادقا رجلا
نؤمّ كشكولك الممتاز قافلة=من عاطر الشعر منظوما ومُرْتَجلا
الخير يغمرنا ها نلتقي وطنا=وأمّة وحدة نشدوا بها دولا
بالشعر تزدهر الأزمان شاهدة=على لقا يرسم الأحلام والأملا
عدلان أهديك بعض النبض مزرعة=بالحب تفّاحها المعطاء قد ثملا

سلامنا صاحبي يلقاك مبتهجا=ندعو الإله سما من فوقنا وعلا

ــــــــــــــــــــــــــــــ7ــــــــــــــــــــــــــــــ



عزفْتَ ياعمر الشيبي لنا دُررا=من لاعجٍ ومن الأشعار ما أسرا
ربيعنا حالمٌ ينداح سنبلة=نافورة تُرْقِصُ الأزهار والمطرا
شذا قصيدك أسرى ناقشا صورا=ياشاعر البدو هات النايَ والوترا
بك الليالي تضيئ الرمل حالمة=تنادم الشايَ والأقوال مقتدرا
سألت حبّات رمْلٍ عنك تائهة=وأردن  الحبّ والخيل والقمرا
سألْتُ قافلة الألحان عابرة=خِلّي وأيناه قد ناديْتُ ما حضرا
سلامنا لك يا من تاه مبتعدا=أيناك وأين صوت يعشق السمرا

ــــــــــــــــــــ8ــــــــــــــــــــــــــــ




شربتُ خمر المعاني شامخا نَهمِا=هي القصيدة تذوي ..تكسر الصنما
باسم الصداقة كان الصدق يجمعنا=والحبُّ قافية تمضي بنا قُدُما
نشتاق لقياك صوتا دافئا عبِقاً=مهما نسير سنشتاق اللقا ..قسما
حسبي سؤال الذي يشدو لنا فرحا=ملحونه سادر المعنى علا وهمى
ندعوك يا صاحبي سار الرفاق معا=ندعوك كيف يصير القلب منفصما
شهبون ياصاحبا نشتاقه أبدا=سلامنا عاشق الأوزان قد وُشِما
نشتاقك اليوم في أشعارنا أدبا=فالقلب من رطب الأحباب ما فُطِما