المشاركات الشائعة

السبت، 9 أغسطس 2025

خلاصة كتاب أفيون المثقفين
تاليف :ريموند آرون
المترجم : عادل زيتوني
الناشر : المكتبة الأهلية - بيروت
تاريخ النشر : 1962
تاريخ نشر الكتاب بالفرنسية : 1955
L'Opium des intellectuels، Raymond Aron 1955
مقدمة
تحفة ريموند آرون عام 1955 أفيون المثقفين، هي واحدة من أعظم أعمال التفكير السياسي في القرن العشرين. يوضح آرون كيف يمكن للأفكار النبيلة أن تنزلق إلى طغيان الدين العلماني ويؤكد كيف أن الفكر السياسي يتحمل مسؤولية عميقة في إخبار الناس. الحقيقة حول الواقع الاجتماعي والسياسي - بكل عيوبه الدنيوية وتعقيداته المأساوية. يفجّر آرون الأساطير الثلاثة للفكر الراديكالي: اليسار، والثورة، والبروليتاريا. ويوضح آرون أن كل واحدة من هذه الأفكار هي أيديولوجية ومحيرة وليست مضيئة. كما أنه يقدم علم اجتماع رائع للحياة الفكرية وفكرة قوية نقد الحتمية التاريخية في النثر الكلاسيكي المقيد الذي اشتهر به بحق
الفكرة الرئيسية
كتاب "أفيون المثقفين" هو نقد لاذع للمثقفين الفرنسيين في منتصف القرن العشرين، خاصة أولئك الذين تبنوا الماركسية والأيديولوجيات اليسارية المتطرفة بشكل دوغمائي. يقلب آرون مقولة ماركس الشهيرة "الدين أفيون الشعب"، معتبرًا أن الماركسية أصبحت "أفيون المثقفين"، حيث يراها دينًا علمانيًا يعيق التفكير النقدي ويبرر الجرائم السياسية باسم أهداف مثالية. يركز الكتاب على تفنيد "الأساطير" الأيديولوجية (اليسار، الثورة، البروليتاريا) وينتقد نزعة المثقفين لتفضيل الأفكار المثالية على الواقع العملي، مع الدفاع عن قيم الديمقراطية الليبرالية والتفكير العقلاني. يدعو آرون إلى مسؤولية الفكر السياسي في قول الحقيقة عن الواقع الاجتماعي والسياسي بكل تعقيداته، بدلاً من الانجراف وراء الأوهام الأيديولوجية.
فصول الكتاب مع شرح لكل فصل، ينقسم الكتاب إلى خمسة فصول رئيسية (مع أقسام فرعية)، ويغطي مواضيع مترابطة تتناول الأساطير السياسية، الحتمية التاريخية، وعلاقة المثقفين بالسياسة والثقافة.
1-الفصل الأول:
اليسار واليمين
ينتقد آرون الأساطير الأيديولوجية المرتبطة باليسار واليمين، مركزًا على "خرافة اليسار" التي يراها تصورًا مثاليًا يبالغ في تمجيد التقدمية دون النظر إلى عيوبها. يناقش "خرافة الرجعية" التي تُصور اليمين كمعرقل للتقدم، ويبرز عدم ارتباط القيم السياسية بصورة مطلقة باليسار أو اليمين. يستخدم آرون مفهوم "الديالكتيك" لتحليل النظم السياسية، مشيرًا إلى الفجوة بين الفكرة الأيديولوجية والواقع العملي. يهدف إلى تفكيك التبسيطات الأيديولوجية التي تجعل المثقفين يتبنون مواقف متطرفة دون تقييم نقدي.
الأقسام الفرعية:
خرافة اليسار: نقد الإيمان الأعمى باليسار كرمز للتقدم.
خرافة الرجعية: تحليل الصورة النمطية لليمين.
عدم ارتباط القيم: التأكيد على أن القيم السياسية ليست حكرًا على تيار واحد.
ديالكتيك النظم: دراسة التفاعل بين الأنظمة السياسية.
الفكرة والواقع: إبراز الفجوة بين النظريات المثالية والتطبيق العملي.
2-الفصل الثاني: الثورة والتغيير
يتناول آرون "خرافة الثورة"، وهي الفكرة التي تُمجد الثورات كحلول جذرية للمشكلات الاجتماعية. يميز بين الثورات الحقيقية والانقلابات، وينتقد نفوذ فكرة الثورة كأسطورة تُغذي العنف والفوضى. كما يركز على "أسطورة البروليتاريا"، مفندًا الاعتقاد بأن الطبقة العاملة هي القوة التاريخية الحتمية للتغيير. يرى أن التحرر النظري (كما في الماركسية) لا يتطابق مع الواقع، ويؤدي إلى "بلادة" في التفكير السياسي بسبب التمسك بالأوهام الأيديولوجية.
الأقسام الفرعية:
خرافة الثورة: نقد الإيمان الرومانسي بالثورات.
الثورة والثورات: التفريق بين الثورات الحقيقية والمغامرات السياسية.
نفوذ الثورة: تحليل تأثير فكرة الثورة على المثقفين.
الثورة والانقلاب: إبراز الفروق بين التغيير الجذري والاستيلاء على السلطة.
أسطورة البروليتاريا: نقد التصور الماركسي للطبقة العاملة.
تحديد معنى البروليتاريا: إعادة تعريف دور البروليتاريا واقعيًا.
التحرر النظري والامتلاك: نقد فكرة التحرر الماركسي.
البلادة في التحرر: إبراز القصور الفكري في الأيديولوجيات التحررية.
3-الفصل الثالث:
السياسة والتاريخ
يناقش آرون العلاقة بين السياسة والتاريخ، مركزًا على كيفية تأثير الأيديولوجيات على فهم التاريخ. يحلل "معنى التاريخ" من منظور نقدي، مفندًا فكرة وجود غاية تاريخية حتمية (كما في الماركسية). يركز على "جماعية الماضي" و"الوحدات التاريخية" لإظهار تعقيد التاريخ بعيدًا عن التبسيطات الأيديولوجية. كما ينتقد التعصب الناتج عن الإيمان بالروايات التاريخية المثالية، داعيًا إلى فهم أكثر واقعية للتفاعلات السياسية والتاريخية.
الأقسام الفرعية:
التفاعل السياسي: تحليل ديناميكيات السياسة في سياق التاريخ.
معنى التاريخ: نقد فكرة الغاية التاريخية الحتمية.
جماعية الماضي: دراسة التاريخ كتجربة جماعية معقدة.
الوحدات التاريخية: تحليل الكيانات التاريخية (مثل الأمم).
غاية التاريخ: تفنيد الاعتقاد بوجود هدف نهائي للتاريخ.
التاريخ والتعصب: نقد التعصب الناتج عن الروايات الأيديولوجية.
4-الفصل الرابع: الحتمية التاريخية
يفحص آرون مفهوم الحتمية التاريخية، وهو الاعتقاد بأن التاريخ يسير وفق قوانين حتمية (كما في الماركسية). ينتقد "خدمة الضرورة والحتمية"، معتبرًا أنها تبرر القمع باسم المستقبل المثالي. يسخر من "حتمية الحظ"، ويبين أن التنبؤات التاريخية غالبًا ما تكون وهمية بسبب تعقيد الواقع. يدعو إلى "السيطرة على التاريخ" من خلال التفكير العقلاني بدلاً من الانجراف وراء التنبؤات الأيديولوجية.
الأقسام الفرعية:
خدمة الضرورة والحتمية: نقد الإيمان بالحتمية كتبرير سياسي.
حتمية الحظ: إبراز العشوائية في التاريخ مقابل التنبؤات.
التنبؤات النظرية: تفنيد الأسس النظرية للتنبؤات الأيديولوجية.
التنبؤات التاريخية: نقد التنبؤات المستندة إلى الحتمية.
السيطرة على التاريخ: دعوة إلى التفكير النقدي لفهم التاريخ.
الفصل الخامس:
الثقافة والسياسة
يركز آرون على علاقة المثقفين بالسياسة والثقافة، ناقدًا نزعتهم لتبني الأيديولوجيات على حساب الواقع. يطرح سؤال "من هو المثقف؟"، محددًا إياه كشخص يميل إلى مقارنة الواقع بالمثاليات بدلاً من مقارنته بواقع آخر. ينتقد "فردوس المثقفين"، وهو الأوهام الأيديولوجية التي يسعون إليها. يحلل علاقة المثقفين بوطنهم، مشيرًا إلى تناقضهم في نقد الديمقراطيات بحدة بينما يتسامحون مع جرائم الأنظمة الشمولية. يتناول أمثلة مثل المثقفين الإسبان والأفارقة، ويبرز الخلافات داخل السياق الفرنسي.
الأقسام الفرعية:
المثقفون ووطنهم: نقد تناقض المثقفين في نقد أوطانهم.
من هو المثقف؟: تعريف المثقف كمن يقارن الواقع بالمثاليات.
السياسة والمثقفون: تحليل دور المثقفين في السياسة.
فردوس المثقفين: نقد الأوهام الأيديولوجية.
حجم المثقفين: مناقشة تأثيرهم في المجتمع.
المثقفون وأيديولوجياتهم: تحليل تبنيهم للأيديولوجيات.
العوامل الرئيسية: دراسة العوامل التي تؤثر على مواقف المثقفين.
الخلافات على صعيد الوطن الواحد: أمثلة على الصراعات الفكرية.
المثقفون الإسبان – الأفارقة والملل الفرنسي: دراسات حالة.
الاستقبال النقدي
إيجابي:
يُعد الكتاب من الأعمال الرئيسية في القرن العشرين، حيث قدم نقدًا قويًا ومؤثرًا للأيديولوجيات اليسارية المتطرفة، خاصة الماركسية، وساهم في فضح تناقضات المثقفين الذين يبررون الشمولية.
أسلوبه الأنيق والعقلاني، مع تحليلاته العميقة للأساطير السياسية والحتمية التاريخية، جعله مرجعًا أساسيًا في علم الاجتماع والفلسفة السياسية.
مقدمة هارفي مانسفيلد في الإصدارات الحديثة، إلى جانب مقال آرون "التعصب، الحكمة، والإيمان"، عززت من أهمية الكتاب المستمرة في مواجهة الأيديولوجيات الدوغمائية.
ألهم الكتاب نقاشات حول مسؤولية المثقفين، وما زال يُستخدم لفهم نزعات التفكير الدوغمائي في العصر الحديث.
سلبي:
يرى بعض النقاد أن آرون قدم تعريفات مبسطة أو "سترومان" للماركسية، مما قلل من قوة نقده، حيث تجاهل بعض الأسباب الاجتماعية والاقتصادية التي أدت إلى صعود الشيوعية في أوروبا.
الكتاب يركز بشكل مفرط على السياق الفرنسي في الأربعينيات والخمسينيات، مما يحد من شموليته، خاصة أنه أغفل تأثير ثقافات أخرى مثل الأنجلو-أمريكية.
أسلوبه الأكاديمي الكثيف قد يكون صعبًا على القراء غير المتخصصين، مما يجعله أقل جاذبية للجمهور العام.
يُنتقد آرون لميله إلى الدفاع عن الديمقراطية الليبرالية بشكل غير نقدي في بعض الأحيان، مما قد يُنظر إليه كتحيز مضاد لليسار.
نبذة عن المؤلف
ريمون آرون (1905-1983) فيلسوف وعالم اجتماع وصحفي ومفكر سياسي فرنسي، يُعد من أبرز المثقفين الفرنسيين في القرن العشرين. وُلد في باريس لعائلة يهودية علمانية، ودرس في المدرسة العليا للأساتذة (École Normale Supérieure)، حيث تعرف على جان-بول سارتر، الذي أصبح لاحقًا خصمه الفكري. حصل على الدكتوراه في فلسفة التاريخ عام 1930. خلال الحرب العالمية الثانية، انضم إلى قوات فرنسا الحرة في لندن، وساهم في تحرير صحيفة "فرنسا الحرة". بعد الحرب، عمل صحفيًا في صحيفة "لو فيغارو" لمدة ثلاثين عامًا، ثم في "ليكسبريس"، وأسس مجلة "كومنتير" عام 1978. اشتهر آرون بنقده للأيديولوجيات الشمولية، خاصة الماركسية والستالينية، ودفاعه عن الليبرالية المعتدلة. من أبرز أعماله الأخرى: "السلام والحرب" و**"التيارات الرئيسية في الفكر الاجتماعي"**. كان صوتًا عقلانيًا يدعو إلى الاعتدال السياسي، وأثر على أجيال من المفكرين على طرفي اليمين واليسار. توفي في باريس عام 1983 إثر نوبة قلبية.
خلاصة نهائية
"أفيون المثقفين" عمل فكري بارز يقدم نقدًا عميقًا لدوغمائية المثقفين الفرنسيين في منتصف القرن العشرين، خاصة إيمانهم الأعمى بالماركسية كدين علماني. من خلال خمسة فصول، يفكك آرون الأساطير الأيديولوجية (اليسار، الثورة، البروليتاريا)، وينتقد الحتمية التاريخية، ويحلل علاقة المثقفين بالسياسة والثقافة، مبرزًا تناقضهم في نقد الديمقراطيات بينما يتغاضون عن جرائم الأنظمة الشمولية. يدافع عن قيم الديمقراطية الليبرالية ومسؤولية الفكر السياسي في مواجهة الواقع بعقلانية. رغم تركيزه على السياق الفرنسي وصعوبة أسلوبه للقراء غير المتخصصين، يبقى الكتاب مرجعًا أساسيًا لفهم مخاطر الأيديولوجيات المتطرفة ودور المثقفين في المجتمع. تأثيره المستمر يعكس قدرته على تقديم دروس عابرة للزمن حول ضرورة التفكير النقدي والاعتدال السياسي.
May be an image of book and text
All reactions:
728
منقول

الخميس، 24 يوليو 2025

 موجات الهجرة العربية إلى شمال إفريقيا

في سنة 441 هـ الموافق 1049م تدفقت أمواجا عاتية من القبائل البدوي العربية نحو إفريقية من قلب الجزيرة العربية فعبروا نهر النيل الذي يعتبر نهاية العتبة للمدخل الرئيسي لبلاد المغرب شاهرين سيوفهم و رماحهم و ممتطين صهوات خيولهم و إبلهم شعارهم الخشونة و العنف فدخلوا مدن برقة و واحتها زويلة و اوجلَة وأجْرَابية و ودَّان و لَبْدَة و سرت و غير ذلك من مراكز ليبيا. و يقول صاحب العبر فعاثوا في البلاد و أظهروا الفساد و تنادوا بشعار الخليفة المستنصر الفاطمي. و نلاحظ أن بني هلال في زحفهم هذا لم يتقيدوا بأية خطة مرسومة مسبقا من خطط الغزو المنظم الذي يكون مدعما بفتح الجبهات و ضرب الحصارات و إنما هو التقدم المتواصل للجماعات و القبائل و العشائر. و الزحف المتراجع الذي يتبع بعضه بعضا كلما تقدمت أسراب تلتها أخرى جماعة تدفع جماعة و موجة تكتسح أخرى يشنون الغارات الخاطفة و يغيرون على البلدان الواقعة في طريق زحفهم يفضلون الخطوط السهلة فوق الأراضي المفتوحة و السهول المنبسطة معرضين عن المرتفعات و الجبال الشاهقة مثل الجبل الأخضر و كتلة الأوراس و الكتل الأطلسية فلم يسيروا في زحفهم هذا على الطريقة العسكرية التي تستعمل قوتها و مكيدتها و استراتيجيتها الخصوصية للوصول إلى هدفها.
و يمكن تقسيم أصحاب هذا الزحف الغريب و الفريد في نوعه إلى أربعة أفواج متلاحقة تتسم كلها بالبداوة و الخشونة مع العدو و الصديق. و بالفرقة و النفور فيما بين قبائلها و عشائرها و بعدم الخضوع و الانقياد لرؤسائها. و هاته الأفواج الأربعة التي جمعها الرواة و أرجعوها إلى أصل واحد يسمى عرب الحجاز أو العرب العدنانية . هي بطون بني هلال بن عامر صعصعة بن معاوية التي تتفرع إلى فروع ثلاثة كبرى أثبج و رياح و زغبة تضاف إليها فرق أخرى دخلت في زمرتها لسبب أو لآخر. و بطون جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور و كان التقدم في هاته البطون للأثبج الذين يشكلون أحياء غزيرة من الهلاليين الداخلين الى الشمال الافريقي و بطون بني معقل الذين سنتعرف عليهم بعد الانتهاء من الحديث عن العدنانيين. و بطون بني سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان الذين استوطنوا أولا بليبيا و أخيرا بتونس
* الفوج الأول: الهلاليون
هو فوج جماعة بني هلال و فيهم بطون كثيرة مثل رياح و زغبة و أثبج و قرة و عدي و ربيعة و يضاف اليهم فصائل أخرى كثيرة قد التحمت بهم و اندرجت تحت اسمهم و ذاك مثل غطفان و جشم و سلول و غير ذلك. و قد كانت الرئاسة عند دخولهم لإفريقية في الاثبج الذي سنتعرف عليهم في الفوج الثاني و قد كان فوج الهلاليين أكثر الأفواج عددا و أعزها سلطانا و اشدها نكاية و أيسرها ذكرا. ورقد كان في جماعة البدو كلها بمنزلة القطب من الرّحى، فهو الذي اضطلع بمحاربة الزيريين و الحماديين، و ألجأ ملوكهم الى الفرار بأنفسهم من العواصم الداخلية إلى المدن الساحلية، و هو الذي خاض المعارك الحاسمة و انتصر فيها ممهدا الطريق لانتشار العرب البدو في دواخل إفريقية..
و في سنة 1051/443 ظهرت في الجنوب التونسي الفرق الأولى لهذا الفوج مصحوبة بعيالها و خيامها و إبلها و ماشيتها، فاستعد المعز بن باديس الصنهاجي ملك البلاد لمقاومة هجومهم . و أمده أبناء عمه أمراء بني حماد أصحاب القلعة بألف فارس . و المنتصر بن خزرون المغراوي أمير زناتة الذي كان منتجعا بصحراء تونس بمثلها و حشد المعز من قبائل البربر و عرب الفتح الأول و الخدم جموعا كثيرة حتى اجتمع له من هاته العناصر كلها ما يناهز ثلاثين ألف مقاتل و لكي يعطي لهذا الحشد العظيم معنى يليق به تولى القيادة بنفسه فخرج لمصادفة العرب بنفسه و قد كان اللقاء بين الفريقين بمحل قرب جبل حيدران الواقع بالجنوب الشرقي التونسي على الجادة الكبرى التي تصل القيروان بمدينة قابس و يعرف الآن باسم ودران. و انتهت المعارك بسحق قوة المعز . و انهزم سلطان القيروان مع كثرة عساكره و قلة من جاءه من الأعراب كما يقول ابن ناجي التنوخي في تعليقه على معالم الايمان للدباغ الأنصاري و قتل الكثير من هاته الجيوش ومن سلم منهم من القتل لم يسلم من النهب. فتراجع المعز إلى القيروان و منها فر إلى تحت حماية أصهاره من العرب إلى المهدية ليستغل أبناء عمومته الحماديين حكام الجناح الغربي لإفريقية و مركزهم قسنطينة و قلعة بني حماد و خاصة الناصر بن علناس الوضع لتوسيع نفوذه في إفريقية. و في سنة 457 هـ اصطدمت حشود الناصر بن علناس بقبائل البدو في فحص سبيبة غرب القيروان و انتهت المعركة بأشنع مما وقع في حيدران حيث قتل في ميدان المعركة شقيقه القاسم بن علناس و ما يناهز أربعة عشر ألفا من جيوشه و تخطفت قبائل البدو الخزائن و المضارب و لم يسعه إلا الفرار في ثلة قليلة من أصحابه ليلتحق بجبل قبيلة صنهاجية تسمى بجاية فأسس بها عاصمته الثانية. و بعد هاته المصائب تدفقت القبائل الهلالية على المملكة و زحفوا في عمق البلاد فيما الأطلسين و نحو النجود الوهرانية.
* الفوج الثاني : الأثبج
اعتبر المؤرخون قبائل الأثبج كفرقة قوية من بني هلال إلا أنها شعبة منفصلة و مستقلة بنفسها، و قد كانت هاته الشعبة تتوفر على بطون كثيرة و قبائل عديدة من ضمنها قبائل الضحاك و مقدَّم و عاصم و مُشرق و لطيف و دريد و كرفة و غير هؤلاء و توحي مواقعهم الجغرافية الأولى بالشمال بأنهم قد وصلوا الى إفريقية بعد الفوج الأول مباشرة ثم اقتسموا معهم السهول قسمة بدائية لا تستند الى معالم صحيحة و لا الى حدود ثابتة و إنما كان ذلك حسب الأسبقية في الغزو و الصدف المتاحة.
و قد حرك هذا العمل العداء التقليدي الذي كان مستحكما بين الشعبتين رغم مرافقتهم في الهجرة من صحراء العرب الى بلاد الشام فمصر و بالتالي شمال إفريقية. و بما أن رياحا كانت زعيمة الفوج الأول فما ذلك إلا لأنها أكثر عددا من الأثبح و أعز نفرا منهم و هذا ما يفسر لنا اتجاه الرياحيين نحو الشمال الذي هو أكثر خصوبة في الأراضي التونسية أولا، و مقاطعة قسنطينة ثانيا. و بذلك لم يبق أمام الأثبج إلا الأراضي الجنوبية فكانت مجالاتها الأولى أمام الجنوب الشرقي لكتلة الأوراس و بعد ذلك اتجه تيارهم نحو الشمال مستهدفين الأراضي الواقعة تحت نفوذ بني حماد غرب تونس فعرضوا صداقتهم و حلفهم على أمراء القلعة و ظاهروهم على الرياحيين، و بما أن الحماديين أصحاب القلعة كانوا يلعبون على الحبلين فقد وجدوا أنفسهم في أمس الحاجة الى هذا الحلف و قبلوه ظنا منهم أن ذلك سينفعهم في صد عادية « رياح » و في الصمود أمام تيارها الزاحف من تونس أو سيُعينُهم على توسيع نفوذهم في الأراضي التي انتزعتها رياح من أبناء عمومتهم الزيريين أصحاب تونس. و لمّا خاب ظنهم و ضعفت قوتهم و قوة حلفائهم أمام «رياح » الزاحفة من تونس تركوا قلعتهم و التجأوا الى جبل بجاية كما بينا سابقا، و حينما استولت « رياح » على مواقع الأثبج بنواحي قسنطينة و المسيلة، اتجه هؤلاء تحت تأثير الضغط نحو الغرب الجنوبي، عبر بلاد النجود الوسطى المعروفة قديما ببلاد الزاب مستهدفين النجود الوهرانية.
* الفوج الثالث : المعقليون أو الخلط
وصلت موجتهم إلى الشمال الأفريقي إثر الأثبج مباشرة و كانوا أقل عددا، و أضعف قوة من الموجتين السابقتين. يقال إنهم لم يبلغوا في تعدادهم المئتين فقط، و إنما كثروا بكثرة من اندمج فيهم من غير نسبهم فإن فيهم من فزارة، و الشجع و غطفان، و من الأثبج و زغبة. وفيهم من العرب الصباح بن الأخضر بن عامر ابن مرداس من رياح، أضف الى ذلك العناصر البربرية كهوارة و غيرها و لكن هاته العناصر كلها قد « تَمَعْقَلَتْ » بفعل الزمان، و لدى دخولهم الى الشمال الافريقي اعترضت مسيرتهم قبائل بني سليم بصحراء ليبيا فأعجزوها وإثر ذلك تحيزوا الى الهلاليين الذين سمحوا لهم بأن تكون المسيرة على هامش الزحف الكبير جنوبا، حتى انتهى بهم المطاف في آخر مواطن زغبة مما يلي نهر ملوية و نجود تافلالت فانتشروا في رمال المغرب الأقصي التي وجدوا فيها مناخا صالحا للنمو الديمغرافي الذي لم يعرف لغيرهم من الأفواج العربية. و قد علمتهم الظروف أن يتعاملوا مع بربر زنانة و غيرهم معاملة الضيف مع المضيف و هذه هي نقطة الافتراق بينهم وبين غيرهم من قبائل العربية الأخرى.
* الفوج الرابع : السليميون
بنو سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر ابن نزار بن معد بن عدنان قبيلة عظيمة تشتمل على عدة عشائر و بطون يمكن حصر أصولها في أربعة و هم : زغب و دباب و هيب و عوف ويتفرع كل أصل منها الى عدة فروع. كانت منازلهم قبل الدخول الى شمال إفريقية بنجد و قد كانوا من المؤيدين الكبار للقرامطة أولا و للفاطميين أخيرا. و حينما طردوا من أرضهم من قبل ولاة العباسيين التحقوا بالصعيد و أجازهم اليازوري الى بلاد إفريقية ، رفقة بني هلال، لكنهم تخلفوا عنهم ببلاد برقة في بداية الأمر و استوطنوا ليبيا أزمنة طويلة، و لم يلتحقوا ببلاد إفريقية إلا في القرن السابع الهجري بعدما هاجرت قبائل هلال سهول القيروان وما يليها فاستوطنوا في تلك الأراضي و امتزجوا بالبربر. و قد التحقت منهم عدة أسر بالمغرب الأقصى ضمن الهلاليين، و المعقليين و لذلك نجد منهم ضمن هؤلاء عدة عناصر ترجع بعروقها الأولى الى بني سليم. و عند إمعان النظر يمكن أن نرى الأسرة ما تزال محتفظة بطابعها القديم ومتميزة ضمن اتحاد كبير كما يشاهد في عناصر الأعشاش، في اتحادية مزاب بين أحمد و عوف في بني مالك بالغرب. كما يمكن أن نجد الأسرة قد تضخمت بكثرة من اندمج فيها أو إنضاف اليها مثل ما وقع في قبيلة أولاد جامع، و بني مسكين والمحاميد الذين ما يزال جمهورهم فيما بين طرابلس و قابس.
* العلوى، التقى: « أصول المغاربة: القسم العربي الهيلاليون بالمغربين الأدنى والأقصى » . البحث العلمي ع 35 (1985): ص 385 - 434.
May be an image of 2 people and camel
All reactions:
90

### *One month before her 95th birthday, Patricia Routledge wrote something that still gently echoes:*
**“I’ll be turning 95 this coming Monday. In my younger years, I was often filled with worry — worry that I wasn’t quite good enough, that no one would cast me again, that I wouldn’t live up to my mother’s hopes. But these days begin in peace, and end in gratitude.”**
My life didn’t quite take shape until my forties. I had worked steadily — on provincial stages, in radio plays, in West End productions — but I often felt adrift, as though I was searching for a home within myself that I hadn’t quite found.
At 50, I accepted a television role that many would later associate me with — Hyacinth Bucket, of Keeping Up Appearances. I thought it would be a small part in a little series. I never imagined that it would take me into people’s living rooms and hearts around the world. And truthfully, that role taught me to accept my own quirks. It healed something in me.
At 60, I began learning Italian — not for work, but so I could sing opera in its native language. I also learned how to live alone without feeling lonely. I read poetry aloud each evening, not to perfect my diction, but to quiet my soul.
At 70, I returned to the Shakespearean stage — something I once believed I had aged out of. But this time, I had nothing to prove. I stood on those boards with stillness, and audiences felt that. I was no longer performing. I was simply being.
At 80, I took up watercolor painting. I painted flowers from my garden, old hats from my youth, and faces I remembered from the London Underground. Each painting was a quiet memory made visible.
Now, at 95, I write letters by hand. I’m learning to bake rye bread. I still breathe deeply every morning. I still adore laughter — though I no longer try to make anyone laugh. I love the quiet more than ever.
**I’m writing this to tell you something simple:**
**Growing older is not the closing act. It can be the most exquisite chapter — if you let yourself bloom again.**
Let these years ahead be your *treasure years*.
You don’t need to be famous. You don’t need to be flawless.
You only need to show up — fully — for the life that is still yours.
*With love and gentleness,*
— Patricia Routledge
May be an image of 1 person
All reactions:
64K